Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر July 6, 2017
A A A
الأمن اللبناني … الممتاز
الكاتب: غسان حجار - النهار

استعداداً لكل صيف، يسألني قريب عزيز في السنغال: “هل سنتمكن من المجيء الى لبنان هذا الصيف؟”. وعندما اكرر له الجواب نفسه: “تعا ما في شي بالبلد، صيف حلو وأمان”، يضحك بصوت عال ويجيب: “لا أجد غيرك متفائلا. ألا تسمع الاخبار عن الفلتان الامني والجرائم؟”. وأجيبه: “في كل صيف تأتي الى لبنان وتسهر وتحضر المهرجانات، فهل واجهتَ عقبة ما؟ الحادث ممكن يصير لكنه محدود في الزمان والمكان. ووضعنا افضل من اوروبا وتركيا …”. يضحك تكرارا ويؤكد حجز الطائرة.

في خضم الكلام على الامن المتفلت الذي يضرب البلاد، وفي ظل تصاعد الجريمة، لا بسبب وجود مليوني لاجئ على ارض لبنان، وانما بسبب عدم خروج اللبناني من عقلية الحرب واستخدام السلاح بمناسبة وبغير مناسبة، وايضا بسبب الانغماس الشيعي في لغة السلاح، خصوصا ان المشاركة في الحرب السورية أبقت على هذا النمط في عيش ظروف الحرب، لا بد من مراجعة حقيقية لوضع الامن اللبناني بعيدا من المزايدات التي تنغمس فيها الاجهزة الامنية في ما بينها، وبعيدا من المزايدات السياسية والاعلامية التي تستغل الجريمة، الفردية غالباً، لشن حملات غير مبررة والاساءة الى صورة لبنان في الخارج، وتخويف السياح، كما ترويع المقيمين. هذا الكلام لا يبرر الجريمة، ولا يخفف حدّتها، اذ كما يقول المثل: “اللي بياكل العصي مش متل اللي بيعدّها”، لكنه يدفع الى قراءة واقعية في زمن تتراجع فيه الواقعية والعقلانية.

امس، فكك الامن العام شبكة لتجنيد فتية لمصلحة تنظيم “داعش” وتم توقيف اعضائها. وقبل ايام اوقفت قوى الامن الداخلي 90 ممن اطلقوا النار عشوائيا. وقبل اسبوع نفّذ الجيش عملية استباقية نوعية في عرسال لا يهمنا من سقط بنتيجتها او بعدها قياسا بالضرر الفادح الذي كان سيصيب اللبنانيين الابرياء لو لم تحصل. وتعداد عمليات رصد ارهابيين و”دواعش” لا تحصى. كذلك القبض على مرتكبي الجرائم في الداخل، من قاتل روي حاموش الى غيره تعاوناً بين المعلومات وامن الدولة، وادى تشدد الجمارك في ضبط الاجراءات الى زيادة المداخيل 6.4% رغم تراجع الايرادات نحو 15%، ما يشير بوضوح الى ان الامن يتحسن، بل يمكن القول انه بخير قياسا بما يجري من حوادث صدم واغلاق مطارات، قبل التفجيرات الارهابية في العالم.

اما الجرائم الفردية التي تكاثرت في الآونة الاخيرة، فلا تزال دون المعدل الرسمي لعدد من الدول المتقدمة والاكثر أمانا بالنسبة الى الرأي العام، مثل فرنسا والولايات المتحدة. فقد حلّ لبنان في المرتبة 39 عالمياً من بين 117 دولة تم قياس مستويات الجريمة فيها، وفي المرتبة السابعة عربياً ضمن التقرير السنوي لمؤشر الجريمة العالمي لعام 2016. هذه الارقام والتصنيفات تؤكد بما لا يقبل الشك ان الوضع الامني … ممتاز.