Beirut weather 16.88 ° C
تاريخ النشر February 7, 2024
A A A
الأميركيون لا يمانعون بـ”منح” حزب الله انتصاراً حدودياً وداخلياً
الكاتب: منير الربيع - المدن

في خضم المفاوضات التي خاضها المبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين، للوصول إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، قال له الإسرائيليون في تلك الفترة، إن هذه المعادلة ستدفع حزب الله إلى الخروج منتصراً مع هذا المسار. فأجاب هوكشتاين: “وماذا يعني ذلك، فهو لا يؤثر شيئاً على المسار العام والفعلي، وأنتم بإمكانكم أن تعلنوا الانتصار في إنجاز الترسيم وحماية عملية استخراج الغاز، وجعلكم منطلقاً أساسياً لتوريد الغاز إلى أوروبا”. وبالتالي، فإن المعادلة ستكون أن الطرفين رابحان. حينها، كانت الحكومة الإسرائيلية برئاسة يائير لابيد زعيم المعارضة حالياً، وحينها أيضاً تلقى لابيد انتقادات اسرائيلية كثيرة من خصومه، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو الذي هدد كثيراً بالتراجع عن هذا الاتفاق، حال وصوله إلى السلطة. لكنه لم يفعل.

إحراج الإسرائيليين
حالياً، ثمة مسألة ما تتكرر وتتشابه مع فارق تغيّر اللاعبين في اسرائيل، بينما في لبنان يبقى حزب الله هو المحور في البحث عن حل أو تسوية، سواءً كان الحل والتسوية للوضع في الجنوب أو لملفات واستحقاقات سياسية أخرى.
في اسرائيل، نتنياهو هو رئيس الحكومة، ولابيد هو زعيم المعارضة، فيما يفاوض هوكشتاين مجدداً في سبيل ترتيب الوضع الحدودي ووقف التصعيد ومنع تفاقم الأمور. يضع حزب الله شرطاً أساسياً وهو وقف إطلاق النار في غزة، للعودة إلى الهدوء وتطبيق القرار 1701، بشرط أن يتم تطبيقه من قبل الإسرائيليين أيضاً، ووقف كل الخروقات، براً وبحراً وجواً.
يُنقل عن هوكشتاين قوله إنه لا مانع من منح حزب الله انتصاراً أيضاً. لكن الأهم هو الوصول إلى تفاهم وترتيبات. هذا يحرج الإسرائيليين أكثر، في ظل الضغوط الأميركية التي يتعرضون لها، وفي ظل تكرار المواقف والتهديدات التي يطلقونها تجاه الحزب من دون أي أثر فعلي سياسياً، وبغض النظر عن المعادلة العسكرية أو التفوق العسكري والأمني والتقني.. فعلى الرغم من هذا التفوق، فإن الحزب لا يزال قادراً على التحرك وتنفيذ الضربات وتهديد سكان المستوطنات الشمالية، غير القادرين على العودة.

النزول عن الشجرة
في هذا السياق، لا تزال المفاوضات جارية حول آلية الوصول إلى حلّ، وهو يرتبط بمسار وقف اطلاق النار في قطاع غزة. بعدها يبدأ الحديث لبنانياً عن آليات ترتيب اتفاق يشمل إعادة سكان المستوطنات في الشمال مقابل إعادة المهجرين من الجنوب ومن القرى الحدودية، لينتقل البحث في آليات تطبيق القرار 1701 ووقف الخروقات، مقابل عدم ظهور حزب الله عسكرياً أو القيام بأي نشاط عسكري علني، مع تعزيز دور الجيش وقوات الطوارئ الدولية. وهذا يعني العودة إلى معادلة ما بعد عام 2006. في حينها تراجع الحزب نظرياً، لكنه عمل على تعزيز وجوده العسكري وحضوره. وهو ما ظهر مؤخراً. كما أن الإسرائيليين يعلنون عن مطالبتهم بتراجع قوات الرضوان وليس بتراجع الحزب عن الحدود، علماً أن لا تمييز أو فرق بين الحزب أو قوات الرضوان. وهذه محاولة للنزول عن الشجرة في المطالب المرفوعة.

الشروط التي يضعها لبنان واضحة، وهي وقف الخروقات الإسرائيلية، الانسحاب من النقاط المتنازع عليها، وبما فيها مزارع شبعا. وهذا حتماً سيكون مساراً طويلاً، وسط ضغط أميركي على الإسرائيليين للقبول بذلك.
هذا الانتصار الذي سيُمنح سياسياً للحزب، لا بد أن يكون له صداه السياسي الداخلي أيضاً، انطلاقاً من السعي للوصول إلى تسويات وتفاهمات أو تقاطعات مع واشنطن. وهنا يبدو رئيس مجلس النواب مرتاحاً لجهة التصريحات التي يطلقها حول الاتفاق مع سفراء الخماسية على الحوار، وعلى أن لا فيتو على أي اسم. وبالتالي، لا يزال ترشيح فرنجيه مطروحاً ولم يتم استبعاده بموجب شروط الخماسية، وفق ما يقول برّي.
هذا الأمر يدفع خصوم الثنائي الشيعي إلى التعبير عن غضبهم، تحسباً لاحتمال حصول أي تقاطع.