Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 30, 2019
A A A
الإجراءات الموجعة آتية والمصارف والبنزين أول المستهدفين!
الكاتب: سابين عويس - النهار

العدّ العكسي للإجراءات الموجعة التي عجزت موازنة ٢٠١٩ عن اتخاذها، بدأ. وهذه المرة من قصر بعبدا التي أخذ سيدها على عاتقه تولي الملف الاقتصادي، بعدما لمس ان عهده في عامه الثالث سيكون ضحية تحمل تبعة الانهيار المتقدم بخطوات حثيثة تحت وطأة بيئة باتت اكثر ملاءمة له، في ظل التردي الاقتصادي والمالي الحاصل.

من هنا، كانت مبادرة رئيس الجمهورية الى عقد اجتماع مالي – اقتصادي في ٩ آب الماضي، شاركت فيه القوى السياسية والاجهزة المعنية، واتخذت سلسلة قرارات، يحتاج تنفيذها الى تفعيل القرار السياسي المتخذ في شأنها، اذ بدا بعد نحو ٣ أسابيع من الاجتماع ان ايا من القرارات لم يأخذ طريقه نحو التنفيذ. وبدا ان القوى المعترضة لم يكن اعتراضها على طبيعة القرارات، بل على تولي رئيس الجمهورية ملفا يفترض ان يكون ضمن صلاحياتها ومسؤوليتها.

قرار الرئيس الامساك بالملف الاقتصادي والمالي جاء بعد نقاشات طويلة داخل فريقه الاقتصادي، بفعل تباين الآراء بين من يؤمن بضرورة المبادرة الى المعالجة، ورفض تحمل مسؤولية الوضع واي انهيار يمكن ان يتأتى عن سوء ادارته.

في عشاء أقامه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لمجموعة من الصحافيين قبل اشهر، ولدى طرح هذه المسألة، رفض باسيل ردا على سؤال لـ”النهار” تحميل العهد مسؤولية الانهيار، من خلفية ان العهد ليس مسؤولا عن السياسات المتعاقبة التي أدت الى النتائج المتردية اليوم. وظلت هذه المعادلة سائدة حتى بدأ الوضع يزيد تفاقما، وتوسع الاقتناع لدى هذا الفريق بأنه لن يكون بمقدوره تجنب مسؤولية الانهيار، وعدم وصم رئيس الجمهورية وعهده بوصمته.

عزز الرئيس وسائل الامساك بالقرار الاقتصادي. ساعده تساهل رئيس الحكومة في هذا المجال وتخلفه عن الاضطلاع بدوره. فكانت الدعوة الى حوار اقتصادي في قصر بعبدا الاثنين المقبل، تم التمهيد له باجتماعات على مستوى خبراء يمثلون الأحزاب السياسية الابرز، والهدف واضح من وراء ذلك: وضع سلة من الاجراءات غير الشعبية بإجماع اصحاب الاختصاص، ووضع القوى السياسية امام مسؤولياتها من اجل تغطيتها وتوفير المظلة السياسية لتنفيذها.

وتنطلق الاجراءات من مجموعة افكار واقتراحات هي خلاصة نقاشات الخبراء الذين تعاقبوا على الاجتماع لاكثر من مرة، بمشاركة وزيري الاقتصاد والتجارة منصور بطيش والتكنولوجيا عادل افيوني، فيما بدا لافتا غياب رئيس لجنة المال والموازنة ابرهيم كنعان، بعد تباين في الآراء حصل بينه وبين اعضاء في لجنة الخبراء استدعى تدخل رئيس الجمهورية.

وقد عمل الوزيران افيوني وبطيش على صياغة مسودة بهذه الاقتراحات ليصار الى رفعها وتبنيها في اجتماع الاثنين.

الإجماع على ضرورة اتخاذ القرارات الفورية كان واضحا لدى لجنة الخبراء تحت عنوان اساسي يرمي الى خفض العجز المالي. ولكن التباين كان واضحا ايضا في الاجراءات الواجب اتخاذها. فمقابل اقتناع “التيار الوطني الحر” بمبدأ فرض الضرائب لتحسين الايرادات، كان “حزب الله” رافضا للمبدأ بالمطلق، حاصرا الضريبة على القطاع المصرفي.

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن سلة الاقتراحات تشمل مجموعة من الضرائب ستفرض اما من خلال زيادة في نسبة الضريبة على القيمة المضافة، واما من خلال رسوم وضرائب لا تطال بشكل كبير ذوي الدخل المحدود. اما الرسم الفوري فسيكون على البنزين، ليس من خلال فرض زيادة وانما من خلال وضع حدّين، أدنى وأقصى للسعر، بحيث تستفيد الخزينة من الفرق.

لا تبدو الهيئات الاقتصادية المغيبة عن اجتماعات بعبدا راضية عما يجري الاعداد له، علما ان رئيس الهيئات ليس الا وزير الاتصالات محمد شقير الذي يزاوج بين مسؤوليته الخاصة والرسمية.

فقد استغربت الهيئات “التسريبات الحاصلة من أهل السلطة والتي توحي باستمرار نهج زيادة الضرائب في موازنة 2020″، معلنة “رفضها المطلق لزيادة الاعباء الضريية على القطاعات الانتاجية والاقتصادية التي أثبتت عقمها والتي لن تشكل على الاطلاق الدواء الشافي لخفض عجز الموازنة، إنما الداء الذي سيقضي على ما تبقى من اقتصاد.”

وأعربت عن قلقها الشديد من “التراجعات الكبيرة وغير المعهودة المسجلة في أداء الاقتصاد الوطني وفي مختلف قطاعاته”، مؤكدة “ان معالجة هذه الأزمة الحادة المتعددة الوجه تتطلب مقاربات جدية وفعلية وإجراءات غير مسبوقة وشجاعة للجم التدهور وإعادة الاقتصاد الى طريق التعافي والنهوض”.

وطالبت بالذهاب فورا الى العلاجات الفعلية والتي تتمثل بإعادة هيكلة القطاع العام وخفض نفقاته، وقف التهريب، إنهاء الاقتصاد غير الشرعي، معالجة ملف الكهرباء، مكافحة الفساد، وتحفيز الاقتصاد لزيادة النمو وخلق فرص العمل والمباشرة فورا بتنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر لتحريك العجلة الاقتصادية”.