Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر November 20, 2018
A A A
الاستقلال والتحديات الموجودة
الكاتب: إلهام سعيد فريحة - الأنوار

يحل عيد الاستقلال الخميس المقبل، في العادة، الجملة الشهيرة التي تُقال في هذه المناسبة أو في كل مناسبة مشابهة: “… بأية حال عدت يا عيد؟” لكن مهلاً، ليس الحق على الاستقلال بل على الأوضاع التي يمر فيها البلد، فكل دول العالم، تقريباً، لديها استقلالها، وهي تحتفل فيه لتعيش مع شعوبها فرحة نيله، لكن هذه الفرحة لا تمنع ان تكون هناك غصة مما هو عليه البلد اليوم، ومما كان عليه.
البلاد نوعان: نوع يتعظ من الماضي ليتعلم منه ويبني الحاضر والمستقبل، ونوع يحن الى الماضي لأنه أفضل من الحاضر والمستقبل.
لبنان من أي نوع؟ الجواب صعب وسهل في آن. فهو صعب لأن الماضي كان جميلاً وسيئاً في آن، ولأن الحاضر جميل وسيّئ في آن، وإذا تركنا الماضي جانباً، فإن الحاضر مليء بالتحديات والاستحقاقات، وليس من السهل على الإطلاق الخروج منها في ظل هذه الاستحقاقات.
يحل عيد الاستقلال والمشهد في البلد لا يطمئن على الإطلاق: الإنتظام السياسي لم يتحقق بعد.
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يثابر يومياً على محاولة تحقيق دولة القانون ومحاربة الفساد، لكن المهمة ليست سهلة على الإطلاق، خصوصاً ان السلطة التنفيذية شبه معطلة، وهذا يقودنا الى الحديث عن الحكومة الجديدة المعطَّل تشكيلها منذ أواخر أيار الفائت، والمعطيات المتوافرة لا تشير الى ان ولادة الحكومة ستكون قريبة، وهذا المعطى يشل، بشكل أو بآخر، عمل السلطة التشريعية الجديدة، فمجلس النواب لولا جلستا تشريع الضرورة، هو مجلس شبه مشلول إذ لا يمكن ان يعمل في ظل حكومة تصريف أعمال لا يمكن مساءلتها ومحاسبتها، كذلك كيف يمكن ان يعمل في غياب حكومة أصيلة؟

هذا الواقع بدأت تحذر منه جهات دولية تعتبر ان لبنان لامس الخط الأحمر لجهة المخاطر. ففي الاسبوع الماضي زار لبنان نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، وهي الزيارة الثانية له حيث كانت الأولى في مطلع الصيف الفائت.
المسؤول المالي الدولي تحدث من دون قفازات، فجاء كلامه بصيغة التحذير إذ اعتبر انه إذا بقيت الأمور كما هي، ولم يتم تحريك الإصلاحات، “فمن شبه المؤكد أن أمراً ما سيحصل، لا يمكن ان أحدد وقتاً لحصوله، سواء أكان بالاسابيع أو بالأشهر، لكنني أتوقع ان أرى أنّ هذا الأمر سيحصل”.
لم يكتف المسؤول النقدي الدولي بهذا الكلام، بل اعتبر “أنّ كل المؤسسات الرسمية لا تعمل بشكل جيد، هذا إذا تم استثناء مصرف لبنان الذي يتطلع الجميع اليه لتعزيز الصمود ولكن الى متى سيستمر هذا الوضع”؟.
بهذا المعنى، فإن الوضع يتأرجح بين القول: “… بأية حال عدت يا عيد”؟ وبين قول: “كل استقلال والوطن بألف خير”… ولكن هل من صحوة للمحافظة على الاستقلال والمحافظة على الوطن؟