Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر April 29, 2021
A A A
البطاقة التمويلية ورهان السلطة الفاسدة!
الكاتب: نون - اللواء

وأخيراً شربت السلطة المتهاوية ما أُتيح لها من حليب الدولة، وقررت إعادة ترشيد سياسة الدعم، وإلغائه عن عشرات السلع مقابل إعتماد البطاقة التمويلية للعائلات الأكثر حاجة، وللفئات الإجتماعية التي تستحق الدعم والمساعدة.

أكثر من ستة مليارات دولار هُدر معظمها في سياسة دعم عشوائية، غير مدروسة، لم تتمكن من الحفاظ على أسعار معقولة للمواد الغذائية الأساسية، بقدر ما إستفاد منها التجار والأزلام والمحاسيب، والذين وصلت بضائعهم المدعومة والمهربة إلى الكويت شرقاً، وإلى أبيدجان والبرازيل غرباً، فضلاً عن تلاعب أصحاب السوبرماركت بأسعار المواد المدعومة، وإعادة بيعها باسعار السوق السوداء.

غابت معايير العدالة عن فترة الدعم الفوضوية، حيث تمت المساواة بين المواطن الميسور والقادر، وذلك المتعثر والمتعفف وغير القادر على تأمين لقمة عيش عياله حتى بالأسعار المدعومة.

وبقيت أوتوسترادات التهريب للمحروقات والمواد المدعومة الأخرى مفتوحة على مداها، تحت عيون المسؤولين والأجهزة الأمنية المعنية، وتتحمل أعباءها المالية بقايا الإحتياطي من العملات الصعبة في البنك المركزي، بأكلاف مضاعفة عدة مرات عن حاجة لبنان، حيث بلغ استيراد المحروقات المدعومة أكثر من ثلاثة أضعاف حاجة البلد، وكانت قوافل السيترنات تنقل الفيول والبنزين بالآف الأطنان يومياً عبر الحدود المسيّبة، فيما السيارات في لبنان تصطف بطوابير طويلة أمام محطات المحروقات، التي أصبح معظمها يعمل بنصف طاقته، لعدم توفر الكميات اللازمة لتلبية إستهلاك السوق المحلي.

المهم اليوم أن يكون إعتماد البطاقة التمويلية أكثر فعالية، وأكثر انتظاماً من الدعم العشوائي الحالي، وأن يقتصر على السلع التي تُعتبر حاجة أساسية للعائلات المعوزة، على أن يتم التوزيع وفق آليات شفافة، تُراعي الإحصاءات الموضوعة للأسر التي تستحق الدعم، بعيداً عن المحسوبيات السياسية والزبائنية الحزبية، والمتاجرات الرخيصة والفاسدة بأسعار البطاقات التي يجب أن تبقى من نصيب الطبقات الفقيرة.

نظام البطاقة التمويلية امتحان جديد لقدرة هذه السلطة على القيام بمهمة وطنية بهذا الحجم، بعيداً عن مستنقعات الفساد، وممارسات الفاسدين!

فمن يتوقع أن تربح هذه السلطة الفاشلة والفاسدة الرهان الجديد؟