Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر May 5, 2016
A A A
الإيزيديون يغادرون الشرق الأوسط هرباً من الإبادة
الكاتب: موقع D W

بعد هروبهم من جحيم تنظيم داعش، بات الإيزيديون يعلقون آمالا كبيرة على اللجوء إلى دول أوروبية من أجل البقاء على قيد الحياة، غير أن تلك الآمال تصطدم بسياسات دول الاتحاد بعد الإتفاقية المبرمة مع تركيا للحد من أعداد اللاجئين.
*

يقول الناشطون في مجال العمل الإنساني إن الاتفاق المبرم بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن وقف تدفق اللاجئين والمهاجرين سيحد أساسا من تدفق الأفرادوالجماعات الأكثر ضعفا في منطقة الشرق الأوسط على دول القارة الأوروبية، مثل الإيزيديين في العراق. ويقضى الاتفاق بالحد من تدفق طالبي اللجوء من تركيا إلى اليونان خاصة بالنسبة للذين يهاجرون لأسباب اقتصادية، وهو الاتفاق الذي انتقدته منظمات إنسانية بشدة.

“أعتقد أن الصفقة المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا خطأ كبير وتحتاج إلى صياغة جديدة لتشمل الإيزيديين وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية المقيمة في العراق” كما يقول الدكتور ميرزا دنايي رئيس منظمة الجسر الجوي العراقية، وهي منظمة خيرية تهدف إلى تقديم المساعدة لضحايا الصدمات النفسية والناجين من داعش، وأكد دنايي أن “أوروبا وتركيا نسيتا الناس الأكثر تعرضا للاضطهاد في التاريخ الحديث”.

وبحسب البيانات، فإن نحو 200 ألف معظمهم من الأيزيديين نزحوا من “سنجار” إلى مدينة “دهوك” شمال العراق، حيث تعيش الغالبية العظمى في مخيمات اللاجئين المتاخمة للحدود التركية، وحيث تزداد مأساتهم في ظل استمرار سياسات غلق طرق الهجرة في وجه اللاجئين، ما يعني انسدادا الآفاق أمامهم لبدء حياة جديدة.

“من الصعب القول للإيزيديين: ارجعوا إلى بيوتكم فقد تم طرد تنظيم الدولة الإسلامية” يقول الدكتور ميرزا دنايي، وهو أيضا مستشار لدى حكومة إقليم كردستان العراق، “فقد عاش الايزيديون خلال مسار تاريخهم 73 عملية إبادة جماعية على أيدي المسلمين، والآن لا أحد منهم يعتقد أن مذبحة 2014 لن تتكرر مرة أخرى”. ويؤكد دنايي ” الإيزيديون لم يعودوا يثقون في الحكومة ولا في الجيش ولا في أي مجموعة أخرى تدعي تقديم الحماية لهم في العراق، فالعديد منهم يرغب في الهرب من المنطقة وإلى الأبد”.

مخيم شرايا الذي يقطنه 17 الف لاجئ

مخيمات اللجوء.. وآلام المأساة
سليم إلياس، البالغ من العمر 18 عاما والقادم من منطقة زرافا، قال إن بعض السكان من السنة قد ساعدوا تنظيم الدولة الإسلامية في ارتكاب جرائمهم، حيث قاموا بوضع علامة “Y” على منازل الإيزيديين وعلامة الصليب على منازل المسيحيين. ويؤكد إلياس أنه “ليس هناك من طريقة لعودة الأمور إلى ما كانت عليه من قبل، ومهما يكن فأنا مصمم أن أتوجه بعائلتي إلى أوروبا، ولا أريد البقاء هنا”.

منذ فراره من مسقط رأسه، يعيش إلياس مع عائلته في خيمة بمخيم ساريا الذي أقيم على عجل خارج مدينة دهوك شمال العراق والذي يظم أكثر من 17 ألف نازح، ويشتكي الياس من ضعف الخدمات حيث لم يتمكن العيد من الأسر حتى من الحصول على خيمة تحتمي بها.

حسن نامات، رجل في السبعين من العمر وقادم من تل ازيير، قال إنه عاش لمدة عام كامل في كوخ صغير مع 15 فردا من أقاربه، دون ماء أو كهرباء، وكان يعتمد فقط على ما تقدمه المنظمات الإنسانية من مساعدات. يقول نامات الطاعن في السن “ليس لدينا أي مكان آخر يمكننا الذهاب إليه، وحتى إن تم تحرير مناطقنا من قبضة الإرهابيين فلا نستطيع العيش هناك، لقد سلبوا أموالنا ومجوهرات نسائنا، لقد اخذوا كل شيء”.

خلف مراد، البالغ من العمر 86 عاما يتذكر وحشية الإرهابيين في سنجار، فقد كان شاهدا على عملية ذبح شخصين وإطلاق النار على سبعة آخرين وسط أصوات تصدح “الله اكبر”. ويضيف مراد الذي يعيش في مخيم اللاجئين شمال العراق، انه خدم في الجيش العراقي، وكانت له علاقات طيبة مع جيرانه العرب قبل عام 2014.

يعيشون على ما تقدمه المنظمات الإنسانية من مساعدات

مبادرة تنتظر مبادرات
بالنظر إلى أحداث عام 2014، فإن غالبية الإيزيديين المقيمين في مخيم شرايا يؤكدون أنهم لن يعودوا إلى ديارهم ما لم تكن هناك حماية دولية لهم، وقد ظهرت بعض الأصوات في الدول الغربية الداعية إلى إجراء تحقيقات حول الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، لكن استخراج الجثث من المقابر الجماعية لم يبدأ بعد، وقد يستغرق ذلك سنوات عديدة.

وفي الوقت نفسه، تزداد أعداد الإيزيديين في الخارج، حيت يقطن الكثير منهم في لينكولن، ونبراسكا الأمريكيتين أو في العديد من المدن الألمانية. وتستغرق دراسة طلبات لجوئهم وقتا طويلا، لكن منظمة الجسر الجوي العراقية التي يرأسها الدكتور ميرزا دنايي تحاول المساعدة لتسريع العملية خاصة بالنسبة للأيزيديات اللواتي تعرضن للاغتصاب وللصدمات النفسية.

فالبرنامج لا يقبل إلا النساء والأطفال من ذوي الحالات الخاصة والناجين من قبضة داعش، إذ تم نقل نحو ألف منهم إلى ألمانيا لتلقي العلاج، ويأمل ميرزا دنايي في توسيع عمل هذا المشروع لمساعدة عدد اكبر من ضحايا الصدمات النفسية والناجين من همجية إرهاب تنظيم داعش. ويؤكد دنايي أن “أفضل طريقة لعلاج هؤلاء هو عزلهم عن المناخ غير المستقر في العراق والتعامل معهم في مكان آخر يشعرون فيه بالأمان”.

وبالرغم من هذا البرنامج فإن غالبية الإيزيديين يواصلون طريقهم باتجاه أوروبا كما يؤكد دنايي، ومع غلق الحدود في وجه اللاجئين فإن هذا “الخيار الرئيسي بالنسبة لهم هي الهجرة غير الشرعية، وهنا تكمن الكارثة”، كما يقول.