Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر November 24, 2024
A A A
البطريرك الراعي: لماذا كلّ هذا الخراب على مستوى الشعب والمؤسّسات والدولة؟
1071564 1071564 1071564 1071564 1071564
<
>

ألقى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي عظة في قداس الأحد من بكركي فقال:
“إنّ بشارة مريم، بتحديد مكانها وزمانها، تبيّن أنّ الله يواكب تاريخ البشر، ويكشف أسراره الخلاصيّة في الوقت المناسب، ومع الأشخاص الذين اختارهم لهذه الغاية. فلكلّ إنسان دور ما في تاريخ الخلاص، وفقًا لحالته وموقعه ومسؤوليّاته.
بهذه الحقيقة يظهر أمامنا لاهوت الزمن الذي تقدّمه لنا الليتورجيا، إذ تعتبره انفتاحًا دائمًا على تجليّات الله، وانتظارها في مسيرة الرجاء. ولذا تدعونا الكنيسة لتقديس الزمن ليلًا ونهارًا بالصلاة.
وفوق ذلك تقسم الليتورجيا السنة إلى أزمنة مرتبطة بوقائع تاريخ الخلاص، وتفسح في المجال أمام المؤمنين والمؤمنات لعيشها والإمتلاء من نعمة الخلاص (دستور الليتورجيا، 102).
أضاف : “إنّنا نجد مريم حاضرة في ليتورجيا الأزمنة الطقسيّة قرب ابنها يسوع، وهي أمته وشريكته في عمل الفداء وأمّ كنيسته. وتتّحد بشكل لا ينفصم بعمله الخلاصيّ. وفي شخصها ترى الكنيسة بإعجاب وتعظّم ثمرة الفداء الأسمى، وفيها تتأمّل بفرح.
مريم هي وسيطة وشريكة الفداء”.

وأكد أن وساطة مريم ومشاركتها في عمل الفداء والخلاص مستمرّان بتشفّعها بأبنائها وبناتها المسافرين في بحر هذا العالم لكي ينالوا الخلاص الأبديّ. ولهذا تصلّي إليها الكنيسة وتدعوها أمّ المعونة الدائمة، وسيّدة المعونات والمحامية والوسيطة. فهي وحدها تقودنا إلى الإتّحاد بابنها الذي هو الوسيط الوحيد والمخلّص الأوحد(الدستور العقائديّ في الكنيسة، 62)”.
اضاف: “إنّه فعل تسليم وجهوزيّة ذات. مريم تبذل ذاتها وكلّ كيانها بفرح وثقة للإبن الإلهيّ الذي يأخذ طبيعة بشريّة منها، وهي عذراء، بقوّة الروح القدس”.
وأردف البطريرك الراعي: “إنّه فعل طاعة: قبلت به الدخول في تدبير الله الخلاصي للبشريّة. إنّها تقبل الدور المصيري والمسؤوليّة الملزمة بأن تكون أمًّا للمسيح. لم يكن غريبًا أن تلد عاقر، لكن الغريب أن تلد عذراء.
إنّه فعل ثقة. لقد اقتنعت مريم ووضعت ذاتها بتصرّف الربّ بكلّ صدق وعمق. إنّها تهب ذاتها للربّ بكلّ ثقة، وبكلّ يقين، وتهبها إلى صدق مواعيد الله.
هذا الإيمان المميّز جعل إليصابات تهتف: “طوبى للتي آمنت بأنّ ما قيل لها من قبل الربّ سيتمّ” (لو 1: 45).
ولفت الى انه في ضوء البشارة بميلاد ابن الله إنسانًا، وهو حدث قسّم التاريخ إلى إثنين: نهاية العهد القديم وبداية العهد الجديد، نتطلّع إلى واقعنا المؤلم: حرب بالأسلحة القتّالة، قتل مدنيّين وأطفال ونساء عزّل، دمار منازل ومؤسّسات لا يقدّر ثمنها، مليون ونصف المليون من النازحين من دون مأوى. وفوق ذلك دولة من دون رئيس منذ سنتين كاملتين، بشكل مقصود ومتعمّد، ومجلس نيابيّ فاقد هيئته التشريعية، لكونه أصبح هيئة ناخبة لا تنتخب منذ سنتين، ومجلس وزراء لتصريف الأعمال منذ أكثر من سنتين، وفاقد كامل الصلاحيات ومنقسم على ذاته.
لماذا كلّ هذا الخراب على مستوى الشعب والمؤسّسات والدولة؟ من يفاوض وقف إطلاق النار، وباسم من، ولصالح من؟ وهي أولى صلاحيّات رئيس الجمهوريّة المغيّب قصدًا. ما لم ينتخب المجلس النيابي رئيسًا للجمهوريّة، لن يتمتّع مجلس النواب والحكومة بصلاحيّاتهما، ويبقى كلّ عملهما منقوصًا وغير ميثاقيّ.
وختم: “البشارة لمريم بشرى سارّة لجميع الناس والشعوب، ولا يمكن عيش تاريخ البشر، من دون تاريخ الخلاص. فالله هو سيّد التاريخ وحده. وهو الذي يلهم السلام بين الشعوب على تنوّعهم، ويلهم روح التضامن والمحبّة تجاه النازحين، ويدعو إلى إذكاء روح الوحدة الوطنيّة بين أبناء الوطن الواحد.
فلنصلّ، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، من أجل أن نعيش جميعنا فرح البشارة لمريم، لأنّها بشرى خير ونعم لنا وللبشريّة جمعاء، بشرى ميلاد مخلّص العالم وفادي الإنسان، يسوع المسيح المولود من الآب منذ الأزل بطبيعته الإلهيّة، ومن مريم العذراء في الزمن بطبيعته البشريّة، بقوّة الروح القدس. للثالوث القدّوس كلّ مجد وشكر وتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين!