Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر June 26, 2016
A A A
الافطار السنوي لمطرانية طرابلس المارونية في كرمسده قضاء زغرتا

 

 

 

اقام راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، مأدبة افطار رمضانية، في معهد “مار يوحنا للتعليم العالي” في بلدة كرمسده في قضاء زغرتا، شارك فيها مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، راعي ابرشية طرابلس والكورة للروم الملكيين المطران ادوار ضاهر، راعي ابرشية عكار وتوابعهما للروم الارتوذكس المطران باسيليوس منصور، راعي ابرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران افرام كرياكوس ممثلا بالارشمندريت يوحنا البطش، المطران الجديد المنتخب الخوري جوزيف نفاع، محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا ممثلا بقائمقام الكورة السيدة كاترين الكفوري، النائب العام الاستئنافي في الشمال القاضي وائل الحسن، القاضي طارق البيطار، النقيب ميشال خوري ممثلا نقيب محامي طرابلس والشمال فهد المقدم، مدير فرع مخابرات الشمال العميد الركن كرم مراد، العميد رينه معوض ممثلا قائد منطقة الشمال العسكرية العميد الركن مروان حلاوي ، المدير الاقليمي لجهاز امن الدولة في عكار العميد ميلاد التولاني، العقيد طوني انطون رئيس فرع مخابرات الجيش في زغرتا، المقدم ميلاد نصرالله قائد سرية درك زغرتا، المقدم اسكندر يونس رئيس فرع امن الدولة في زغرتا، النقيب جورج رزق رئيس فرع المعلومات في زغرتا. رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني خير، رئيس اتحاد بلديات الضنية محمد سعدية، نقيب مهندسي الشمال ماريوس البعيني، نقيب اطباء الشمال عمر عياش، الامينة العامة للجنة الوطنية للاونسكو الدكتورة زهيدة درويش جبور، الى حشد من الشخصيات الامنية، التربوية، الاجتماعية، النقابية، ورجال دين.

وتحدث المطران بو جوده فقال:” يطيب لي أن أرحبّ بكم جميعاً في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك الذي يدعى فيه المؤمنون إلى القيام بفحص ضمير ومراجعة حياة ليروا إلى أي مدى هم ملتزمون بمبادئ إيمانهم وبعيشها بروح الطاعة لما يطلبه منهم الرب، وإلى التساؤل عن الأولويّات في حياتهم، هل هي لأمور الجسد فقط أم هي أيضاً لأمور الروح. فللجسد دون شك حقوقه لكنّها لا يجب أن تطغى على أمور الروح، كما تُعلّمنا جميع الأديان وبصورة خاصة الأديان الموحّدة الثلاث: اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام. فالصوم والإنقطاع عن الطعام والشراب طيلة النهار، ولو سبّبا للمؤمن بعض المضايقات، خاصة عندما يأتيان في فصل الصيف، فإنّ ذلك يفهمه أنّ عليه أن يعطي الأولويّة لأمور الروح، فيسعى من خلال ذلك إلى تنقية ذاته وتطهيرها من كل الأدران وكل ما يتراكم عليها من أوساخ”.

وتابع بو جوده:” للصوم بُعد شخصيّ أولاً لأنّه يفرض على المؤمن بعض الممارسات الصعبة،  فيتحمّلها بطيبة قلب معبّراً بذلك عن طاعته لما يطلب منه الرب. لكن له أيضاً بُعدٌ إجتماعي تدعو إليه ممارسة الزكاة التي هي من دعائم الإيمان الخمس والتي تحثّه على الإلتفات إلى الغير والإهتمام به وبصورة خاصة إلى المعوز والمحتاج الذي لا يستطيع غالباً أن يؤمّن لنفسه ولعائلته أهم متطلبات الحياة اللآئقة والكريمة، وتُعبّر عن ذلك الموائد الرمضانيّة التي يقيمها الميسورون والأغنياء، والجمعيّات الخيريّة والإجتماعيّة طوال شهر رمضان المبارك. كما أنّ المبالغ التي تُجمع بهذه المناسبة توجّه دائماً بخدمة الفقراء، عملاً بما يقوله الرب في مختلف تعاليمه، ويذكّرنا بذلك ما يقوله أشعيا في النبي الذي يعطي المعنى الحقيقي للصوم فيقول.

