Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 4, 2020
A A A
الاتفاق على التأليف قبل التكليف وروسيا تنسق مع الفرنسيين
الكاتب: الديار

هذه المرة لن يتم الاتفاق على التكليف قبل الاتفاق على التأليف، ولن تتكرر تجربة الرئيس المكلف مصطفى اديب الذي اعتذر نتيجة عدم اعطائه الصلاحية الكاملة لتسمية 14 وزيراً، وهو امر جعل الكتل النيابية الوازنة وخاصة كتلة حزب الله وكتلة حركة امل مع حلفائهما لا يقبلون بالعودة الى تجربة اديب الذي من اسباب اعتذاره ايضاً، عائلته التي كانت تتواصل معه هاتفياً وتطالبه بالعودة الى برلين وانها غير راغبة بالعودة الى بيروت او بقاء اديب في بيروت.
تجربة الرئيس اديب كانت صعبة للغاية بالنسبة للكتل النيابية، ولم يكن من الممكن القبول باختصار كل خيارات الكتل النيابية في التسمية باسم شخص الرئيس المكلف، وهي ظاهرة هي الاولى منذ اتفاق الطائف عام 1989 وحتى اليوم ، رغم ان رؤساء الحكومات السابقين الاربعة هم الذين وضعوا اديب تحت رعايتهم ونصائحهم، واذا عدنا الى الخريطة السياسية على مستوى رؤساء الحكومات الثابتين او المكلّفين، فاننا نجد ان الانتقال من الرئيس الحريري الى الرئيس حسان دياب الذي جاء من خلال اتفاق نفوذ الرئيس العماد ميشال عون ونفوذ حزب الله وحلفائه وخاصة حركة امل، نجد ان المسافة كانت بعيدة، كما كانت المسافة ابعد وابعد بكثير من دياب الى اديب، اذ تمّ الانتقال من حلف التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية مع حزب الله وحركة امل الى رئيس مكلف اختاره حلف الرؤساء الحكومات الاربعة بالتنسيق مع فرنسا، وهنا المسافة بين دياب واديب كانت ابعد بكثير من المسافة بين الحريري و دياب، لذلك سقط الرئىس حسان دياب وحكومته ، فيما فشل الرئيس المكلف اديب بتشكيل الحكومة، وكل ذلك لان الامر كان انتقالاً من الضفة اليسرى الى الضفة اليمنى وسط بحر هائج في نهر سياسي متقلّب جداً ومختلف سياسياً على تسمية الوزراء ونوعية الحكومة، لذلك تراجعت المبادرة الفرنسية مع اعتذار اديب.
روسيا دخلت على الخط الحكومي، وقد تواصل هاتفياً نائب وزير الخارجية بوغدانوف مع السيد امل ابو زيد مستشار رئىس الجمهورية للشؤون الروسية ومع الدكتور جورج شعبان مستشار الرئيس الحريري، ومع شخصيات سياسية لبنانية، وبدا واضحاً ان التحرك الروسي هو بالتنسيق مع فرنسا لان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تواصل ايضاً هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وجاء التحرّك الروسي ليدعم التحرّك الفرنسي وقد شكلا سوياً مسعى لحل الازمة اللبنانية التي يمر فيها لبنان والكوراث التي يُعاني منها وقد اثمر التحرك الروسي بتخفيف الاحتقان، وحصل بوغدانوف على معلومات هامة عن الوضع اللبناني سمعها من الشخصيات اللبنانية السياسية، ومن المستشارين، وبذلك استطاعت موسكو تكوين فكرة مباشرة عن الوضع اللبناني ممّا سيجعل التنسيق الفرنسي – الروسي اكثر فعالية بشأن الازمة اللبنانية.
لكن التحرك الروسي لم يكن بهدف الوصول الى حجم مبادرة، بل ابقاء المبادرة الفرنسية هي الاساس، وهنا يجب القول ان الاطراف السياسية لا تزال تؤيد المبادرة الفرنسية زالت في مندرجاتها وفي بنودها، ورغم ان المبادرة الفرنسية اعطت مهلة لستة اسابيع تكون فيها الانتخابات الاميركية قد جرت وظهر المنتصر في معركة الولايات المتحدة، فان ادارة الخلية الفرنسية، بعد اجراء التعديلات فيها، اصبحت اكثر تفهّماً للواقع اللبناني، وبالتالي، اصبح مفهوماً ان الاتفاق على الرئيس المكلف سيسبق التأليف، ويُمكن القول ان تمديد مهلة ستة اسابيع كانت ضرورية لان الواقع اللبناني لا يُمكن اختراقه ما لم يُلتزم بمبدأ حكومة تكنوسياسية، حيث اقترح الرئيس ميقاتي 6 وزرارء سياسيين و14 وزيراً من الاختصاصيين والخبراء، وبذلك يُمكن ارضاء الكتل السياسية واهمها كتلة حزب الله وحركة امل، وبالتالي، يُشكل ذلك حلا لتشكيل الحكومة الجديدة.
لكن السؤال المطروح من سيكون الرئيس الحكومة المكلف التوافقي؟ لا يستبعد احد ان يأتي الرئيس سعد الحريري او الرئيس نجيب ميقاتي، لكن هنا، لا بد من الاشارة الى ان الحريري قال امام كوادره في «تيار المستقبل» انه لن يتولى رئاسة الحكومة في ظل عهد العماد عون والوزير السابق جبران باسيل. لكن اذا اصرّ ماكرون وتواصل مع السعودية وشكلا مفتاح كلمة سرّ للحريري كي يتولى رئاسة الحكومة، فسيكون مُلزماً ان يقبل بالرأي الفرنسي والسعودي ويُؤلف الحكومة، وان لم يأت احد من روساء الحكومات الاربعة، فبالطبع لن يأتي السفير نواف سلام، بل سيتم التفتيش عن رئيس مكلف توافق عليه حركة 8 آذار و 14 آذار، مع الاخذ بعين الاعتبار ان فريق 8 آذار يشكل الاكثرية في مجلس النواب.