Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر June 4, 2020
A A A
الإثراء غير المشروع بين الإرادة السياسية والإشتباك الدستوري
الكاتب: أكرم حمدان - نداء الوطن

أقرت اللجان النيابية المشتركة أمس في جلسة لها غالبية مواد قانون تعديل قانون الإثراء غير المشروع الذي دمج بين مشروع قانون وإقتراحي قانونين أعدا بهذا الشأن وذلك بعدما كانت أنجزت اللجنة الفرعية التي كُلفت بهذا الأمر مهمتها ورفعت خلاصة جهدها إلى اللجان المشتركة.

إلا أن ما يستدعي التوقف عنده هو المادة المتبقية من هذا القانون والتي يتفرع عنها مادة ثانية كما قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.

فهذه المادة ربما تنسف المشروع أو الإقتراح برمته لأنها تتعارض مع المادة 70 من الدستور التي تتحدث عن الإخلال بالواجبات الوظيفية والتي يعتبر البعض أنها من إختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بينما يرى البعض الآخر أنها من إختصاص القضاء العادي (وفي هذا آراء وإجتهادات قانونية وفقهية ودستورية مختلفة).

وما يُعزز فرضية السؤال عن مصير هذا القانون ربما تصريح نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي أيضاً بعد الجلسة عندما قال: “بدأت مناقشة القانون مادة مادة وأقرت معظم مواده ولم تبق إلا مادة تتفرع منها مادة ثانية، وهي تدرس وفي غاية الحساسية والدقة وتتعلق بمدى تعارضها مع المادة 70 من الدستور التي تتعلق بالإخلال بالواجبات، وهي من صلاحية محاكمة الرؤساء والوزراء، والأخرى تتعلق بالقضاء العدلي، وهذا أمر فتح أبواباً أخرى للتفكير في مسائل ذات أهمية مطلقة تتعلق بتوفير شفافية النظام العام، وسيكون موضع مناقشة في جلسة أخرى ستحدد في ما بعد”.

وعلمت “نداء الوطن” أن المادة 11 من هذا القانون هي لب النقاش وأساس القانون وهي تنص على اعتبار جريمة الإثراء غير المشروع لا تتعلق بالإخلال الوظيفي وتُلاحق أمام القضاء العدلي.

وتقول مصادر نيابية شاركت في الجلسة لـ”نداء الوطن”: “إن هذه المادة لها بُعد دستوري وقد تصطدم بنص دستوري وبالتالي تُعرّض القانون إما لرد رئيس الجمهورية أو للطعن به، وهذا ما لا تريده الكتل النيابية والسياسية الموجودة في مجلس النواب”. وتُشير المصادر إلى أن “كل الكتل أعلنت أنها مع الذهاب حتى النهاية في موضوع محاربة الفساد والإثراء غير المشروع إنما يجب أن يتوافق ذلك مع الدستور وبالتالي رُفعت الجلسة على سؤال عن المخرج الذي ربما يكون تفسير المادة 70 من الدستور طالما أن الظروف مؤاتية بسبب ضغط الشارع وهذا أيضاً يتطلب إنجاز قانون إستقلالية السلطة القضائية الذي يجري العمل عليه في اللجان النيابية أيضاً”.

وليس بعيداً عن وقائع الجلسة أمل عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون عبر تغريدة له على “تويتر” أن يُستكمل هذا القانون وصولاً لإقراره في جلسة الهيئة العامة المقبلة “صاغ سليم” من دون الأعذار المعتادة حول عدم إستقلالية القضاء، كما قال، سيما لجهة تشديد التصريح للذمة المالية والمصالح لكل العاملين في القطاع العام (سياسيين وموظفين). أما عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجار فقد أعلن أيضاً عبر “تويتر” أن الكتلة طرحت خلال الجلسة أن ترفع كل الحصانات عن كل السلطات الدستورية بدءاً من رئيس الجمهورية إلى رئيس وأعضاء الحكومة والنواب والقضاة والأسلاك العسكرية والموظفين في كل ما له علاقة بالمال العام. وفي السياق تمنت اللجان على لسان الفرزلي مراعاة كرامة المواطنين من قبل الجهات القضائية عند استدعائهم، موجهة رسالة إلى النيابات العامة بشأن ما اعتبره النواب بعض الممارسات التي تقوم بها النيابات العامة لاستدعاء من ترسم حوله شبهات أو شكوك من دون أن ترفق هذه الإستدعاءات والتوقيفات بأدلة ترقى إلى مستوى يستحق التوقيف، وهو الأمر الذي حصل أخيراً في مسائل تتعلق بالبواخر وبالصرافين وبعض الملفات الأخرى، فالشخص الذي يجر إلى القضاء ويتم توقيفه، وبعد 48 ساعة و72 ساعة يخرج وكأن شيئاً لم يكن، أمر يستأهل التساؤل، لأن سمعته والتشكيك فيه والتساؤل حول نظافته وعدمها تصبح موضع شك كبير لدى الناس، حسب الفرزلي.

عبدالله واستقلالية القضاء

ولأن الشيء بالشيء يُذكر، تقدم النائب بلال عبدالله أمس باسم “اللقاء الديموقراطي” بإقتراح قانون يتعلق بتعديل المادة 15 من المرسوم الذي ينظم جزءاً من أعمال مجلس شورى الدولة، لجهة إنتداب القضاة إلى الإدارات حيث يصبح بعض هؤلاء القضاة يتعاطون بصفة مستشارين للوزراء ويصبح هناك تضارب لجهة إستقلالية القضاء.

ونص الإقتراح على إلغاء هذه المادة وعدم السماح للقضاة بأن يكونوا في أي موقع إداري قريب للإدارة مواكب للإدارة وللوزراء، لأن هناك مصالح قانونية وادارات ودوائر قانونية في هذه المؤسسات يمكن أن تلعب دورها وهكذا نبعد التدخل بين القضاء والإدارة. وتحدث عبدالله عن المحاصصة السياسية والزبائنية الطائفية المذهبية، التي خرقت القانون لجهة تجاوز الحصة المحددة للتعيين بثلث ملاك الفئة الأولى من خارج الملاك وقد خالفت بـ 9 أعضاء وأصبح لدينا 34 في الوقت الذي يسمح فيه القانون بـ 26.