“يقولون: نصوم ولا تنظر، ونتّضع وأنت لا تلاحظ، فيقول لكم الرب

في يوم صومكم تجدون ملذّاتكم وتسخّرون جميع عمّالكم.

للمشاجرة والخصومة تصومون، وللضرب بقبضة الشر.

صيام كصيامكم هذا اليوم لا يُسمعني صلواتكم في العلاء

أهكذا يكون صوم أردته؟ يوماً واحداً يتّضع فيه الإنسان؟

أم يكون بإحناء الرأس كالعشبة وإفتراش المسوح والرماد؟

صومكم هذا لا يُسمّى صوماً ولا يوماً يرضى به الرب.

فالصوم الذي أُريده هو أن تُحلّ قيود الظلم وتُفكّ مرابط النير

أن يُطلق المنسحقون أحراراً ويُنزع كل نير عنهم، أن تفرش للجائع خبزك

وتُدخل المسكين الطريد بيتك، أن ترى العريان فتكسوه، ولا تتهرّب من مساعدة قريبك.

بذلك ينبثق كالصبح نورك وتُزهر عافيتك سريعاً(أشعيا58/3-8).

وقال بو جوده:” يتوافق الإحتفال بهذا الشهر الفضيل والمبارك هذه السنة عند المسلمين، مع إحتفال المسيحيّين بسنة الرحمة الإلهيّة التي دعا إليها قداسة البابا فرنسيس، الذي قال أنّها الشريعة الأساسيّة التي تقيم في قلب كل شخص عندما ينظر بعينين صادقتين إلى الأخ الذي يلتقيه في طريق الحياة. فالرحمة هي الطريق الذي يوحّد الله والإنسان، حتى يفتح قلبه على الرجاء بأنّه دائماً محبوب بالرغم من خطيئته، لأنّ هناك أوقاتاً نكون فيها مدعوّين بطريقة أكثر إلحاحاً لتثبيت نظرتنا إلى الرحمة، لكي نصبح نحن أيضاً علامة فعّالة لعمل الله (وجه الرحمة2-3). ويُضيف قداسة البابا أنّ الرحمة قيمة تذهب أبعد من حدود الكنيسة، إنّها تربطنا مع اليهوديّة والإسلام اللذين يعتبرانها من بين أبرز صفات الله. فإنّ صفحات العهد القديم ملأى بالرحمة، لأنّها تخبر بالأعمال التي صنعها الرب لصالح شعبه في الأوقات الأشد صعوبة في تاريخه. من جهته فإنّ الإسلام يضع الرحمن الرحيم من بين أسماء الخالق. فبهذه الكلمتين يبدأ كل مسلم صلاته قائلاً: بإسم الله الرحمن الرحيم. وإنّ هذا الإبتهال هو غالباً على شفاه المسلمين الذين يشعرون بأنّ الرحمة ترافقهم وتعضدهم في ضعفهم اليومي. فهم أيضاً يؤمنون بأنّ ما من أحد يستطيع أن يًحُدّ الرحمة الإلهيّة لأنّ أبوابها مفتوحة دائماً للجميع(وجه الرحمة23).

