Beirut weather 26.41 ° C
تاريخ النشر September 19, 2024
A A A
«الإجتياح» السيبراني والردّ المحتمل
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”

«الإجتياح» الإسرائيلي إستمر أمس لليوم الثاني على التوالي، ولكنه هذه المرة إجتياحاً من نوع آخر، وغير مسبوق، ليس في الحروب العربية ــ الإسرائيلية وحسب، بل وأيضاً في الحروب الحديثة. إنه إجتياح مخابراتي تكنولوجي سيبراني، نقل المواجهة من ساحات الوغى إلى عالم الذكاء الإصطناعي المتفلّت من قيود الحروب التقليدية.
لا ضرورة للتذكير بأن التكنولوجيا المتطورة هي الملعب الأساسي للدولة العبرية، حيث تساهم بعض المنتجات الإلكترونية الإسرائيلية في تجهيز معدات دقيقة في طائرات الفانتوم الأميركية، خاصة “أف 15” مثلاً، الأمر الذي يجعل من مسألة إختراق أجهزة الإتصالات “البيجر”، أو “التوكي ووكي”، إحتمالاً متوقعاً، خاصة عند توفر الإختراق المخابراتي، وتفخيخ الأجهزة قبل وصولها إلى لبنان.
وإذا صحت المعلومات المتداولة بأن توقيت التفجير الإسرائيلي تقرر إثر إكتشاف عنصرين من حزب الله عملية التفخيخ المشبوهة، فذلك يقودنا إلى مربع آخر له علاقة بحجم الإختراق البشري للحزب، في هذه المرحلة البالغة الصعوبة والتعقيد.
لكن لا بد من وضع “الإجتياح السيبراني” في مكانه الصحيح، وعدم المبالغة في تقييم تأثيره على المواجهة العسكرية المفتوحة بين الحزب والعدو الإسرائيلي، منذ ٨ تشرين ــ أكتوبر من العام الماضي.
رغم ما يمكن أن تسببه من إرباكات في تحركات الحزب، فإن العملية الإسرائيلية تعتبر ضربة في سياق الضربات المتبادلة بين الطرفين عبر الحدود اللبنانية الجنوبية، وإن كان الهجوم السيبراني قد نال من شبكة إتصالات الحزب، وزاد من تداعيات الضربة الموجعة على مختلف المستويات.
غير أن الحزب سبق وسجل إختراقات مهمة في رحلات المسيّرة “الهدهد”، التي وصلت إلى حيفا، وإلتقطت صوراً وفيديوهات للقواعد العسكرية، والأماكن الإستراتيجية، في هذا الميناء الحيوي، وعادت إلى قواعدها سالمة، مع غنيمة من المعلومات أثارت قلق القيادات الأمنية الإسرائيلية، التي سلّمت بنجاح مسيّرات الحزب في الوصول إلى أهدافها، دون أن يتمكن رادار الرصد وأجهزة الإعتراض، من القبة الحديدية إلى “السهم”، من إكتشافها وإسقاطها، لا في الذهاب ولا في الإيّاب.
الواقع أن محور الممانعة مازال متمسكاً بخيار عدم الذهاب إلى حرب واسعة مع العدو الإسرائيلي، ويعمل على إحباط مخطط نتنياهو لجر المنطقة إلى حرب اقليمية،يتم توريط الولايات المتحدة في معاركها ضد إيران.
ولكن يبقى من المهم أن يدرك أهل الحل والربط على المستويين، الرسمي والسياسي، أن الوضع المتدحرج في البلد يشكل خطراً مصيرياً على لبنان، في ظل الإنهيارات المستمرة، والشلل الذي يتحكم بمفاصل الدولة، بغياب رئيس الجمهورية وتعطيل المؤسسات الدستورية.
فهل حياة لمن تُنادي؟