Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر November 25, 2019
A A A
الأوروبيون مع حكومة متوازنة وجاهزون لمدها بالمال
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

ثمة بصيص أمل تتحدث عنه القوى السياسية المعنية والمتابعة للاتصالات الجارية بعيدا من الاعلام، مشيرة الى اقتراب موعد تأليف الحكومة بعد إعطاء الاذن لصافرة الاستشارات النيابية. يأتي هذا التطور مع جملة من المساعي الخارجية العاملة على خط الدفع لولادة الحكومة، ولا سيما ان الاوضاع الاقتصادية لم تعد تحتمل امام سعر صرف الدولار و”التهامه” لليرة. وفي مثل واضح على استفحال الازمة، يقول مرجع انه “بالكاد تم تأمين رواتب موظفي القطاع العام لتشرين الثاني”. ولم يخف غضبه على أصحاب المصارف الذين هرّبوا الى الخارج مبالغ كبيرة وتسببوا بكل هذا الذعر عند المودعين، ولا سيما عند الصغار منهم.
وأمام هذه المواجهة المفتوحة على وقع مواصلة الحراك لنشاطه المعهود في بيروت ومناطق عدة، ثمة اعتراف في البيئات التي لم تنسجم مع هذه الانتفاضة، بأن الاميركيين حققوا نقاطا على الارض من خلال استثمارهم في هذه الحراك الذي التقى في مكان ما مع سياسة واشنطن العاملة على تطويق مشروع “حزب الله”، ولو من باب حصر الحكومة بوجوه من التكنوقراط، تلك التعليمة التي تتردد منذ اكثر من اشهر على ألسنة الكثيرين من قيادة الحراك وقواعده، مع الاشارة الى ان وزراء ما بعد الطائف يأتون من السياسيين.
وعلى خط الاتصالات مع الرئيس سعد الحريري، فإن “الخليلين” علي وحسين لم ينقطعا عن “بيت الوسط”، وثمة نقاط يمكن البناء عليها إذا تم التعامل معها بطريقة مدروسة توصلا الى حكومة تكون محل قبول الاطراف المعنيين، ولا تبدو مستفزة للحراك، ولا سيما أن أقطاباً يكررون أن لا مانع لديهم من تمثيل الحراكيين في الحكومة العتيدة. من جهته، لا يزال الرئيس نبيه بري على حذره رغم تقديمه إشارات إيجابية، لكنه لا يزال على موقفه الشهير ومفاده أن “لا تقول فول تيصير بالمكيول”. واضاف اليه هذه المرة الحمّص من أجل أن تكون ركاب الوزراء المقبلين على قدر من التماسك والصلابة في مرحلة حافلة بالتحديات، ولا سيما أن الاقتصاد، وفق هذه الطريقة من التعاطي من القوى السياسية يتجه نحو الانهيارات الكبرى.
إلى الانكليز در؟
وفي ظل الاتصالات المفتوحة في الداخل، يزور بيروت اليوم المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية البريطانية ريتشارد مور، وهو خبير في شؤون المنطقة وتشعباتها. وقبل تحديد سفارة بلاده في بيروت المواعيد مع الرؤساء الثلاثة، سألت دوائر القصر الجمهوري إذا كان موعد الاستشارات النيابية اليوم. وعندما تبلغت بعدم تحديد الموعد تقرر لقاء الرؤساء الثلاثة اليوم والاستماع الى ما سيحمله هذا الموفد، مع الاشارة الى أن سياسات الدول الاوروبية الغربية “هي على قلب واحد” حيال لبنان، بحسب سفير ناشط يراقب بعناية فائقة مسار الحراك ويعاين عناصر قوته وضعفه.
وتختلف هنا رؤية الاوروبيين عن الاميركيين حيال التدقيق في مسار التطورات في الشرق الادنى، من لبنان الى العراق، بحسب ديبلوماسي أوروبي. وتبقى هذه المنطقة في صلب أولويات الاوروبيين، ولا سيما عند الانكليز والفرنسيين الذين رسموا خرائطها قبل عقود. وإن تركيز واشنطن الاول يظل منصباً على بلدان الخليج وثرواتها في النفط والغاز. وثمة جملة من النقاط التي خلص اليها ديبلوماسي اوروبي في معرض تقويمه الاحوال الاخيرة في لبنان، تمثلت بالآتي:
– تحاول البلدان الاوروبية المعنية عن كثب بالملف اللبناني عدم الغوص في الحراك أو التدخل في الخطط والمشاريع التي تعمل قياداته عليها. وان الاوروبيين يفضلون بقاء الرئيس سعد الحريري في الحكومة، شرط ان تأتي متوازنة، سواء كانت من التكنوقراط أو تكنوسياسية. وإذا قرر الرجل البقاء على موقفه فهو حر في العودة أو مغادرة المشهد السياسي.
– ليس من حق الحريري طرح اسماء غير مجربة، ولا سيما ان البلد لا يحتمل اي تجارب اخرى، ولا سيما ان الاقتصاد اللبناني على ابواب الانهيار. وإذا أقدم على تسمية شخصية فيجب أن تكون على قدر كبير من المسؤولية وعلى مستوى كبير من الاطلاع الاقتصادي والاجتماعي وعلى قدر هذه المرحلة مع كل معرفتنا للحساسية السنية في الشارع. ويقصد بمفهوم الحكومة المتوازنة أيضا عدم إقدام قوى 8 آذار على تسمية وجوه من صفوفها.
– من جهتنا، اذا تألفت حكومة من هذا النوع فسندعمها بالمال والمساعدات المباشرة ونقف الى جانبها ليخرج لبنان من مأزقه هذا. ومستمرون في الوعود التي تم قطعها حيال مؤتمر “سيدر”. ولا بد للقوى المعنية هنا من قطع دابر الفاسدين عند أكثر من فريق وعدم الإتيان بهم مجددا، وان تتعاطى مؤسسات الدولة ووزاراتها بأكبر قدر من الشفافية. وما يهمنا هو هدوء لبنان واستقراره لا الاسماء، شرط ان ترضي الحكومة المواطنين.
– لا يؤيد الاوروبيون كل هذه الضجة التي يحدثها “حزب الله” حيال التأليف، ولا يعقل في مثل هذه الظروف التطرق الى سلاح المقاومة في البيان الوزاري المنتظر. وإن الغربيين سيبقون على سياستهم كما هي حيال الحزب. ويوافق الديبلوماسي هنا على أن شعبية “الثنائي الشيعي” لم تتراجع لا بل زادت عندما شعر هذا المكون بالخطر الذي يهدده.
– في ظل هذه التحديات، ثمة جملة من الملاحظات الاوروبية على أداء الحريري في ظل حكومة مستقيلة. ومن أبسط البديهيات أن عليه ان يشكل خلية ازمة اقتصادية ولو في ظل تصريف الاعمال، حيث لم يتم التوقف عند الاخطار الاقتصادية الداهمة وشلل حركة الاسواق وتدهور التعامل بين المصارف والمودعين.
– يتم التوقف عند مطالب الحراك ولا سيما عند الداعين منه الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة ظنا منهم ان حركتهم هذه في الشارع ستنطفئ عند انتهاء ولاية المجلس الحالي، ويريدون انتخابات “على الحامي” للاستفادة من “سخونة الشارع”. وان هذا الحراك غير موحد وسينزل بـ10 لوائح اذا حصلت الانتخابات.