Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر September 21, 2018
A A A
الايوبي لموقع “المرده”: اسقاط الطائرة الروسية في سوريا خديعة اسرائيلية مقصودة
الكاتب: ليال جبرايل - موقع المرده

أشار رئيس قسم العلوم السياسية والإدارية في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية البروفسور الأمير وليد الأيوبي في حديث لموقع “المرده” حول ملابسات اسقاط الطائرة الروسية في سوريا الى “اننا أمام مشهد من صراع الإرادات في مجال التكنولوجيا العسكرية في مواجهة متعددة الأبعاد يبرز فيها السياسي والاقتصادي والاستراتيجي والدبلوماسي والتكنولوجي بشكل غير مسبوق”.
وفي رأيه فإن الجهات الفاعلة في هذا الصراع تقع تراتبيا في طبقات خمس متداخلة ومتفاعلة فيما بينها، ويمكن تشخيصها على الوجه الآتي:
1-الدول الكبرى من الفئة الأولى كالولايات المتحدة والأتحاد الفدرالي الروسي وجمهورية الصين الشعبية.
2- الدول الكبرى من الفئة الثانية كبريطانيا وفرنسا.
3-الدول الإقليمية من الفئة الأولى كالسعودية وإيران وتركيا ومصر والكيان الصهيوني.
4-الدول الإقليمية من الفئة الثانية كقطر ولبنان والكويت والإمارات.
5-الكيانات غير الحكومية الموازية أو ما اصطلح على تسميته “القوات الرديفة” كحزب الله وتنظيم الدولة الإسلامية والحشد الشعبي وجبهة النصرة”

وأضاف: “إن ما يحصل هو عملية كر وفر بين الدول المنغمسة في الصراع على سوريا بهدف تحقيق المكاسب السياسية بأقل الأكلاف الممكنة، مع العلم بأن لا جهة سياسية معنية بما يجري على الساحة السورية ترى لها مصلحة في الإنغماس في مواجهة عسكرية مباشرة من أجل تحقيق الأهداف السياسية المنشودة.
وتابع: “حاولت الجهات الفاعلة في هذا الصراع خلال السنوات الماضية تحقيق أهدافها بالواسطة من خلال الاستعانة بقوى شعبية دينية وزمنية تحارب الى جانبها، وحاولوا تجنيد هذه القوات الرديفة بالدعم المالي والعسكري واللوجستي من أجل تحقيق أهدافهم السياسية، فهذه الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوات سبع هي حرب بالواسطة بين هذين المعسكرين، فالمواجهة بالواسطة تحول دون تطور الصراع بين الدول من الفئة (أ) الى مستوى مباشر. ويشكل دخول إسرائيل على خط المواجهة تطورا لمفهوم “الحرب بالواسطة”، فهي أداة أطلسية تنفيذية، وتدخلها في هذا الصراع هو تعبير عن تفاقم حدة الصراع بين طرفي المواجهة. إنها حرب ترتدي أشكالا تختلف باختلاف ظروف المعركة السياسية. فالحروب الكلاسيكية التي كانت تقوم بين جيوش جرّارة لم تعد ذي جدوى. فالحروب الدائرة اليوم في سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، تحصل بالواسطة، بأدوات غير مباشرة، وإسقاط الطائرة الروسية أحد فصولها.
وأردف قائلا: “إن من أبرز تداعيات إسقاط الطائرة الروسية هي التداعيات الدبلوماسية، وقد يصحب هذه التوترات الدبلوماسية توترات اقتصادية، لكني أستبعد أن يتطور الاحتقان الدبلوماسي الى أكثر من تصريحات نارية، واستدعاء سفراء، فالتوتر سيبقى ضمن إطاره الدبلوماسي، فالتوافق على حماية أمن إسرائيل قرار يحظى بإجماع أممي، ولا سياسة أحادية تستطيع تفكيك عرى هذا التوافق في ظل المعطيات الراهنة.
