Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر February 13, 2021
A A A
البطريرك يونان في رسالة الصوم: نحن مدعوون لنعيش فعليا كأبناء لله

وجه بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي اغناطيوس يوسف الثالث يونان، رسالة الصوم الكبير 2021 بعنوان “أريد فاطهر”. قال فيها: “زمن الصوم هو الوقت المقبول الذي فيه يمنح الله مؤمنيه الفرصة للإستعداد للاحتفال بآلامه وموته وقيامته بفرح، متجددين بالروح، لكي ينهلوا من سر الفداء ملء الحياة الجديدة في المسيح، وينعموا بالخلاص الذي تم من خلال سر المسيح الفصحي: لأننا في الرجاء نلنا الخلاص. في زمن الصوم، نمتنع عن تناول بعض الأطعمة، كالانقطاع عن الطعام واللحوم والبياض وسواها، كما نقرن صومنا برفع الصلوات الحارة، والمشاركة في الصلوات الطقسية، وممارسة أعمال الرحمة، والاهتمام بالمحتاجين، من خلال التقشف والتخلي عن بعض الملذات لمساعدة من هم أشد فقرا وعوزا. وهكذا يعود زمن الصوم بكنوزه كل عام، لكي يقدم لنا فرصة جديدة من أجل حياة أفضل ملؤها البركة والخير، والنمو في الفضائل الروحية، والتحرر من المادية المهيمنة في عالمنا. فالصوم هو زمن الجهاد الروحي بامتياز، إنه محطة سنوية للتجدد بالإيمان، من خلال الممارسات التقوية والعودة إلى الذات في سبيل التوبة”.

أضاف: “نحن مدعوون لنعيش فعليا كأبناء لله وكأحبائه. والصوم هو فترة فرح، نكتشف بنوتنا لله التي حصلنا عليها بيسوع المسيح. فالهدف الحقيقي من فترة الصوم هذه، قبل كل شيء، هو إعداد الناس للاحتفال بموت المسيح وقيامته. هذا الزمن هو الوقت المناسب لتهذيب الروح وإزالة رواسب الخطيئة من حياتنا، فالصوم هو أفضل وسيلة للاعتراف بسمو الله، كما أنه، مع الصلاة والصدقة، إحدى الوسائل التي تبين أمام الله تواضع الإنسان ورجاءه وحبه. ونحقق ذلك من خلال خلق الرغبة والعزم على فعل مشيئة الله وجعل ملكوته يأتي في المقام الأول في قلوبنا. فالصلاة ليست مجرد ترداد بعض الكلمات والعبارات، والصوم ليس فقط الامتناع عن الأكل، والصدقةليست مجرد عطاء مادي للآخر، بل الأساس هو أن نفرغ ذواتنا من كل ما يحجبنا عن الله والقريب والذات، منتظرين مجيء العريس القائم من بين الأموات. لذلك ارتبط الصوم بالقيامة في الكنيسة، فالصوم هو مسيرة تحرر وموت عن الذات، لكي نستطيع عيش القيامة”.

وقال في رسالته عن مساندة الآخر بعيش المحبة في هذه الظروف الصعبة: “إن عيش الصوم الأربعيني بالمحبة يعني الاهتمام بالذين يعيشون في حال معاناة أو تخل أو ضيق بسبب جائحة فيروس كورونا… فلنقدم مع محبتنا كلمة ثقة، ونجعل الآخر يشعر أن الله يحبه مثل ابن له. وكم هو معبر، في هذا السياق، قول مار بولس رسول الأمم: فليملأكم إله الرجاء بالفرح والسلام بالإيمان، لتزدادوا فيه رجاء بقوة الروح القدس”.

أضاف: “في هذه الأيام العصيبة، يجتاح وباء فيروس كورونا العالم بأسره، مخلفا القلق والذعر، وفارضا التباعد الاجتماعي، لا بل العزلة والوحدة في أحيان كثيرة خوفا من انتقال العدوى، فضلا عن الأضرار الجسيمة في الأنظمة الاقتصادية والمعيشية وحياة المجتمعات والشعوب. ما أشبه حالة المصابين بهذا الوباء بذاك الأبرص الذي شفاه يسوع بمشيئته القدوسة وقدرته على منح الشفاء، فعاد سليما معافى، بعد أن كان معزولا ومهمشا يجابه بمفرده الوحدة القاتلة. ومع تشديدنا على ضرورة التزام كل التدابير الوقائية لتفادي الإصابة بهذا الوباء والحد من انتشاره وفتكه بالبشر، إلا أن لنا ملء الثقة والإيمان بالرب يسوع ولمسته الشافية، فهو وحده القادر أن يشفي كل مصاب، لا بل أن يبيد هذا الوباء ويزيله. نصلي ضارعين إلى الرب يسوع، الطبيب السماوي، الذي لمس الأبرص فشفاه، أن يلمس المصابين بهذا الوباء فيشفيهم، ويرحم أولئك الذين غادروا عالمنا من جرائه، ويلهم الأطباء وأصحاب الاختصاص إلى إيجاد العلاج المناسب. ونسأله تعالى، بشفاعة أمه وأمنا مريم العذراء سيدة النجاة، أن يحمي العاملين في القطاع الطبي، والذين يبذلون ذواتهم في سبيل تأمين الخدمة الملائمة لهؤلاء المرضى، معرضين حياتهم وحياة ذويهم للخطر”.

وتابع: “خير ما نختم به صلاة نستوحيها من طلبة القديس أفرام السرياني في زمن الصوم، ونحن نحيي مئوية إعلانه ملفانا للكنيسة الجامعة، والذي تم من البابا بنديكتوس الخامس عشر العام 1920: أيها الصالح الذي يرتضي بالتائبين إقبل صوت توبتنا، وامنحنا المراحم والحنان من كنزك الثمين… أيها السيد الذي صام لأجل عبيده تقبل صومنا لراحتك. ولترتض ألوهتك بخدمة الأرضيين، ولتقبل طلبتنا أمام عظمتك يا ابن الله. اغفر ذنوب رعيتك وأبعد عنها الضيقات… أجز عنا الشرور والضربات وقضبان الغضب… وليكن صليبك سورا يحفظنا من الشرير”.

وختم يونان: “نسأل الله أن يتقبل صومكم وصلاتكم وصدقتكم، ويؤهلنا جميعا لنحتفل بفرح قيامته من بين الأموات. ونمنحكم، أيها الإخوة والأبناء والبنات الأعزاء، بركتنا الرسولية عربون محبتنا الأبوية. ولتشملكم جميعا بركة الثالوث الأقدس”.