Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر October 22, 2024
A A A
الاقتصاد اللبناني المترنح لن يتمكن من تحمل خسائر الحرب المستمرة
الكاتب: أميمة شمس الدين - الديار

قد يكون من مستحيلات الواقع تقدير الخسائر المترتبة عن الأعمال العسكرية المستمرة في مسرح عمليات حرب الإسناد بين حزب الله والعدو الإسرائيلي التي تحولت الى حرب جدية وواسعة تشمل كل لبنان. فكل الأخبار التي ترد إلى مسامع اللبنانيين من بلدات الجنوب الحدودية مفادها بأن نهاية الحرب ستكون مفاجئة وأن الخسائر ستكون كبيرة وأن تدميراً ممنهجاً للبلدات الجنوبية سارٍ على قدم وساق وان النتيجة ستكون أرضا مسطحة غير قابلة للعيش فيها أو عليها.

وتشير الأخبار وفق معلومات خاصة بالخبير الاقتصادي الدكتور بلال علامة أن هناك بلدات لم يبق فيها منازل على الإطلاق واختلطت حجارة البيوت المهدمة بعضها ببعض .

و يقول علامة في حديث للديار: “يعيش اللبنانيون هاجس توسع رقعة الأعمال القتالية الحربية بين لبنان وإسرائيل ومدى تأثير ذلك سلباً في اقتصاد لبنان، في وقت تُنذر المؤشرات السلبية المتتالية بمستقبل اقتصادي أكثر اضطراباً لبلد يواجه أزمة اقتصادية وصفت بالأصعب في تاريخ البلاد منذ نهاية عام 2019 وما زالت تلقي بظلالها على مختلف القطاعات حتى اللحظة، وبين هاجس الحرب وتوسعها وحالة القلق اليومية التي يعيشها اللبناني، يبقى الثابت الوحيد في نتائج حرب أطلقها “حزب الله”، في 8 أكتوبر الماضي لدعم قطاع غزة، الخسائر الاقتصادية والبشرية الكبيرة التي أصابت وتصيب البلاد بشكل كارثي”.

وأجمع خبراء معنيون على” أن الضغوط التي فرضتها حرب المساندة نتج منها الكثير من الخسائر وأبرزها نزوح مئات آلاف العائلات وتوقف النشاط الزراعي كلياً على الحدود الممتدة من بلدة الناقورة في القطاع الغربي إلى شبعا في القطاع الشرقي بالإضافة الى إقفال المصانع الصغيرة وإنهيار قطاع الدواجن والمزارع” .

ويلفت علامة إلى أنه بعد “توسع الحرب والحالة المفروضة التي يعيشها اللبناني، يبقى الثابت الوحيد في نتائج الحرب حتى اليوم الأضرار الكبيرة جداً منها المباشر ومنها غير المباشر، وتتراوح حتى اليوم ما بين ثمانية مليارات دولار و15 مليار دولار”.

ورأى علامة أنه حالياً “الأفضل عدم إعطاء تقديرات نهائية للخسائر لأن الهمجية الإسرائيلية وأعمال التدمير سائرة على قدم وساق “.

في الخسائر المتعلقة بالأبنية أشار علامة إلى “أن هناك ما بين 20 و25 ألف وحدة سكنية متضررة كلياً داخل البلدات الجنوبية واللبنانية بالمقابل هناك أكثر من خمسين ألف وحدة سكنية متضررة بشكل جزئي”.

أما بالنسبة للقطاع الزراعي فهناك “عشرات آلاف الهكتارات الزراعية في الجنوب تضررت نتيجة القصف بالقنابل الفوسفورية “والمشهد يشبه الأرض المحروقة، والأرض الزراعية إضافة للتربة سوف تحتاج الى علاج على مدى سنوات طويلة قبل العودة لزراعتها وإنتاج محصول زراعي منها”، مشيراً الى أن الحرب منعت المزارعين من زراعة حوالى 22 مليون متر مربع من الأراضي الزراعية.

