Beirut weather 27.99 ° C
تاريخ النشر May 22, 2024
A A A
“الاختلاف” هو القاسم المشترك بين اللبنانيين!..
الكاتب: مرسال الترس

كتب مرسال الترس في موقع “الجريدة”

ليس صدفة أن يجد اللبنانيون، دائماً، ما يختلفون وينقسمون بالآراء حول صوابيته وجدواه.
في مختلف الدول، يسعى مواطنو كل دولة إلى إيجاد القواسم المشتركة في ما بينهم ليستطيعوا العيش باستقرار وهدوء، في حين أن اللبنانيين يسجلون أعلى نسبة من الخلافات بينهم على العديد من المسائل والقضايا التي توصلهم، في كثير من الأحيان، إلى التصادم المفتوح على كل الاحتمالات!
ويعتقد خبراء الديموغرافيا أن ذلك يعود إلى التنوع الطائفي والمذهبي والعقائدي والمناطقي، مضافاً إليها التصلب في الرأي ونقص التسامح عند الاختلاف في القيم والثقافات، وضعف حضور الدولة في العديد من المجالات.
في سويسرا، ووفق معطيات يؤكدها متخصص إحصاءات في النظم الأوروبية، هناك ثلاث إثنيات تحكم البلاد بعد صراع دام مئات السنوات، ولكنهم اليوم يحافظون على تنوعهم وخاصية كل منهم، من أجل الاستمرار في وطن اقتنعوا أنه يجب ان يحضنهم جميعاً ليبقى مميزاً.
فهل نستطيع في لبنان أن نكون فعلاً “سويسرا الشرق”، كما يحلم بعض المتفائلين الذين يعيشون هاجس تركيب الأنظمة، أو أننا سنبقى على تميّزنا في الخلافات والصراعات الدائمة على أبسط الأمور؟
على سبيل المثال لا الحصر، يعيش اللبنانيون منذ ثلاث عشرة سنة، أي منذ إنطلاق “الحرب الكونية” على سوريا، صراعاً على تقييم الأمور في البلد الأقرب جغرافياً وديمغرافياً.
منذ اللحظة الأولى لظهور مؤشرات الصراع في سوريا، خرجت أصوات من قوى “8 آذار” تنبّه إلى خطورة نزوح اللاجئين السوريين إلى لبنان، بينما سارعت في المقابل أصوات لها ما لها على تركيبة النظام، ومنها تيار “المستقبل” وحزب “القوات اللبنانية” وقوى “14 آذار”، تنادي بوجوب فتح الأبواب أمام كل من يرغب في النزوح من دون التوقف عند الأعداد والظروف. ولا يمكن نسيان البروباغندا الاعلامية التي رافقت التوجه إلى بلدة عرسال لفتح الأبواب على مصراعيها.
وقد وجد اللبنانيون أنفسهم، بعد ثلاث عشرة سنة، أنهم أمام أزمة حقيقية تهدد وجودهم، أين منها مشكلة اللجوء الفلسطيني التي حصلت في العام 1948 على يد المحتلين الصهاينة. وليجد اللبنانيون أن من كانوا طليعة المعارضين، يشددون اليوم على وجوب حل المشكلة بأي ثمن!.
بعد يومين فقط على توصية شبه إجماعية في مجلس النواب اللبناني لحكومة تصريف بوجوب السعي لحل مشكلة النازحين السوريين، إنطلقت في مدينة طرابلس، مسيرة تضم مئات الاشخاص نظمها “حزب التحرير” دعماً لوجود النزوح السوري، واحتجاجاً على ما يتعرضون له من اجراءات من قبل الأجهزة الأمنية، وذلك على الرغم من قرار لمحافظ الشمال رمزي نهرا بمنع خروج المسيرة، لأنه كانت هناك معلومات تشير إلى خروج مسيرة في الاتجاه المعاكس.
فمتى سيستطيع أهل هذا الوطن الاتفاق على أبسط الأمور، قبل أدّقها، للحفاظ على ديمومته؟