Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر March 26, 2017
A A A
الإرهاب طاعون العصر وتنظيم داعش حصان طروادة للأميركيين
الكاتب: نزار بوش - سبوتنيك

لقد أصبح موضوع الإرهاب ومحاربته حديثَ الساعة، في الإعلام وفي الأروقة الدبلوماسية وأروقةِ مجلس الأمن والأمم المتحدة، ولكن كلُ يوم نرى ازدياداً في عدد الجماعات الإرهابية وتسمياتها وخاصة في الشرق الأوسط، وحتى أنها تمددت إلى أوروبا ونفذت عمليات إرهابية في عدد من العواصم الأوروبية.

مع ذلك لم نر محاربةً فعليةً لهذا الإرهاب من قبل الدول الغربية والولايات المتحدة إن كان في سوريا أو في العراق أو في ليبيا أو في اليمن، حتى أننا في أغلب الأحيان لا نسمع شجبا أو تنديدا لعمليات إرهابية ضد المدنيين في الدول المذكورة، وآخر العمليات الإرهابية نفذها انتحاريون في القصر العدلي وفي مطعم الربوة في العاصمة السورية دمشق راح ضحيتها عشرات المواطنين المدنيين، ولم يأت على ذكرها الإعلام الغربي ولم يشجبها فهل يا ترى قتل المدنيين في المطاعم وفي الدوائر الحكومية عمل لا يحرك الضمائر في المؤسسات الإعلامية الغربية ولدى الحكومات المسؤولة عنها والتي تتحدث دائما عن محاربة الإرهاب، بينما نرى الغرب يرسل بوارجه وحاملات طائراته من أجل محاربة الإرهاب كما يدعي إلى الشواطئ السورية والليبية واليمنية والعراقي، ولكن بدون جدوى، أما عندما تحصل عملية إرهابية في دولة أوروبية أو دولة حليفة للولايات المتحدة الأمريكية نرى الغرب يشجبها وينددٌ بها ويدعو إلى محاربة التنظيمات الإرهابية.

وهنا نتساءل هل تحتاج محاربة الإرهاب للبوارج والأساطيل البحرية والقاذفات الاستراتيجية، أم أنها تحتاج لقطع إمداد الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والضغط على الدول الداعمة لها، ومحاربة الايديولوجية التي تعتمدها التنظيمات والجماعات الإرهابية في شتى أنحاء العالم بالإضافة إلى توحيد الجهود بين جميع الدول في محاربة الإرهاب فعليا وليس نظريا.

هناك أسئلة كثيرة حول الإرهاب وانتشاره وطرق محاربته طرحنا عددا منها على المستشرق والمحلل السياسي أندريه أونتيكوف من موسكو وعلى الباحث والمحلل السياسي الألماني من أصل سوري عبد المسيح الشامي من برلين.

الإرهاب وسيلة في يد بعض الدول الغربية والعربية
رغم أن العالم كله يتحدث عن محاربة الإرهاب والقضاء عليه، ولكن في حقيقة الأمر نرى ازديادا في عدد التنظيمات الإرهابية في العديد من الدول التي أرادت الولايات المتحدة نشر الديمقراطية فيها وقلب أنظمة حكمها وحسب رأي المستشرق أندريه أونتيكوف فإن سبب ازدياد انتشار الإرهاب واكتساب الجماعات الإرهابية قوة يوما بعد يوم في العالم رغم أن كثيرا من الدول تتحدث عن محاربة الإرهاب، هو أن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية والعربية تستخدم الإرهاب كوسيل لتحقيق أهدافها، فمن الواضح لا توجد محاربة فعلية للإرهاب، وقد شاهدنا في السنوات السابقة كيف أن الاستخبارات البريطانية أنشأت منظمة الاخوان المسلمين، والآن تسيطر على هذه المنظمة الاستخبارات المركزية الأميركية، وأيضا أنشأت الولايات المتحدة منظمة القاعدة بأيدي سعودية، كما أنشأت الولايات المتحدة تنظيم داعش وغيرها، وهذا يعني أن الإرهاب هو وسيلة في أيدي بعض الدول، فكيف نستطيع محاربة الإرهاب في حال أن هذه الدول تدعم الإرهاب. وقد أضاف أونتيكوف أن الولايات المتحدة اعتمدت على تأسيس الجماعات الإرهابية على الفكر الديني وخاصة من أجل محاربة الاتحاد السوفييتي الشيوعي سابقا.