أيضاً من القطاعات التي لحقها الدمار كما يقول علامة آلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في محافظة الجنوب عموماً وبعض مناطق لبنان مثل الضاحية الجنوبية “.

وفي موضوع النزوح اوضح علامة” أن عدد النازحين وصل الى حدود مليون وأربعمئة الف نازح “بحيث سيترتب على عملية الإيواء والإغاثة كلفة كبيرة جداً على الجميع وسيكون من الصعب على لبنان تحملها”.

ووفقاً لعلامة “لقد ساهمت الأحداث منذ عام حتى الآن في القضاء على كل منافذ الاقتصاد اللبناني كالسياحة والصناعة والزراعة بالإضافة الى تحميل مالية الدولة أعباء وخسائر قد يكون من سابع المستحيلات تغطيتها، وبالمقابل بعد مرور عام على الحرب في غزة، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي أزمة خانقة تتمثل في خسائر اقتصادية جسيمة تجاوزت كل التوقعات، ما يعكس الأثر العميق الذي تركته هذه الحرب على البنية الاقتصادية للكيان الإسرائيلي. “فقد شهد الاقتصاد الإسرائيلي تراجعًا ملحوظًا في أداء معظم القطاعات الحيوية، بما في ذلك التكنولوجيا والسياحة والزراعة، بالإضافة إلى زيادة التكاليف العسكرية التي أثقلت كاهل الميزانية العامة”.

ويتابع علامة : “تحت ضغط هذه الحرب المستمرة، اضطرت الحكومة الإسرائيلية إلى تقديم الدعم المالي للسكان في المناطق المتضررة، ما أدى إلى توفير إقامات مؤقتة ورعاية للنازحين، وزيادة العبء المالي على كاهل الدولة في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية والاقتصادية. “كما شهد الشيكل الإسرائيلي تراجعًا ملحوظًا أمام العملات الرئيسية، وتشير التقديرات إلى أن قيمة العملة الإسرائيلية تراجعت بنسبة 10% على الرغم من ضخ البنك المركزي الإسرائيلي قرابة 30 مليار دولار للحفاظ على قيمة الشيكل، وقد أثر ذلك في رصيد إسرائيل من احتياطيات النقد الأجنبي ما أثر سلبًا في ثقة المستثمرين في السوق الإسرائيلية”.

و اعتبر علامة “أن هذا التراجع في الثقة على مستوى الاستثمار أدى بدوره إلى خفض التصنيف الائتماني للكيان الإسرائيلي من قبل وكالات التصنيف الدولية، “حيث خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية تصنيف إسرائيل على المدى الطويل من “إيه+” (A+) إلى “إيه” (A) جرّاء المخاطر الأمنية المتزايدة في ضوء التصعيد الأحدث في الصراع مع حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى خطر اندلاع حرب مباشرة مع إيران. وكانت وكالة موديز من ناحيتها قد خفضت تصنيف إسرائيل الائتماني درجتين إلى “بي إيه إيه1منذ (Baa1)منذ اسبوعين ، وحذرت من خفضه إلى درجة “عالي المخاطر” إذا تحوّل التوتر الحالي المتصاعد مع حزب الله إلى صراع أوسع”.

وختم علامة بالإشارة الى “أن الحروب بكل أشكالها ينتج منها خسائر بعضها يظهر مباشرةً وبعضها يظهر بعد انتهاء الحروب. إن الخسائر المتراكمة لكيان العدو الإسرائيلي كبيرة ولكن حسب ما هو معمول به في هيكلية الاقتصاد الإسرائيلي فإن الكيان قادر على تغطية هذه الخسائر وبخاصة أن الاقتصاد الإسرائيلي يرتكز بشكل واسع على الدعم من الخارج، أما بالنسبة لخسائر لبنان فالواضح أن الاقتصاد اللبناني المترنح لن يتحملها وقد يكون لبنان بحاجة لعشر سنوات لتغطية الخسائر في حال عمدت الدول الصديقة والشقيقة لمد يد العون والمساعدة، “أما في حال عدم مد يد العون فالعوض بالسلامة على اقتصاد لبنان وماليته”.