Beirut weather 16.85 ° C
تاريخ النشر October 10, 2025
A A A
الانتخابات النيابية مفصلية لتحديد حجم القوى لا سيما المسيحية
الكاتب: غاصب المختار - اللواء

 

 

تسود مخاوف متبادلة بين ثنائي أمل وحزب الله ويؤيدهم التيار الوطني الحر من جهة، وبين «الثنائي المسيحي» القوات اللبنانية وحزب الكتائب وبعض الحلفاء من جهة أخرى، من اقتراع المغتربين أو عدم اقتراعهم في الانتخابات النيابية المقبلة إذا جرت في أيار من العام المقبل، ذلك ان «الثنائي الشيعي» يخشى ملاحقة جمهوره بالاغتراب والتضييق عليهم من قبل سلطات الدول التي تصنّف حزب الله بالارهاب، ما يقلل من نسبة الاقبال على التصويت لمصلحتهما، عدا عدم استطاعة تكليف مندوبين عن الحزب لمتابعة الانتخابات في اقلام الاقتراع.. و«الثنائي المسيحي» يخشى عدم تعديل قانون الانتخاب بما يؤدي الى عدم اقتراع المغتربين لمصلحتهما بعدما حصدوا أصواتاً كثيرة، كما يخشى في الوقت ذاته عودة سيطرة الثنائي الشيعي على المقاعد الشيعية كاملة، ما يعني انتخاب رئيس للمجلس النيابي بحسب ما يريد الحزب وحركة أمل وحلفائهما، وأيضا خسارة بعض المقاعد المسيحية في معظم الأقضية لا سيما المتن وكسروان وجبيل لمصلحة نواب مسيحيين مستقلين أثبتوا حضورهم، إذا لم يقترع المغتربون كما في الانتخابات الماضية، والتي أتت بنسبة أصوات كبيرة للثنائي المسيحي والتغييريين والمستقلين، وهذا يعني تقلّص حجم الكتل النيابية وبالتالي تراجع تأثيرها السياسي ولو بنسبة ضئيلة.
وإذا جرت الانتخابات على أساس القانون الحالي وعدم اقتراع المغتربين في اماكن وجودهم، سيضطر العديد من القوى المسيحية الى تحمّل كلفة نقل من يرغب من الناخبين في الخارج بالاقتراع في منطقته بلبنان، وهي كلفة مرتفعة خاصة من دول أميركا وأوستراليا وإفريقيا، ما لم يتدخّل المغتربون الأثرياء لنقلهم على حسابهم. أو يتكفل الناخبون الميسورين بتحمّل كلفة السفر الى لبنان لهدف سياسي بدعم ترشيح من يرون انه يُمثّل تطلّعاتهم واتجاهاتهم.

ومردّ خوف ثنائي القوات والكتائب وحلفائهما أيضاً، هو ظهور قوة شعبية واسعة لبعض النواب المسيحيين الحاليين المستقلين، تمثلت في العشاء الذي أقامه النائب الخارج من التيار الوطني الحر إبراهيم كنعان في منطقة المتن الشمالي، وضم أكثر من ثلاثة آلاف مؤيد ومناصر، الأمر الذي اعتبره البعض بمثابة تأمين الحاصل الانتخابي للفوز في الانتخابات. وكذلك كلام نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب الخارج من التيار أيضاً، عن توجه لتشكيل كتلة نيابية مسيحية مستقلة ووازنة في المجلس الجديد من نواب أقضية المتن وكسروان وربما بعبدا وجبيل، مؤكداً على تزايد شعبية فريقه في المتن. وفي حال تم تشكيل مثل هذه الكتلة فلن تكون بالتأكيد حليفة لثنائي القوات والكتائب والتغييريين. بل ربما تكون أقرب الى ثنائي أمل والحزب الذي سيدعم وصول نوابها الى المجلس في الأقضية التي يوجد له ناخبين فيها ولو بنسبة قليلة.
من هنا بدأ تسريب احتمالات تبني بعض القوى السياسية تأجيل الانتخابات تجنّباً لخسارة مقاعد مسيحية، ولسبب وجيه آخر يتمثل في ان تأجيل الانتخابات ولو سنة أو سنة ونصف، يعني انتخاب مجلس نيابي ينتخب رئيس الجمهورية المقبل، وهي معركة كبيرة أخرى تخوضها القوى المسيحية المعارضة لثنائي أمل والحزب للإتيان برئيس ترتاح إليه على الأقل ان لم يكن يمثل بعض اتجاهاتها. عدا عن ان المجلس النيابي الجديد سواء انتخب في أيار المقبل أو انتخابات بعد التأجيل، سيكون مسؤولاً عن تسمية رئيس الحكومة وعن توزيع الحقائب الوزارية، وهي معركة ليست هيّنة بعد ما شهدته حكومة الرئيس نواف سلام من خلافات وانقسامات حول أمور وطنية كبرى ليس أقلّها طريقة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي لمناطق جنوبية وشلّ الحياة فيها.
وفي حال حصول الانتخابات في أيار ستصبح حكومة الرئيس سلام حكومة تصريف أعمال الى ما بعد انتخاب المجلس النيابي الجديد، وستكون مقيّدة ومحدودة الفعالية، ما يعني أيضاً شلّ رئاسة الجمهورية الى حدود كبيرة وهذا ما يسعى الرئيس جوزاف عون الى عدم الوقوع فيه. كما انه لن يتجاوز الدستور بعقد جلسات للحكومة خارج إطار تصريف الأعمال بالحدود الضيقة، لذلك يحرص على حصول الانتخابات في موعدها وعلى سرعة تسمية رئيس مكلف للحكومة. أما في حال تأجيل الانتخابات وتمديد ولاية المجلس النيابي، فإن حكومة سلام ستكون أمام احتمال تغييرها وتسمية رئيس حكومة جديد أكثر انسجاما مع رئيس الجمهورية والقوى السياسية.