Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر January 3, 2021
A A A
الإقفال التام للبلاد سيفرض نفسه… على الرغم من الإعتراضات!
الكاتب: ناجي س. البستاني - الديار

من نقيب الأطباء في لبنان شرف أبو شرف، مُرورًا بكلّ من نقيب أصحاب المُستشفيات الخاصة سليمان هارون، ومدير مُستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض، ورئيس قُسم العناية الفائقة في مُستشفى الحريري محمود حسّون، ورئيس اللجنة الوطنيّة للأمراض السارية والجرثوميّة في لبنان عبد الرحمن البزري، ومُستشارة رئيس الحُكومة للشؤون الصحيّة الدُكتورة بترا خوري، وُصولاً إلى لجنة الصحّة العامة والعمل والشؤون الإجتماعيّة النيابيّة… تحذيرات بالجُملة من أنّ الأمور خرجت عن السيطرة على المُستوى الطبّي، ما يستلزم اللجوء بسرعة، ومن دون أي تأخير إضافي، إلى خيار الإقفال العام والتام، على أن يكون هذه المرّة لفترة أطول من أسبوعين وخاليًا من الإستثناءات التي أفرغته من معناه في المرّات السابقة! فهل سيحصل ذلك؟

بحسب أوساط طبّية مُطلعة إنّ خيار الإقفال العام والتام للبلاد سيفرض نفسه بالقُوّة، على الرغم من الإعتراضات، بمعنى أنّ الإرتفاع المُخيف لعدد المُصابين والمُتوقّع أن يتزايد خلال الأيّام القليلة المُقبلة، سيُجبر المَعنيّين على هذا الخيار، إلا إذا كانوا يعتبرون أنّ العجز عن تأمين غرف عناية فائقة للحالات المُتقدّمة من بين المُصابين بوباء كورونا، وبالتالي وفاة هؤلاء من دون إمكان السعي لإنقاذهم، هو أقلّ ضررًا من خيار الإقفال! وتوقّعت الأوساط أنّ نلحظ إرتفاعًا كبيرًا في عدد المُصابين بالوباء، وكذلك في عدد الوفيّات، خلال الأسبوعين المُقبلين، وهي الفترة الزمنيّة التي تُظهّر الإصابات التي حصلت خلال فترة الأعياد. وعزت الأوساط الطبية نفسها هذا الإرتفاع الذي حصل، والذي سيتظهّر أكثر وبشكل مُخيف في الأيّام المُقبلة، إلى التخالط الكبير الذي حصل خلال فترة الأعياد ومن دون الإلتزام بشروط الوقاية، وإلى قُدوم نحو ثمانين ألف لبناني مُغترب إلى لبنان خلال هذه الفترة وقيامهم بزيارات وبأنشطة إجتماعيّة كثيفة، وكذلك إلى تراخٍ كبير في تطبيق إجراءات التباعد الإجتماعي وإرتداء الكمّامات وعدم التخالط، من قبل شرائح واسعة من المُجتمع اللبناني في كلّ المناطق والمُدن والبلدات، إلخ.

وتوقّعت الأوساط الطبيّة المُطلعة أن يتمّ تطبيق توصيات الإقفال التي تصدر تباعًا عن كل المراجع الطبيّة، وفي طليعتها لجنة مُتابعة وباء كورونا، داعية إلى عدم التهاون في إجراءات الإقفال التي ستُقرّ غدًا الإثنين عبر اللجنة الوزاريّة لكورونا، وذلك مهما بلغ سقف الإعتراضات. وأشارت إلى أنّ كل الجهات الرسميّة اللبنانيّة مُضطرّة في نهاية المَطاف إلى مُواكبة قرار الإقفال وإلى تطبيقه بحزم، كما حصل خلال المرحلة الأولى من وُصول وباء كورونا إلى لبنان في شتاء العام 2020. وقالت إنّ الإقفال هذه المرّة، وليكون فاعلاً وليسمح بتخفيف عدد المُصابين جديًا، وبالتالي عدد الوفيّات، يجب أن يكون لفترة زمنيّة طويلة، وخُصوصًا من دون لائحة الإستثناءات التي صدرت خلال الإقفال الأخير. وقالت الأوساط نفسها إنّه على الرغم من الضرر الذي سيلحق بالعديد من القطاعات الإنتاجيّة والمصالح الإقتصاديّة والمؤسّسات التجاريّة، فإنّ إنقاذ القطاع الطبّي من الإنهيار يبقى أهمّ، وإنقاذ أرواح الناس يبقى أولويّة، خاصة وأنّ كل دول العالم لجأت وتلجأ إلى هذا الحلّ القاسي كلّما عجزت عن مُعالجة مُصابيها.

وأكّدت المصادر الطبيّة المُطلعة أنّ لبنان لا يستطيع أن يتحمّل أكثر من خمسين ألف إصابة ناشطة في آن واحد، مُشيرة إلى أنّه في الماضي كانت نسبة الإصابات التي تُشفى شفاء تامًا، من دون الحاجة إلى أيّ عناية طبيّة في المُستشفيات، تفوق بفارق كبير تلك التي تحتاج إلى النقل إلى المُستشفى، وخاصة تلك التي تحتاج لأسرّة عناية فائقة. وأضافت أمّا اليوم، فإنّ عدد الحالات الناشطة فاق عتبة الست والخمسين ألف إصابة، والرقم في تصاعد مُستمر وهو سيتحوّل إلى كرة ثلج تكبر بإستمرار. وقالت إنّ أسرّة العناية الفائقة باتت حاليًا مشغولة بالكامل في بعض المُستشفيات، وشبه مُمتلئة في أخرى، ولن يكون من المُمكن بالتالي تأمين العناية بالحالات الجديدة في ظلّ إستمرار تكاثرها بهذه الوتيرة المُخيفة.

ونبّهت الأوساط الطبيّة المُطلعة إلى أنّ التعويل على اللقاح هو أمل زائف، لأنّ إنتشار اللقاحات في لبنان والعالم، لن يتمّ بسرعة، خاصة وأنّ المرحلة الأولى من اللقاحات تطال الجسم الطبّي والكبار في السنّ، أي الشرائح التي تتقيّد عُمومًا بالإجراءات وغير المُستخفّة بالوباء. وقالت إنّ المُشكلة الكبرى أنّ النسخة المتحوّرة من وباء كورونا صارت مُنتشرة بشكل أكيد في 40 دولة، وهي تًصيب الشباب أكثر من سواهم على ما يبدو، علمًا أنّ فئة الشباب هي الأكثر إستهتارًا في الإلتزام بالإجراءات عُمومًا.

وختمت الأوساط الطبّية كلامها بالتشديد على أنّ مُواجهة الكارثة المُقبلة لا يُمكن أن يتمّ إلا عبر فرض الإقفال العام والتام، وضُمنًا عبر فرض الإلتزام الكامل بالإجراءات من قبل المُواطنين. وأضاف أنّ النجاح بمُحاصرة الوباء يستوجب أيضًا دفع مُستحقّات المُستشفيات، لا سيّما منها تلك الخاصة بأقسام مُعالجة المُصابين بوباء كورونا، وبالتالي العمل على زيادة القُدرات الإستشفائيّة في المُستشفيات الخاصة والرسميّة على السواء، وتأمين الدُفوعات المَطلوبة لمُوردي ومُوزّعي المُستلزمات الطبيّة، والعمل على تسريع وُصول اللقاحات في أقرب فُرصة مُمكنة وتوزيعها بشكل مجّاني أو شبه مجّاني على أوسع شرائح مُمكنة من الشعب اللبناني.