واردف بو جوده يقول:” تتّخذ العلاقة مع المؤمنين المسلمين، في عصرنا، أهميّة عظمى. إنّهم اليوم حاضرون في عدّة بلدان ذات تقليد مسيحي، حيث يمكنهم الإحتفال بحريّة بدينهم، ويعيشون مندمجين في المجتمع. ويجب ألاّ يغرب عن ذهننا البتة أنهم “يعلنون أنّهم على إيمان إبرهيم، يعبدون معنا الإله الواحد، الرحمن الرحيم الذي يدين الناس في اليوم الأخير (نور الأمم- المجمع المسكوني الثاني). عن هذا العيش المشترك بين المسيحيّين والمسلمين، الذي هو صفة مميّزة للحياة في لبنان، يقول البابا القديس يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي “رجاء جديد للبنان” أنّهم عاشوا جنباً إلى جنب طوال قرون مديدة، حيناً في سلم وتعاون وحيناً في صراع ونزاع. ولذ فإنّه يدعوهم كي يجدوا في حوار يراعي مشاعر الأفراد والجماعات سبيلاً لا بد منه للعيش المشترك وبناء المجتمع. ويُضيف قائلاً: إنّ على اللبنانيّين ألاّ ينسوا تلك الخبرة الطويلة في العلاقات التي هم مدعوّون إلى إستعادتها، بلا كلل، من أجل مصلحة الأشخاص والأُمّة برمّتها. ولا يُعقل أن يعيش أبناء مجتمع بشري واحد، على أرض واحدة، ويفضي بهم الأمر إلى عدم الثقة بعضهم ببعض والتخاصم والتنابذ بإسم الدين. وعلى هذا الحوار أن يتواصل على عدّة مستويات، في الحياة اليوميّة وفي العمل وفي الحياة الوطنيّة العمليّة. وأنّ الخبرات العمليّة في ممارسة التضامن، هي ثروة لجميع الشعب، وخطوة واسعة هامة على طريق مصالحة الأفكار والقلوب إذ بدونها لا يمكن القيام بعمل مشترك طويل الأمد. وأنّ الحكمة الطبيعيّة تقود الأفرقاء إلى تواصل بشري غني، وإلى تعاضد يُمتّن النسيج الإجتماعي(رجاء جديد للبنان عدد91).

وتابع:” هذا الوصف يصح بصورة مميّزة في طرابلس والشمال حيث عاش المسيحيّون والمسلمون طوال قرون عديدة وما يزالون. وأنّ التاريخ شاهد على ذلك، فلا يصح أن توصف هذه المدينة بأنّها فقط قلعة للمسلمين، ولا يصح للمؤرّخين وبصورة خاصة لبعض الأخصّائيّين في التاريخ أن يتكلّموا فقط عن تاريخها الإسلامي ويتناسون أو يهملون تاريخها المسيحي مركّزين فقط على الحروب الصليبيّة التي كانت صفحة سوداء في الكثير من مظاهرها ليس فقط على العلاقات بين المسيحيّين والمسلمين، بل أيضاً على العلاقات بين المسيحيّين مع بعضهم البعض. والتاريخ يشهد أنّ الخلافات والحروب بين أبناء المجتمع الواحد والدين الواحد حصلت وما زالت تحصل منذ القديم وحتى أيامنا هذه. والذي نراه اليوم في العديد من البلدان العربيّة المجاورة أفضل شاهد على ذلك لسوء الحظ، وهو في نظرنا لا يُعطي صورة حقيقيّة عن الإسلام، لا بل فبإمكاننا القول أنّه تشويه خطير للإسلام وليس للإسلام أيّة علاقة فيه. في مجتمعنا المعاصر، أيّها الأحبّاء، لم يعد يوجد أي بلد في العالم منغلقاً على نفسه يعيش فيه فقط أبناء دين واحد. إنّنا نعيش عصر العولمة ليس فقط على الصعيد الإقتصادي، بل أيضاً على الصعيد الإجتماعي والديني حيث الجميع يتعاطون مع بعضهم البعض في كل الأمور الإقتصاديّة والإجتماعيّة والسياسيّة بغض النظر عن إنتمائهم الديني. وإنّنا نرى أنّ في بلدان الغرب الذي كان يوصف بالعالم المسيحي أصبحت المساجد والجوامع منتشرة في مختلف المدن بأعداد كبيرة، وحتى في عاصمة الكثلكة روما، مقر الكرسي الرسولي. كما أنّ الكنائس أصبحت موجودة في مختلف بلدان الخليج العربي ذات الأكثريّة الإسلامية. ويذكر قداسة البابا فرنسيس في إرشاده الرسولي “فرح الإنجيل” إن في كتب الإسلام المقدّسة مقاطع كثيرة يرد فيها قسم من التعاليم المسيحيّة.

