Beirut weather 15.21 ° C
تاريخ النشر August 1, 2025
A A A
البطريرك الراعي في قداس عيد مولد الطوباوي الدويهي: نصلّي ليعلَن قديسًا في القريب
1112519 1112519 1112519 1112519 1112519
<
>

 

أحيت الأبرشية البطريركية المارونية نيابة إهدن- زغرتا اليوم الثاني من الاحتفالات لمناسبة عيد مولد الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي، والذكرى السنوية الأولى لإعلان تطويبه بقداس احتفالي ترأسه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بحضور رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه، النائب طوني فرنجيه الى وزراء ونواب حاليين وسابقين وحشد من الفعاليات.

وبعد الإنجيل استشهد البطريرك الراعي في عظته، بقول الربّ يسوع:

“من أراد أن يتبعني، فليزهد بنفسه، ويحمل صليبه ويتبعني: (متى 16: 24).
وقال: “إنّها دعوة للحياة المسيحية الحقيقية، وقد وقعت هذه الدعوة في قلب الطوباويّ اسطفان الدويهي، الذي نحيي ذكرى مولده هذا المساء. فالزهد، كما أوضح سيادته، لا يعني مجرّد التقشّف، بل هو تحرّر من عبودية الأنا، وارتفاع في الحبّ نحو الله. والدويهي كان مثالًا لهذا الزهد، إذ حمل صليبه بمحبة وتبع سيده بثبات طوال حياته.”

وتابع: “يسرّني أن أحيّيكم جميعًا، أنتم الذين جئتم من أماكن مختلفة للمشاركة في هذه الليتورجيا الإلهية، في ذكرى مولد ابن إهدن البار، الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي. هذه المدينة التي أنجبت بطاركة وأساقفة وكهنة ومؤمنين، وشهدت على رجال دولة وثقافة وشأن عام.”

وأضاف في وصف سيرة الطوباوي: “كان البطريرك الدويهي لاهوتيًا عميقًا، مؤرخًا دقيقًا، كاتبًا غزير الإنتاج، ورجلًا وازن بين الإيمان والعقل، والتقليد والتجدّد. هو مربّي أجيال، ومدافع صلب عن الهوية المارونية. عاش قديسًا، وتقلّد المسؤولية بتقوى وثقافة وشجاعة. وقد أعلنته الكنيسة طوباويًا، ونصلّي اليوم ليُعلَن قديسًا في القريب.”

ثم استعرض نشأته وتأثيره التاريخي قائلاً: “وُلد الطوباوي في زمن الانقسامات، وتربّى على التقوى والصمود. درس في روما، لكنه بقي أمينًا لتراث كنيسته. عاد إلى لبنان ليخدمه في أحلك الظروف، حارسًا لتاريخه ولاهوته وليتورجيته. فالكنيسة حين تذكر قديسيها، لا تفعل ذلك فقط لتكرّمهم، بل لتستدعي حضورهم وشفاعتهم اليوم.”

وتناول في جانب من عظته الدور الوطني للبطريرك فقال:
“لا يمكننا أن نذكر الدويهي، دون أن نستلهم رسالته الوطنية. لقد كان رجل دولة، يكتب إلى قناصل العالم، ويرعى شعبه في زمن الفقر والاحتلال. رأى في البطريركية المارونية رسالة وطنية، صوتًا للكرامة، وجسرًا للوحدة. ومن هذا الوادي الذي أنجبه، نرفع الصلاة ليقيم الربّ رجالاً يشبهونه في الخدمة والتجرد والمسؤولية.”

وتأمّل في كلمة الربّ قائلاً: “ألا يحتاج لبنان اليوم إلى قادة يزهدون بأنانياتهم ويتبعون صوت الله؟ إلى رجال دولة لا رجال صفقات، إلى قادة يحكمون بالضمير لا بالمصلحة؟ لبنان يحتاج إلى عودة روحية ووطنية، إلى بناء دولة تُصان فيها الكرامة ويعلو فيها الدستور، ويكون فيها المسؤول راعيًا لا متسلّطًا.”

وأكّد في نهاية عظته على هوية ورسالة الدويهي، فقال: “لقد حدّد لنا الطوباوي هويتنا ورسالتنا. الهوية هي الوحدة في التنوّع، والرسالة هي بناء الدولة المدنية العادلة. لا ثقة بلا عدالة، ولا مواطنة بلا مصالحة وتنقية للذاكرة. وحدها الثقة تبني وطنًا متماسكًا، وتحرّر المواطن من ارتهانه للطائفة.”

وختم قائلاً: “فلنصلِّ معًا ليشرق فجر جديد على وطننا، وعلى كنيستنا، وعلى عائلاتنا. نصلّي من أجل شرقنا الجريح، من فلسطين وسوريا إلى العراق ولبنان. ومن أجل السلام في الأرض التي أحبّها الدويهي وكرّس حياته لأجلها. ونرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، إلى الأبد، آمين.”

وبعد انتهاء القداس، توجّه الجميع إلى ساحة تمثال الطوباوي حيث شارك أهالي الحيّ في تحضير الهريسة التقليدية، والتي باركها صاحب الغبطة قبل توزيعها على الحضور، في لفتة تجسّد المحبة وكرم الإهدنيين لتعبّر عن الفرح الحقيقي الذي يولد من المشاركة والبذل.

*الصور بعدسة منال دحدح