Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر February 18, 2017
A A A
الأفكار «الجنبلاطية» الجديدة تعيد الإعتبار لـ «المختلط»
الكاتب: عمر البردان - اللواء

اشارت الأوساط إلى أن الأفكار الجنبلاطية ستكون في صميم المشاورات الجارية بين القيادات السياسية في ما  خصّ قانون الانتخاب العتيد.
*

المراوحة القاتلة في ملف قانون الانتخابات والدوران في الحلقة المفرغة، يزيدان من حالة الغموض والالتباس التي تشهدها الساحة السياسية، قبل أيام قليلة من دخول البلاد في مدار المهل الدستورية على أساس قانون الدوحة النافذ، وسط ارتفاع وتيرة المخاوف من أن يكون ما يجري متعمداً لحرق المراحل، إلى أن يتم وضع الجميع أمام الحائط المسدود، من خلال العودة إلى القانون الساري المفعول، إذا ما تعذر التوافق على قانون جديد للانتخابات لا يزال بعيداً، في ظل تباعد المواقف وغياب الحد الأدنى من التوافق بشأنه. وفي الوقت الذي تبدو الأفكار المتداولة في ما يتصل بقوانين الانتخاب وكأنها في سوق عكاظ إذا صحّ التعبير، حيث أن كل فريق سياسي يغني على ليلاه من خلال الترويج للقانون الذي يناسب مصالحه السياسية والانتخابية، كشفت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» من أوساط نيابية معنية، أن هناك تزخيماً للاتصالات بشأن قانون الانتخابات، بعيداً من الإعلام، خاصة وأن الأفكار الجديدة التي أودعها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أعطت دفعاً لهذه الاتصالات، بعدما عاد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» عن رفضه للقانون المختلط، وهو ما اعتبرته الأوساط مؤشراً إيجابياً لإمكانية السير بهذا «المختلط»، كقانون جديد يصار إلى اعتماده في الاستحقاق النيابي المقبل، ولو اضطر ذلك إلى إجراء تمديد تقني للمجلس الحالي لبضعة أشهر، على اعتبار أن اللجنة الرباعية التي يرجح أن تعاود اجتماعاتها في وقت قريب، انطلقت في عملها من القانون المختلط الذي رفضه جنبلاط، ما جعل البعض يتضامن معه، لكن بعد إعادة تبني رئيس «اللقاء الديموقراطي» لهذا القانون الجدي الوحيد المطروح على الطاولة، فإن حظوظه تبدو أكبر من غيره، سيما وأنه يلقى تأييداً واضحاً من جانب «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» ولا يلقى معارضة حركة «أمل»، بالرغم من تمسك الرئيس نبيه بري بالنسبية الكاملة.
وأشارت الأوساط إلى أن الأفكار «الجنبلاطية» ستكون في صميم المشاورات الجارية بين القيادات السياسية في ما خص القانون العتيد لإجراء الاستحقاق النيابي على أساسه، بعد تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون على رفضه توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساس قانون الستين النافذ، وما أبداه رئيس الحكومة سعد الحريري من تفاؤل بقرب ولادة قانون جديد للانتخابات، التزاماً بالبيان الوزاري، لأن هناك حاجة وطنية لإيجاد بديل من الستين المرفوض من غالبية المكونات الوزارية.
ولا تُخفي المصادر وجود صعوبات لا يُستهان بها أمام تأمين التوافق المطلوب بين الأطراف السياسية بشأن القانون الجديد، حيث لكل طرف وجهة نظره المتعارضة كلياً مع وجهة نظر الطرف الآخر، لكن هناك حاجة وطنية لأن يكون هناك قانون جديد لتفادي إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين المرفوض من الغالبية السياسية، أو تجنباً لحصول فراغ جديد على مستوى السلطة التشريعية، لأن من شأنه تشويه صورة العهد وإعادة إغراق البلد في بحر الأزمات التي قد لا تنتهي وتدخله في مرحلة بالغة الصعوبة لا يمكن التكهن بنتائجها، وهذا ما يفرض معالجة سريعة ولكن غير متسرعة لقانون الانتخابات، من خلال إقدام الحكومة على إعداد قانون للانتخابات وفق الصيغة التي تضمن ولو الحد الأدنى من التفاهم بشأنها، ليصار بعدها إلى إحالته إلى مجلس النواب لمباشرة درسه، ومن ثم إقراره لإجراء الاستحقاق النيابي على أساسه، تفادياً لأي «دعسة ناقصة»، قد تقود الأوضاع نحو المجهول مرة جديدة، وهذا بالتأكيد سيترك تداعياته على التطور اللافت الذي حصل على صعيد علاقات لبنان الخارجية، وتحديداً بالنسبة إلى الانفتاح العربي والخليجي عليه، بعد طي صفحة الفراغ نهائياً، بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وهو ما أعطى دفعاً قوياً لإعادة لبنان إلى الخارطة العربية والدولية بقوة، برز واضحاً بالحركة الدبلوماسية النشطة باتجاه الاستعدادات الدولية لمساعدته حتى يستعيد عافيته ودوره في محيطه والعالم. وإذ تؤكد الأوساط أن الرئيسين عون والحريري متفاهمان على سبل مواجهة التحديات المقبلة وكيفية التعامل معها، فإنهما يعتبران أن المصلحة الوطنية تفترض أن يكون هناك قانون جديد للانتخابات يراعي التمثيل الصحيح ويعيد تجديد الحياة البرلمانية، بما يفعِّل عمل المؤسسات الدستورية ويفسح في المجال أمام المراقبة والمحاسبة والتمكن من محاربة الفساد وتطبيق القوانين التي من شأنها تنقية المؤسسات والإدارات من الشوائب والتمهيد تالياً لإرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات، في ظل الدعم اللامحدود الذي حظي به خطاب القسم الذي لا يترك رئيس الجمهورية مناسبة إلا ويؤكد أنه عازم على تطبيقه وحسن تنفيذه، باعتباره خارطة طريق العهد الجديد للسنوات المقبلة لا يجوز التساهل حياله، لأن سمعة العهد ستكون على المحك بالتأكيد، وهذه مسؤولية ملقاة على عاتق الجميع لا يمكن التهرب منها.