Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر November 8, 2018
A A A
الانتخابات النصفيّة أظهرت عمق الانقسامات الأميركيّة
الكاتب: هشام ملحم - النهار

نتائج الانتخابات النصفية، وتحديداً فوز الديموقراطيين بالاكثرية في مجلس النواب وفوزهم بحاكمية ولايات اضافية، اعتبرت تأنيباً شعبياً لسياسات الرئيس ترامب وسلوكه، وخصوصاً لجوئه في الاسابيع والايام التي سبقت الاقتراع الى التحريض العنصري المفضوح، وتخويف الاميركيين من “خطر” اللاجئين والمهاجرين، والتشكيك في أهلية المرشحين ذوي الأصل الافريقي. خسارة الجمهوريين نسبة كبيرة من أصوات سكان الضواحي من ذوي التعليم والدخل العاليين ولا سيّما منها أصوات النساء، وهي مناطق تصوت تقليدياً للمرشحين الجمهوريين، يعدّ تحولاً مهماً في اتجاهات الناخبين. والتطور الأهم يوم الثلثاء كان النسبة العالية من النساء اللواتي خضن المعركة (23 امرأة ترشحن لمجلس الشيوخ، وأكثر من 230 لمجلس النواب). وتظهر النتائج الاولية انتخاب مئة امرأة لمجلس النواب من أصل 435، وهي النسبة الكبرى في تاريخ البلاد.
لكن الانتخابات أبرزت مرة أخرى ان اميركا في عهد ترامب منقسمة وفي العمق، ليس سياسياً فحسب، بل ثقافياً واجتماعياً واذا صوتت الضواحي والمدن ضد ترامب، فان الريف احتضنه بمزيد من الحرارة. ذلك أن اختراقات الحزب الجمهوري الجديدة في مجلس الشيوخ حصلت في الولايات الريفية مثل نورث داكوتا وميسوري وانديانا. وهذه الاختراقات ساهمت في توسيع أكثرية الجمهوريين في مجلس الشيوخ من مقعد واحد الى أربعة. وقد أصيب الديموقراطيون والتقدميون بصدمة عندما أخفق المرشحان من أصل أفريقي ستايسي ابرامز لحاكمية ولاية جورجيا، واندرو غيلام لحاكمية ولاية فلوريدا الرئيسية، امام مرشحين وضعا مصيرهما في يد الرئيس ترامب، الذي قام بنشاطات انتخابية لمصلحتهما فاحت منها رائحة العنصرية الرخيصة. وشكّل اخفاق المرشح الليبرالي بيتو أورورك في تحديه للسناتور الجمهوري تيد كروز في ولاية تكساس، مفاجأة. أورورك، الشاب والخطيب البليغ، حظي بدعم واسع على الصعيد الوطني واعتبره العديد من الديموقراطيين مرشحاً محتملاً للرئاسة وأحد قادة الحزب مستقبلاً. ورأى بعض المحللين ان نسب الخسارة الضئيلة لهؤلاء المرشحين، تؤكد ان الاتجاهات السياسية والانماط الديموغرافية المستقبلية في الولايات الجنوبية مثل ازدياد عدد الناخبين من اصل اميركي – لاتيني وافريقي وتسييس هذه الاقليات سوف تضع هذه الولايات في المستقبل المنظور في معسكر الديموقراطيين.
والامر اللافت والمقلق، هو انه على رغم اللغة والرموز العنصرية التي استخدمها ترامب لتعبئة وتهييج قاعدته الضيقة، وشيطنته السافرة لخصومه، ولجوئه الى الكذب المفضوح، فإنّه حافظ على قاعدته التي ازدادت تمسكاً به. وأنصار ترامب تمسكوا به، حتى بعد محاولة اغتيال عدد من المسؤولين الديموقراطيين السابقين والحاليين، على يد متطرف أبيض من مؤيدي ترامب، وارتكاب متطرف آخر من مؤيدي الرئيس مجزرة في كنيس يهودي.