Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر February 18, 2023
A A A
الباخرة في المرفأ والناس في الشوارع!
الكاتب: صلاح سلام - اللواء

رسوّ الباخرة المكلفة بمسح «البلوك ٩» في الجنوب اللبناني أُحيطت بحفاوة رسمية، حافلة بشتى أنواع الدعاية الغبية لإنجاز مازال في عالم الأوهام، فيما العدو الإسرائيلي بدأ عملياً التصدير للنفط الخام المستخرج من حقل كاريش، المجاور للبلوك اللبناني.

لقد سئم اللبنانيون سماع الطبول الفارغة، وتكرار الوعود العرقوبية، فيما البلد بأمسّ الحاجة لخطوات عملية وجدّية لوقف مسيرة الجلجلة الإقتصادية والمعيشية، وإحداث الخرق المطلوب في الإنسداد السياسي الراهن، والذي يُمدد الشغور الرئاسي، ويُعطل المؤسسات الدستورية، وخاصة مجلس النواب الذي توقفت جلساته بين محطتي الإنتخاب بالورقة البيضاء، وتشريع الضرورة، ومجلس الوزراء الذي يعقد جلساته بعد مخاض عسير حول دستورية إنعقاده وقانونية قراراته.
الإحتفال بوجود الباخرة على رصيف مرفأ بيروت، وعلى بُعد أمتار معدودة فقط، من آثار الإنفجار الزلزالي الذي دمّر ليس أهم مرفق وطني وحسب، بل نشر الدمار على مساحات واسعة من العاصمة، وشرد آلاف العائلات، وقتل مئات الضحايا الأبرياء.
آثار الإنفجار المدمّر في المرفأ تشهد على فداحة فشل السلطة وعجزها عن التصدى للأولويات الوطنية والإجتماعية القادرة على معالجة مآسي هذا الحدث الجلل، وفي مقدمتها إنهاء التحقيق القضائي الذي يُمكّن المتضررين من الحصول على حقوقهم بالتعويضات العادلة من الدولة وشركات التأمين، فضلاً عن كشف ألغاز شحنات النيترات وتحديد المسؤوليات، هذا إذا إستطاع إليها سبيلاً.
إحتفال الباخرة يُلعلع في المرفأ، والدولار «يُصورخ» في الإرتفاع ملحقاً أصابات موجعة ضد الليرة التي تكاد تصبح في خبر كان، بعد إباحة وزارة الإقتصاد التسعير بالعملة الأميركية، وكأن المطلوب دولرة حياة اللبنانيين الذين أصبحوا ضحايا مافيات الدولار من جهة، وتخبط الحكومات والبنك المركزي والمصارف في وضع خطة موحدة للحد من الإنهيارات المتتالية، من جهة ثانية.
الناس في الشوارع يُطالبون بلقمة العيش، والحصول على أموالهم من المصارف التي أقفلت أبوابها بكل صفاقة بوجوه المودعين، وأهل الحكم على كراسيِّهم يعيشون في عالم إفتراضي بعيد كل البعد عن معاناة هذا الشعب الطيب، على طريقة «الناس بالناس…» والبقية عندكم!