وتابع: ان انعقاد المؤتمرات الدولية في جنيف وسوتشي تشير الى أن الدول من الفئة (أ) لا يمكنها الحسم عسكريا، لكنه يبدو بأن التأثير الروسي يتعاظم على الساحة السورية، فالتنسيق الروسي التركي هو على قدم وساق، والتنسيق الروسي التركي الايراني قائم أيضا على قدم وساق، ما يعني بأن واشنطن وحلفاءها اصبحوا مربكين جدا في ظل ما يجري، فهم في موقع لا يحسدون عليه، ولذلك فإن معركة إدلب تشكل المحطة التي تريد أن تستثمر معركة إدلب نظرا الى كتلة المسلحين الضخمة المتواجدة في هذه المنطقة، فهذه المعركة ليست سهلة على أي من جهات الصراع اذا ما اتخذ القرار بالمواجهة العسكرية، ما يعني أن الحرب لن تنتهي في أشهر، وقد تستمر لسنوات، وقد تنقلب المعادلات رأسا على عقب، ولا نستطيع أن نتنبأ بتداعياتها السياسية والعسكرية والإنسانية، ولذلك يعمل اليوم على إيجاد صيغة توفر أماكن عازلة تحمي المدنيين، كما تأخذ في عين الاعتبار مصالح الدول المجاورة لا سيما تركيا.”
ورأى “الأيوبي” أن “الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة. ويتطلب هذا الحل المنشود من واشنطن بالذات الإقرار به، والمشاركة الفعلية في هندسته”، لافتا الى أن “أي حل أحادي سوف يغير دراماتيكيا من طبيعة المعادلة السياسية التي تحكم سوريا اليوم، فسوريا الغد سوف تراعي مصالح كل الجهات لا سيما واشنطن الداعمة للأكراد”.
وأضاف: “إن واشنطن غير راضية عما يجري على الساحة السورية وبشأن سوريا، فهي أخفقت بإنشاء دولة كردية مستقلة تضم اليها أكراد سوريا والعراق وتركيا وإيران، وأصبح هذا الهدف المنشود بعيد المنال، فالهدف الاستراتيجي الذي تدخلت من أجله لم يتحقق، كما إن الهدف الاستراتيجي الآخر الذي تدخلت من أجله أيضا، والذي كان يهدف الى استجرار الغاز القطري والخليجي عبر الأراضي السورية وصولا الى المتوسط يصطدم بارادة استراتيجية واقليمية تحول دون تحقيقه، فواشنطن تشعر أنها تخسر استراتيجيا وسياسيا، وهي في موقع لا يحسد عليه”.
وتابع: “إن كل الاطراف يريدون تحقيق المكاسب بأقل الاكلاف الممكنة كما أشرت، وإني اعتقد بأن إسرائيل وأميركا من خلفها يعتمدون استراتيجية تهدف الى الايقاع بين الاعداء أي بين المتحالفين في وجههم أي ايران وسوريا وروسيا واليوم تركيا التي دخلت على خط التحالف ايضا مع هؤلاء، فهذه الاستراتيجية ستبقى معتمدة، لأنها وحدها الكفيلة بتحقيق الأهداف السياسية المنشودة، وتذكرني هذه الاستراتيجية بالدبلوماسية البريطانية التي كانت معتمدة خلال مجد الامبرطورية البريطانية، فبريطانيا كانت دولة تحقق أهدافا سياسية مهمة جدا في ظل إمكانات خجولة، لقد كانت قادرة ببراعتها السياسية والدبلوماسية أن تنجز ما لم يستطع منافسوها إنجازه. فمن خلال تفعيل أجهزتهم الأمنية كالموساد والسي آي إيه وغيرها، إنها “الحرب المجانية” التي تسعى الجهات المنغمسة في الصراع على سوريا لخوضها، والتي تقضي بتحقيق الأهداف السياسية مجانا، وذلك من خلال الايقاع بين الاعداء!
وعن الطائرة الروسية التي أسقطت في الأجواء السورية أشار البروفسور الأيوبي الى أن “اسرائيل اعتمدت نوعا من المناورة الجوية الاحترافية جدا تكنولوجيا، وتمكنت من إقحام الدفاعات الجوية السورية في المعركة بخديعة مقصودة عن سابق تصور وتصميم، على قاعدة ضرب الأعداء بعضهم ببعض، وإني أشدد على أن هذا النوع من المواجهات سوف يستمر، فالكل يحشد طاقاته في مجال التكنولوجيا العسكرية، والاستراتيجية العسكرية، والمناورة العسكرية…والأمنية…تحقيقا لأهدافه السياسية”.
وشدد “الأيوبي” على رمزية ما حصل، فاغتيال وريث عرش الأمبراطورية النمساوية المجرية أدى مثلا، ورغم كونه حادثا فرديا، الى نشوب حرب عالمية شاملة، فهذه الأحداث “البسيطة” في ظاهرها، بليغة في معانيها، لا سيما عندما نعيش ظروفا سياسية ملتبسة جدا، فجبل من قش يجعله في “خبر كان” عود من كبريت”!