Beirut weather 23.8 ° C
تاريخ النشر December 28, 2016
A A A
الباب و… الباب العالي
الكاتب: نبيه البرجي - الديار

من يفترض ان يوضع في القفص ويحرق بعدما احرق سوريا، والعراق، وبعدما امتدت الحرائق الى داخل تركيا التي تزعزت، وبات العقلاء فيها الذين اقصوا من وظائفهم، اكانوا جنرالات، ام قضاة ام اكاديميين ام صحافيين، يقرعون ناقوس الخطر من انفجار لا يبقي ولا يذر…
الذين فتح امامهم المنتجعات، والمعسكرات، والمطارات والمرافئ، والذين كان يخطط بأن يكونوا النيو انكشارية في زمن النيو عثمانية (هل حقاً ان احمد داوود اوغلو في الاقامة الجبرية؟) هم اياهم الذين يعلنون الحرب عليه ويدعون الى احراق السلطنة…
مريع وهمجي منظر الجنوبيين التركيين اللذين اقتيدا من الاقفاص، وقد ربطا بالحبال وراحا يدبان على الارض، ليصلا الى حيثما تنتظرهما النار. اولئك البرابرة الذين لا يقلون بربرية عن السلطان قالوا انها نار جهنم…
هل تعلمون كيف تعامل اردوغان الذي يتباهى ساسة لبنانيون بالتقاط صور معه (على انهم ولاة هذا الزمان) مع المشهد الذي تقشعر له ارواح الملائكة؟ حجبت مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الواتس آب، عن الاتراك، حتى لا يوجهوا اليه اصابعهم، اصابع 90 مليون تركي، ويقولون له «انت يهوذا، وانت الذي فعلت هذا؟».
مضحك هذا الرجل، مضحك هذا السلطان، الذي يخاف من ان يشعل الواتس آب ثورة ضده. بائس ايضاً، وجنوده يسقطون، ودبابة تسقط، الان معركة الباب و… الباب العالي.
ان طائراته تقصف المدينة السورية وتقتل المدنيين الذين (نتصور) انهم يفضلون حكم الخليفة على حكم السلطان، الاعلام العربي يلوذ بالصمت لان الضحايا في الباب هم غير الضحايا في حلب. المجتمع العربي، بالآذان الساهرة، اصيب بالصم. مجلس الامن الدولي في مكان آخر، ويرى في القاذفات التركية اسراب النورس او السنونو.
حتى هذه الساعة، لا ندري لماذا اجاز  الله لقايين ان يقتل هابيل. سلاطين بني عثمان كانوا يفقأون عيون اشقائهم، وينحرون اطفالهم، حتى لا ينافسوهم على العرش. متى لم تكن القصور مستودعات للتآمر وللقتل، ودائماً باسم ذلك الاسلام الذي قتلوا فيه النص، ولطالما حاولوا ان يقتلوا فيه الله…
مجرد ملاحظة عابرة. حين تسلم عبد الملك بن مروان الخلافة، وعلى ما يذكر الطرطوشي في «سراج الملوك» وضع المصحف (القرآن) في حجره وخاطبه قائلاً «هذا فراق بيني وبينك». حين تكون هناك السلطة، ويكون هناك السلطان، توضع النصوص المقدسة وراء القضبان…
مهما قال المنظرون والفقهاء، لا مجال لذلك التماهي (اللاهوتي) بين الدين والدنيا. نحن في زمن تتقاطع فيه المصالح، وتتقاطع فيه الثقافات. كيف لرجب طيب اردوغان ان يعيد المنطقة، ويعيد معها تركيا، الى قرون غابرة؟
التائه بين الشرق والغرب، بين بروكسل وشنغهاي، بين «الانا والله» (التعبير هنا لجنكيز تشاندار) بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، وحتى بين مسعود برزاني وعبد الله اوجلان، لا تزال في يده مفاتيح كثيرة، اوراق كثيرة…
هو الان ضابط الايقاع (الايقاع الدموي) بين السنة والشيعة، بين الكرد والعرب، بين السنة والسنة بين الشيعة والشيعة، بين الكرد والكرد، بين العرب والعرب…
الاوروبيون هم الذين يقولون ان القرن الحالي، وحتى القرن المنصرم، لم يجد مهرجاً، بهلواناً، مراوغاً، مثل رجب طيب اردوغان، باللغة المزدوجة، وبالقفازات الملطخة، وبالانف الذي يحاول عبثاً ان يناطح السماء…
وحين يقاتل ضد الديكتاتورية في سوريا، يفرض ذلك الدستور الذي يعطيه حق القبض على الارواح صلاحيات مطلقة ليختار حتى ملكة جمال تركيا. الان، الكوميديا العثمانية، وتشاندار الذي توقف عن الكتابة خرج عن صمته ليقول «السلطنة تسقطه مرتين». بداية السقوط، سقوط السلطان من اعلى…
الآن، ما هي ردة فعل اردوغان على رفض واشنطن تأمين التغطية الجوية لقواته؟ ديبلوماسي اطلسي في بيروت قال لنا «حتى الرجل نفسه بات خارج التغطية الاميركية».