وقال:” يضيف أنّ يسوع ومريم هما موضوع إكرام عميق، وإنّنا نرى أن نرى شباناً وكباراً، رجالاً ونساء مسلمين يكرّسون بعض الوقت كل يوم للصلاة، والإشتراك بأمانة في طقوسهم الدينيّة. وفي الوقت عينه فإنّهم مقتنعون جداً أنّ حياتهم بكاملها هي من الله وله. ويقرّون أيضاً بضرورة الإستجابة لله بإلتزام خلقي ومعاملة الأكثر فقراً برحمة. كما أنّه يدعو لدعم هذا الحوار مع الإسلام وتنشئة المتحاورين ليكونوا قادرين على التعرّف على قيم الآخرين وإلقاء الضوء على القناعات المشتركة(فرح الإنجيل 252-253). وإسمحوا لي في الختام، أيّها الأصدقاء والأحبّاء، أن أُشير ولو بصورة عابرة إلى ما حدث مؤخّراً في طرابلس في الإنتخابات البلديّة والإختياريّة لأقول وأُردّد ما قلته مرّات كثيرة في وسائل الإعلام الإجتماعيّ، بأنّي لا أعتبر ذلك إستبعاداً للمسيحيّين وتهميشاً لهم، بل إنّهم كانوا لربما ضحيّة خلافات وصراع داخلي بين مختلف القوى السياسيّة من طائفة واحدة هي الطائفة الأكثريّة العدديّة في المدينة، وعن نقص في الثقافة وردّة فعل طبيعيّة عند بعض فئات الشعب الطرابلسي الذين لم يعودوا معتادين على العيش المشترك مع مواطنيهم المسيحيّين الذين إضطرّوا لمغادرة المدينة في ظروف قاسية لكنّها كانت عابرة، بسبب ما حصل منذ ثمانينات القرن المنصرم. ويطيب لي بهذه المناسبة الإشارة إلى أمرين مهمّين يؤكّدان الإنتماء العضوي للمسيحيّين إلى الجسم الطرابلسي وهما إنتخاب الخوري جوزف نفاع إبن عكار إنتماءً وإبن طرابلس التل ولادة وإقامة كأُسقف معاون لغبطة البطريرك الراعي، وسيامة الخوري راشد شويري إبن باب التبانة ذي السجل رقم6 كاهناً منذ عدّة سنوات”.

وختم بو جوده كلمته:” إنّني أعتبر أنّ من واجبنا نحن كمسؤولين دينيّين وأعضاء مجتمع مدني ومثقّفين أن نعمل يداً بيد لتخطّي كل هذه الصعوبات، ولربما للعمل على إصلاح في قانون الإنتخابات البلديّة يُتيح الفرصة للأقليّات العدديّة الحصول على مراكز في المجالس البلديّة تؤهّلهم للمساهمة في العمل على الإنماء الإقتصادي والإجتماعي نظراً لما يتمتّعون به من خبرات ومن كونهم منخرطين في حياة المدينة بمختلف الإختصاصات التي تؤهّلهم لذلك. إنّنا نسعى إلى ذلك كمسؤولين دينيّين من خلال اللقاءات التي تجمعنا في مختلف المناسبات الدينيّة والإجتماعيّة والوطنيّة كي نُعيد إلى هذه المدينة صورتها الحقيقيّة كمدينة للعيش المشترك، قلعة لجميع المواطنين على حد سواء يتحصّنون فيه دفاعاً عن القيم والأخلاق في مجتمع عالمي أصبحت فيه مهدّدة والإنسان فيه غالباً محتقراً ومذلولاً.  أُكرّر الترحيب بكم  في ختام هذا الشهر الفضيل، وأتمنّى لكم عيد فطر سعيد”.