الدول الأوروبية شريكة في صناعة الإرهاب
تحدث الإعلامي والصحفي عبد المسيح الشامي لبرنامج نادي المستشرقين في إذاعة سبوتنيك عن أن الدول الأوروبية بدرجة أو بأخرى كانت شريكة في صناعة الإرهاب، ولا أعتقد أن هذه الدول حتى الآن جادة بمحاربة الإرهاب، رغم أن الإرهاب وصل إلى داخل القارة الأوروبية وضرب كثيرا من الدول الأوروبية، وبدأ ينخر في القارة من الداخل، ومع ذلك لا نجد نية حقيقية من هذه الدول لمحاربة الإرهاب، وهذا ربما ما يفسر الامتعاض والغليان الشعبي في داخل أوروبا على الأنظمة الأوروبية وعلى دورها السلبي.

الحرب الإعلامية
تجاه سكوتها وعدم تحركها في محاربة الإرهاب الذي بات يطال الشعب الأوروبي في عقر داره، وهذا ما يفسر ميول الشعب الأوروبي لاختيار الأحزاب اليمينية، لأن اليمين بدأ ينادي بالقضاء على الإرهاب ومحاربته وهذا ما يتطابق مع رغبة الشعب الأوروبي. الآن أصبح الإرهاب ظاهرة عالمية تطال كل دول العالم، وربما كان الغرب يعتقد أن هذا الإرهاب لن يطاله، لأن الدول الغربية كانت تستعمل الإرهاب كأداة للوصول إلى أهدافها وسرقة ثروات الشعوب وللسيطرة على الدول، ولكن لم يحسبوا أن هذا الإرهاب سيدخل دولهم ويقض مضاجعهم، ولكن وصل الإرهاب إلى دولهم ولم يكونوا متهيئين له بما يكفي، وهكذا بدأ الإرهاب يهدد الدول التي عملت على إنشائه، وأضاف الصحفي عبد المسيح الشامي، للأسف الشديد لم نسمع يوميا من هذه الدول أي شجب للأعمال الإرهابية في سوريا، وقد حصل عمل إرهابي منذ مدة في دمشق راح ضحيته المئات ولم نسمع أي شجب من هذه الدول وكأنهم لم يسمعوا بهذا العمل الإرهابي إطلاقا، وهناك أعمال إرهابية يومية في سوريا تقوم بها الجماعات الإرهابية ولكن للأسف الشديد لم نسمع أي تنديد أو شجب من قبل الدول الغربية، وأنا لا أتوقع رد أو شجب أو أي موقف حاسم تجاه الأعمال الإرهابية من قبل الدول الغربية، ولا يوجد موقف حقيقي رافض لهذا الإرهاب ولا شجب إعلاميا أو علنيا لهذا الإرهاب.

الولايات المتحدة وبريطانيا تدعمان الإرهاب ولا تحاربانه
عندما نرى دولا عظمى تصنع الإرهاب وتشجع بعض الدول الغنية نفطيا بدعم الجماعات المتطرفة الإرهابية في العالم فلا بد وأن ينتشر الإرهاب وتصبح محاربته صعبة جدا، ولا يمكن لدولة واحدة واحدة أن تحاربه منفردة. وحول أسماء بعض الدول التي تدعم الإرهاب قال المستشرق أندريه أنتيكوف، إن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى مثل بريطانيا هي التي تدعم الإرهاب، ولا شك أن هذه الدول تسعمل الدول العربية كالسعودية وقطر اللتان هما وسيلة في أيدي الدول الغربية من أجل تمويل وتشجيع الإرهاب كما تشجع الناس كي تنضم إلى المنظمات الإرهابية، كل ذلك نتيجة الضغط الأمريكي، فلذك يصطدم مشروع تفعيل محاربة الإرهاب ومعاقبة الدول الراعية له بالرفض الأمريكي لأنه لا يمكن أن تعاقب الولايات المتحدة نفسها وهي عضو دائم في مجلس الأمن.

