Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر April 3, 2025
A A A
الاتفاق نحو السقوط.. لبنان محاصر بضغوط التطبيع مع العدو!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

إستنفرت الولايات المتحدة الأميركية كل وسائل الضغط بإتجاه لبنان لإخضاعه لإملاءاتها التي تصب في مصلحة إسرائيل إن لجهة وضع جدول زمني لسحب سلاح المقاومة من دون أن ينفذ العدو ما تم التعهد به في إتفاق وقف إطلاق النار من إنسحاب، أو للدفع نحو مساكنة بالإكراه مع الصهاينة بدءا من تشكيل لجان سياسية دبلوماسية للبحث في قضايا الأسرى والانسحاب وترسيم الحدود وصولا إلى التطبيع الكامل معه.

واللافت، أن تأخير وصول المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان لم يكن أمرا تقنيا بقدر ما هو محاولة لربط هذه الزيارة بتقديم التنازلات اللبنانية التي تطلبها أميركا لمصلحة إسرائيل، كما أن توقف لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار عن عملها يصب في هذا الاتجاه، علما أن هذه اللجنة كانت مجرد شاهدة زور، فهي لم تكلف نفسها عناء تعداد الخروقات الاسرائيلية التي تجاوزت الألفي إعتداء كما أنها لم ترفع تقريرا إلى مجلس الأمن بما تمارسه إسرائيل من أعمال إجرامية تطال البشر والحجر والشجر وتقتل الآمنين في منازلهم فجرا في الأعياد المباركة.

يمكن القول، إن القرار ١٧٠١ بات لزوم ما لا يلزم، كما إن إتفاق وقف إطلاق النار أصبح بخبر كان، خصوصا أنه لم يفلح في وقف الحرب الاسرائيلية على لبنان ولم يؤمن الانسحاب الذي خدعت به أميركا لبنان مرات عدة، ما يؤكد المؤكد لجهة أن إسرائيل لا تلتزم قرارات ولا إتفاقات ولا تفي بعهد أو وعد.

في المقابل، فإن لبنان إلتزم بشكل كامل بهذا الاتفاق، وما إطلاق الصواريخ البدائية من الجنوب سوى محاولة إسرائيلية عبر مأجورين من رتبة عملاء لايجاد ذريعة للتوغل بعدوانها بإتجاه الضاحية الجنوبية لبيروت لمساعدة أميركا في الضغط الذي تمارسه من أجل التطبيع، وبما أن إتفاق وقف إطلاق النار جاء من جانب واحد دون أي إلتزام من قبل العدو، فهو بات يحتاج إلى إتفاق على طريقة تنفيذ متوازنة بين الطرفين لحماية لبنان والحفاظ على سيادة أراضيه التي يدافع عنها بعض “السياديين” زورا بإيجاد التبريرات للاعتداءات الاسرائيلية والنفخ في بوق الفتنة الداخلية.

لا شك في أن الموقف اللبناني الرسمي قد عبر عنه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي يطالب أميركا والمجتمع الدولي “بالانسحاب الإسرائيلي وإطلاق الأسرى ووقف الخروقات ومن ثم تتولى الدولة اللبنانية مهمة سحب سلاح المقاومة ضمن إطار من التوافق الوطني”، ويأتي هذا الموقف الرئاسي إنطلاقا من معرفة الحساسيات والتوازنات ولعدم تعريض البلاد لمخاطر كبرى أو لفتنة يبدو أن أميركا وإسرائيل تسعيان إليها بهدف إراحة العدو الذي لا يفرض إحتلالا فحسب بل هو يحضر لعملية إستيطانية واضحة في القرى الحدودية، وما دخول الحريديم إلى قبر العباد في محيط بلدة حولا ومقتل العالم الجيولوجي الإسرائيلي الباحث عن آثار يهودية في أرض الجنوب على يد المقاومة خلال الحرب إلا أكبر دليل على ذلك.

وتتبنى فرنسا الموقف اللبناني وهي تبذل جهودا لدى واشنطن من أجل تخفيف الضغط الأميركي على لبنان ومراعاة حساسياته الطائفية والمذهبية، خصوصا الرئيس إيمانويل ماكرون يدرك تماما إلتزام لبنان بوقف إطلاق النار وهو عبر عن ذلك خلال المؤتمر الصحافي إلى جانب الرئيس عون عندما أكد أننا “لم نتبلغ بأي تحرك للمقاومة، وبالتالي، فإن العدوان الاسرائيلي على بيروت هو غير مبرر”، فهل تنجح فرنسا في مهمتها أم تتعثر أم يشهد لبنان صراعا أميركيا فرنسيا مستحدثا حول كيفية تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار؟!!.