من ثم تحدث المفتي الشعار فقال:” مرحبا بكم في امسية رمضانية اكتسبت معنى مميزا في حياتنا الوطنية، في الظاهر لقاء على مائدة افطار، وفي الباطن والواقع تواصل ومحبة واخاء وتكامل وتعاون، وكل منا من موقعه يكمل مسيرة الاخر في قضيتين اساسيتين، في صلاح الافراد وصلاح المجتمع. قبل ان اتناول الكلمة والحديث الى حضراتكم، اريد ان اخص بتحية كبيرة الى هذا الفكر النير الذي استمعنا اليه في كلمة تستحق ان تقال في اعلى منابر القيم الفكرية والثقافية والدينية والاجتماعية. ولو اردت ان اسرد ما قال ابتداء من الصوم ومعناه واثاره ومضامينه موصولا باثره الاجتماعي بقضية الزكاة، حيث التحسس بالقضية الاجتماعية وباخواننا وبابنائنا في المجتمع، مرورا بذاك الاطار الواسع الذي لن اجد اوسع منه وهو اطار الرحمة، ولو سئلت، وقد سئلت يوما، ان اقول صفة واحدة عن الاسلام امام بعض الاجهزة الاعلامية الامركية عندما سالوني ما هو الاسلام بكلمتين فاجبت:” قلت الاسلام دين التوحيد ودين الرحمة”.

اضاف الشعار:” اما الاطار الذي دندن عنه كثيرا عن طرابلس وتاريخها، لم اضطر يوما ان ارد على صاحب السيادة، ولن يكون اليوم، لكن اريد ان اقول له كلمة، قلتها لصاحب الغبطة البطريرك الراعي، عندما اراد ان يتحدث عن المسيحية في الشرق، قلت له المسيحية في الشرق قبل الاسلام، والمسيحية في طرابلس قبل الاسلام، هي موجودة في هذه البلاد قبل ان يكون محمد عليه الصلاة والسلام، الرسالات السماوية كلها رسالات متكاملة، كل رسالة تتم التي قبلها وتكملها، ونحن نعتبر ان شرع من قبلنا هو شرع لنا ما لم يرد نص، كما قال علماء الاصول في فقهنا الاسلامي”.

وتابع الشعار:” اريد في الحديث معكم عن اثر الصيام في صلاح الفرد، رمضان هذا الشهر المبارك، كما ذكر صلحب السيادة بالتحديد، فيه عودة الى الضمير، ونحن في فكرنا وثقافتنا الاسلامية نقول، عودة الى الفطرة السمحة، يعود كل الى فطرته، ودينه، فتشتد العزائم، وتقبل على الخير، لذلك نرى ان الخير في رمضان يتضاعف كثيرا لانه شهر الخيرات والبركات، وشهر تصفّد فيه الشياطين، رمضان من شانه ان يحقق صلاحا في نفوس الافراد، لكن المشكلة ان صلاح الفرد كأنه هو الغاية الاولى والاخيرة، نحن نريد ان يكون صلاح الفرد موصولا بصلاح المجتمع، عبر صلاح الاسرة ذاك المجتمع الحاضن والكبير، ولا يجوز ابدا ان يكون الصلاح قاصرا على الفرد وان يكتفي كل مسلم اوكل فرد ان يكون صالحا لنفسه، لان الله تعالى قال في القران الكريم، ان الله لا يضيع اجر المصلحين. المصلح المغيّر ذاك الرمز الفاعل الايجابي الذي يبدا عملية التغيير واصلاح الاخرين، ولا يكفي ابدا ان اكون صالحا، انما يجب ان يسري هذا الاصلاح الى اسرتي الى اخواني، الى ربعي وقومي والى امتي ومجتمعي والى وطني، وربما صلاح الفرد ينعكس ايجابا على صلاح الاسر في كثير من الاحيان، ولو بدأ مع الاسف يتراجع وربما يتاكل، لكن ينبغي ان نشد العزائم، ونستنهض الهمم، وان نشعر وندرك، ان التكليف الالهي لكل واحد منا، كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الا يكتفي بصلاح نفسه، انما ان يقوم بعملية اصلاح غيره”.