محاربة ايديولوجية الإرهاب تقع على عاتق رجال الدين والحكومات
لا شك أن التنظيمات الإرهابية تعتمد على ايديولوجية ما من أجل ضم عناصر الشباب إلى صفوفها وترويج أعمالها الإرهابية، وهذا يعني أنه من أجل محاربة الإرهاب لا بد أولا من محاربة الايديولوجية التي تعتمد عليها هذه التنظيمات الإرهابية وأيضا محاربة الفقر والقضاء عليه، وهذا يقع على عاتق رجال الدين والحكومات في الدول التي ينتشر فيها الإرهاب. ورجال الدين يجب أن يلعبوا دورا إيجابيا في توعية الناس بعدم الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، فيما تقع على عاتق الحكومات مسألة محاربة الايديولوجيات وهذا رأي المستشرق أندريه أونتيكوف.

* الإرهاب أصبح حصان طروادة لدى بعض الدول الغربية للتدخل في شؤون الدول ونهب ثرواتها.

لم يكن الإرهاب لينتشر في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن لو لا التدخل الغربي والأمريكي في شؤون هذه الدول، تحت حجة تصدير الديمقراطية وقلب أنظمة حكمها على أساس أنها ديكتاتورية، فالولايات المتحدة تتدخل في شؤون الدول ومن ثم تصنع المبررات من أجل الغزو العسكري وقلب أنظمة الحكم كما فعلت في العراق وليبيا وسوريا وأفغانستان ويوغوسلافيا، وكانت النتيجة تفكك هذه الدول وسقوط مئات آلاف الضحايا بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية وتشريد الشعب وانتشار الإرهاب الذي أصبح حسب رأي الصحفي عبد المسيح الشامي حصان طروادة، عدا ذلك فإن توحد الدول في محاربة الإرهاب غير ممكن، لأن هناك دول صنعت الإرهاب فكيف يمكن أن توحد جهودها مع روسيا لمحاربته، والإرهاب أصبح حصان طروادة الحقيقي من أجل احتلال الدول ودخولها وسرقة ثرواتها، ولولا كذبة الإرهاب لما استطاعت الولايات المتحدة دخول أفغانستان، والغرب استثمر في قضايا الجهل والتعصب الديني في الدول التي دخلها بحجة محاربة الإرهاب، كما حصل في أفغانستان وفي العراق وفي سوريا وفي ليبيا وفي دول أخرى، كما الغرب يعاني من أزمات اقتصادية كبيرة يريد أن يعوضها من خلال الغزوات بعقلية العصور الوسطى والعصور الحجرية عندما كانت تغزو شعوب شعويا أخرى لسلب الثروات هذا هو الواقع، لذلك لا يمكن الكلام عن أي اتفاق أو أي حرب مشتركة بين من يحارب بشكل حقيقي كروسيا ضد الإرهاب وبين دول صنعت الإرهاب ولا زالت ترعاه حتى الآن من أجل احتلال وتقسيم الدول وسرقة ثرواتها.

* الإرهاب واحد أينما حصل، ولا يوجد إرهاب سيء وإرهاب جيد ومحاربته أولية.

لا شك أن أي عمل إرهابي في أي مكان في العالم مشجوب ومدان، وعلى جميع دول العالم أن تحاربه، والإرهاب لا يمكن أن نقسمه إلى جيد وسيء، فمثلا عندما ينفذ إرهابي عملية إرهابية في دولة أوروبية، يشجبه مجلس الأمن والمجتمع الدولي ويدعون إلى محاربته وملاحقة الفاعل والقضاء عليه، ولكن عندما ينفذ الإرهابيون عمليات إرهابية بالجملة في سوريا ويودي بحياة المئات من المواطنين الأبرياء، فلا نسمع المجتمع الدولي ومجلس الأمن يشجبه، ولا تنقله وسائل الإعلام الغربية، بل ربما تروج له على أنه عمل ثوري، وهكذا يقسم الغرب والولايات المتحدة الإرهاب إلى سيء وجيد، بينما روسيا تدعو المجتمع الدولي العمل على توحيد الجهود من أجل محاربة الإرهاب بجدية وليس بالكلام والتصريحات، وهنا نتساءل هل الدول الغربية جادة في محاربة الإرهاب، أم انها تستخدمه لتحقيق أهداف سياسية وطموحات توسعية في مناطق عديدة، بل الأكثر من ذلك هناك دول تستثمر في الإرهاب، وتستخدمه وسيلة للحصول على الأموال، من أجل تحسين اقتصادها.

