Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر February 8, 2019
A A A
البيان الوزاري بين محاولة التفاؤل وصدمة الوقائع
الكاتب: إلهام سعيد فريحة - الأنوار

تُعرَف الحكومات من شخصية رئيسها ومن “بروفايل” كل وزير فيها ولا سيما وزراء الحقائب السيادية والأساسية ومن بيانها الوزاري الذي ستنال الثقة على أساسه، ولاحقًا يأتي الأداء والسرعة في مقاربة الملفات الحيوية. وفي الختام تُعرَف عبر بيانها الوزاري.

شخصية رئيس الحكومة باتت معروفة، والثقة فيه بيّنتها صناديق الإقتراع.
“بروفايل” كل وزير، منها ما هو معروف، ومنها ما ينتظر ليصبح معروفًا.
الشيء الأساسي هو البيان الوزاري وهو الذي يُفترض ان يكون خارطة الطريق لعمل الحكومة.

البيان يقع في أربع عشرة صفحة، ولا بد من قراءته بتمعُّن لأنه في كل كلمة منه يعني المواطن بالدرجة الأولى.
من أبرز العناوين في البيان الوزاري، ما ورد في الصفحة 4 في الفقرة الثالثة تحت عنوان “تحديث القطاع العام” وجاء فيها ما يلي:
“تجميد التوظيف والتطويع خلال 2019 تحت المسميات كافة (تعاقد، مياوم، شراء خدمات، وما شابه).
نقف هنا لنسأل: ما هذه البشرى لخريجي الجامعات ولطالبي الوظائف، في ظل الانهيار الهائل في التوظيف في القطاع الخاص؟
نحاول ان نكون متفائلين، لكن الوقائع بالأرقام تخذلنا:
في لبنان ما يقارب الـ 35 ألف طالب جامعي يتخرجون سنويًا، ومعظمهم لا يحظى بفرصة عمل لأن لبنان لا يستوعب أكثر من خمسة آلاف فرصة عمل سنويًا، فماذا ستقول الحكومة للثلاثين ألف خريج من سنة 2018 الذين ما زالوا بلا عمل، وللثلاثين ألفاً الذين سيتخرجون هذه السنة وسيبقون بلا عمل؟
حتى الخمسة آلاف فرصة عمل ليست دقيقة، فهناك من يتحدث عن ان فرص العمل السنوية لا تزيد عن ثلاثة آلاف في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

وفرص العمل لا تتعلق فقط بالخريجين بل بلبنانيين معظمهم لا زالوا بعمر يستطيعون ان يعملوا على أقله 15 عاماً قبل سن التقاعد عادوا من الإغتراب لأن الدول التي كانوا يعملون فيها تقلصت فيها أيضًا فرص العمل. ومعظم الذين عادوا لم يجدوا فرص عمل لهم.

ومن المعاناة أيضاً، حجم القطاع العام الذي يبدو انه يتضخم من دون سقوف، ولهذا الحجم قصة تُروى لتُظهر حجم الأستهتار: قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب، سأل المعنيون بهذا الملف عن حجم القطاع العام قبل الإقدام على خطوة إقرار السلسلة، جاء الجواب ان حجم القطاع العام هو في حدود الـ 160 ألف موظف، وان بالإمكان تأمين واردات الزيادات.
حلَّت الكارثة إذ أنه بعد إقرار السلسلة، تبيَّن ان هناك في الدولة اللبنانية ما يتجاوز الـ 300 ألف موظف! نعم 300 ألف… من يتحمل مسؤولية “الخربطة” بالأرقام؟ أي ضُعف ما تم الإقرار به قبل السلسلة، وعليه تضاعفت الكلفة.

هنا يقع المأزق المزدوج:
كيف ستؤمن الدولة الرواتب لهذا العدد الهائل؟
ماذا ستقول لجيش العاطلين عن العمل خصوصًا ان البيان الوزاري يطلب تجميد التوظيف؟

نحاول ان نكون متفائلين، لكن الوقائع تخذلنا.