وقال:” اما الاطار الثالث هو اصلاح المجتمع، واصلاح المجتمع وعملية التغيير، تبدو لكل واحد منا بانها قضية كبيرة وتحتاج الى حكومات، ودول، والى مؤسسات، لكن اعتقد ان ما نحمله من الفكر والوعي، وما نحمله من ثقافة متوازنة، ومن عقل مستنير، ومن حرص على مجتمعنا ووطننا، ينبغي ان يدفعنا لصناعة مناخ ثقافي، ولصناعة مناخ فكري، ولصناعة مناخ يشعر فيه كل مواطن بامنه الذاتي، وبانه مسؤول، وبانه مكلف تجاه وطنه ومجتمه حتى يكون صالحا بينه وبين نفسه، لا يجوز ابدا ان يقتصر صلاحي على ان اقوم كل ليلة في المسجد، او في البيت، او مع مجموعة من اخواني العلماء، ينبغي ان يسري هذا الصلاح الى الاخر، هذا الصلاح، اذا سرى وانطلق تبدأ عملية الاصلاح، وهذا مهمتنا، وليس مهمة رجال الدين وحدهم، وليست مهمة العلماء وحدهم، مهمة كل غيور وكل صاحب ذي لب وبصيرة، كل من يدرك انه انسان، عنده رسالة في الحياة، رسالة الانسان ليست قاصرة ان اعلم اولادي، وان اتزوج وان انجب، وان اكون مسرورا في حياتي، رسالة الاسلام هي اعمار الارض، ربنا تعالى استعمرنا في الارض، اي طلب منا اعمارها، هذه هي مسؤوليتنا وهذه هي بداية اصلاح للمجتمع الذي نعيش فيه”.

وتابع:” يجب ان نرفع الصوت شيئا فشيئا على مراحل، لكن ان نلتزم الصمت لا، وان ننكفأ لا والف لا، ينبغي ان نتحدث ان نرفع الصوت، ان يشعر المجتمع ان هناك تيارا واعيا يحمل معه فكرا ناضجا من اجل صلاح المجتمع، والوطن والدولة، من لهذه الدولة، ومن لهذا الوطن، ومن لهذا المجتمع، ومن لهذه الامة، امثالنا، امثالكم، أرباب الضمائر الحية، اصحاب الفكر النير، اصحاب الرؤى التي تتجاوز المناطق والمذاهب، والطوائف، حتى تستوعب المجتمع كله، نحن شعارنا في الاسلام “خير الناس انفعهم للناس” خير الناس وليس خير المسلمين، وليس خير اهل الكتاب، هذا الشعار يجب ان يدفعنا كي نقدم خيرا في كل يوم لمجتمعنا”.