وكما صرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروف بأن صمت الغرب يدل على موقفه الحقيقي من الإرهاب فيما يتعلق بالتفجيرات الإرهابية الأخيرة في العاصمة السورية دمشق. وقد عبرت موسكو عن خيبة الأمل من رفض الدول الغربية في مجلس الأمن إدانة الهجمات الدموية الأخيرة في دمشق، ما يدل على تقاعس الغرب في اتخاذ خطوات فعالة لمحاربة الإرهاب.
وقالت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية: “رفض إدانة الأعمال الإرهابية في دمشق في آذار، والتكتم على هذه الأحداث الدموية وكذلك عن الحقائق حول استخدام إرهابيي “داعش” الأسلحة الكيميائية في سوريا والعراق، يدل على عدم الرغبة في اتخاذ إجراءات فعالة لردع الخطر الإرهابي الذي ما زال عند مستويات مرتفعة جدا”.
وتابعت أن تغذية الإرهابيين بالأسلحة والذخيرة والمجندين الجدد والأموال، لا تنقطع، مشددة على أن كل هذه المساعدات تدخل المنطقة من الخارج. كما اعتبرت زاخاروفا أن الهجمات الإرهابية في دمشق وريف حماة تؤكد أن محاربة الإرهاب تبقى على رأس الأولويات فيما يخص جدول أعمال المفاوضات السورية التي استؤنفت في جنيف يوم الخميس.

وكانت 4 تفجيرات انتحارية قد هزت دمشق في 11 و 15 آذار، إذ استهدف الهجوم المزدوج الأول حافلات تقل زوارا  في منطقة باب الصغير، وأسفر عن مقتل 40 زائرا عراقيا على الأقل. وبعد 4 أيام فجر انتحاري نفسه في القصر العدلي  بالحميدية، حيث قتل أكثر من 30 شخصا، فيما فجر إرهابي ثان نفسه في مطعم بمنطقة الربوة وأسفر الهجوم عن سقوط 20 مصابا على الأقل.

تنظيم داعش حصان طروادة للأميركيين
أوجدت الولايات المتحدة الأميركية تنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا والعراق بديلا عن تنظيم القاعدة الذي استخدمته في محاربة قوات الاتحاد السوفييتي في أفغانستان في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ومن ثم احتلت أفغانستان تحت مبررات محاربة تنظيم القاعدة ومن جديد تعود الولايات المتحدة إلى استخدام نفس السيناريو ولكن بطريقة أخرى في سوريا والعراق. فبعد أن حقق الجيش السوري انتصارات حقيقية ضد داعش والنصرة في حلب وفي ريف دمشق وحرر مدينة تدمر من داعش بدعم ومؤازرة القوى الجوية الفضائية الروسية، دب الذعر في نفس البنتاغون والإدارة الأميركية وبعض الدول الغربية، لأنهم يرفضون أن تندحر أدواتهم التي صنعوها من أجل تحقيق أهدافهم بتثبيت نفوذهم في سوريا من خلال حجة التدخل لتحرير مدينة الرقة من تنظيم داعش الإرهابي ليصبح داعش حصان طروادة إلى سوريا والمنطقة، وقد لجأت الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية كالسعودية وقطر إلى إعطاء الأوامر للجماعات المسلحة الإرهابية بشن هجومات متتالية على العاصمة دمشق وفتح جبهات في محافظة حماه من أجل إشغال الجيش السوري وإيقافه عن تقدمه في شرق حلب حيث يتابع تقدمه ويلاحق تنظيم داعش ويحاصره في مدينة دير حافر ويتابع ملاحقته  باتجاه مدينة مسكنة التي تتوسط طريق حلب الرقة، وهذا ما ترفضه الولايات المتحدة التي ترفض إنهاء تنظيم داعش كبنية عسكرية، بل ربما تفككه طالما هي التي اخترعته لتجعله حصان طروادة الذي تصل على ظهره إلى أهدافه ونشر قواتها في شرق سوريا، فهي تريد أت تستلم مدينة الرقة من حليفها “داعش” دون معارك وبعد ذلك تستخدم من تبقى من إرهابيي داعش في تشكيلات عسكرية جديدة حليفة لها من أجل بسط سيطرتها على شرق سوريا حيث تكمن 60% من ثروات سوريا النفطية والغازية والمائية والزراعية.