واردف يقول:” كم انا حزين ان يصل الوطن الى هذا المستوى، من يتحدث الان عن رئاسة الجمهورية في لبنان، ننتظر حلول موعد الجلسة في مجلس النواب، يحضر بعض النواب ويعودون وكأن الوطن سائب، وليس له  رجال، لا اذا قصر النواب، والاحزاب، والمسؤولون، عن القيام بواجبهم تجاه وطنهم، ينبغي ان نهب جميعا في وجوههم، ينبغي ان نتحرك، هكذا يبقى لبنان سنتان من دون رئيس، كاننا غنم سائبة في بوادي وجبال لا راعي لنا ولا مؤسسات، والكارثة ان المؤسسات بدأت تتلاشي لولا الجيش، والقوى الامنية، لضاع الوطن. اريد ان اتحدث عن الصلاح، الذي يترجم الى اصلاح الى المجتمع والدولة والوطن، ينبغي ان يسمع منا النواب جميعا، انهم ليسوا امام خيار ان لا يهرعوا ويهرولوا الى مجلس النواب، من اجل انتخاب رئيس للجمهورية، ممثلوننا ينبغي ان يحملوا ويعبروا ويمثلوا ضميرنا، ورسالتنا، واهدافنا، ولوكنا نحن الان نتحرك في مجتمعاتنا، ولو كان هذا الفكر اعطي الى الاخرين لتحركت في كل مناطق لبنان تيارات وطنية تحمل فكرا رائدا وناضجا، فكرا رياديا، حتى نضع الجميع امام مسؤولياتهم، ولتكن الاستقالة منهم جميعا، ليعودوا الى بيوتهم اذا ارادوا يتخلفوا عن اداء الرسالة في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، ثم هذا الفكر الفلسفي الجديد بان الانسان مختار هو حر ان ينزل الى المجلس ام لا، هذا ليس فكرا ديمقراطيا، وليس فكرا قانونيا، ولا دستوريا، انت مختار ان تنتخب فلان او فلان، لكن ان لا تمارس عملك فهذا خلل في الانتظام العام الدستوري والوطني، انا اشعر الان ان هيبة رئاسة الجمهورية بدأت تتراجع، ولا اريد ان اقول اكثر، حتى لا اكون مشاركا في اضعافها، وانا اخاطب جميع اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، وكل حسب مذهبه، والله اذا ضاع لبنان سنبكي كثيرا، وسيبكي اللبنانيون كثيرا اذا ضاع الوطن، لن نجد وطنا في الدنيا يماثل لبنان، ولكن فليعذرني الاخوة المسيحيون اذا وجهت اليهم الخطاب، اذا ضاع لبنان سيبكي المسيحيون مرتين، مرة لانهم مواطنون، ومرة ثانية لانهم اهل الحب، وليعذرني الموارنة كذلك، اذا ضاع الوطن، سيبكي الموارنة ثلاثة مرات، مرة لانهم مواطنون، ومرة ثانية لانهم مسيحيون اهل حب، ومرة ثالثة لانهم مؤتمنون على الدستور، ضاع الدستور اذا، ينبغي ان نتحدث في مجتمعنا ونحن في شهر مبارك، يعود فيه الناس الى ضمائرهم،  ينبغي ان نحدث ضجة في كل مدن لبنان في كل مناطق لبنان، ولا يجوز ان يهدأ لنا بال على الاطلاق، لا يجوز ان نكتفي بكلمة واخطاب او مؤتمر صحفي، ربما سنضطر ان نقوم بمسيرات من اجل حمل النواب على ان يقوموا بواجبهم، ومسؤولياتهم، لبنان هذا الوطن اعطانا الكثير رغم كل الحرمان الموجود في عكار والضنة والهرمل، والكثير من مناطق لبنان، لكن رغم كل هذه الماسي فلبنان ملك امام بقية الدول التي زرتها وعشت فيها، هذا الصلاح بانك صاحب رسالة يجب ان يسري الى مجتمعك الى اخوانك الى ربعك والى كل من حولك ليستيقظ الجميع ويصحو الجميع ويعودوا الى ضمائرهم، ونحمل نوابنا قبل ان نطالب بسحب الثقة، نحملهم الى ان يقوموا بواجبهم الوطني من اجل الحفاظ على لبنان”.

وختم الشعار يقول:” امل ان لا اكون قد استرسلت او انفعلت لكن القضية لا تتحمل منا بعد ذلك الى شيء من الهدوء او الصمت على الاطلاق، وضع لبنان يقض مضاجعنا، ويؤرقنا ويزعجنا ان يستمر هذا الوطن سنتين بدون رئيس جمهورية، لا نستطيع ان ننتخب، من ذاك الذي يعتبر اكبر من الوطن، اي حزب، اي انسان او فرد، لبنان ينبغي ان يكون اولا، وينبغي ان نعمل نحن جميعا من اجل الحفاظ على هذا الوطن. لا اريد ان اعود الى الوراء وان اتحدث عن الانتخابات البلدية او غير ذلك، طرابلس انتخبت المسيحيين عندما ينال المرشح المسيحي 14 الف و 15 الف صوت، هذا يدل على ان طرابلس لم تقاطع المسيحيين، وانا اطمئن الجميع انه لا خوف من تصادم طائفي او مذهبي، فطرابلس والشمال تعديا ذلك كله، وقيمة هذا الكلام اننا نقوله امام رجال فكر، وفي منطقة لها في الوطن جذورها، كرمسده، قضاء زغرتا، من اقضية الشمال، ولبنان باذن الله سيتعافى اذا تحرك امثالكم، ونحن في مقدمتكم”.