Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر October 27, 2020
A A A
الأزمة تغيّر وجه البلد: أسواق بلا ماركات
الكاتب: إيفا أبي حيدر - الجمهورية

مجموعة جديدة من العلامات التجارية تعلن انسحابها من الأسواق اللبنانية. فمع تزايد الضغوطات الاقتصادية، بدأت صورة لبنان تتغيّر هي أيضاً. وبعدما كان لبنان المقصد الأول للشركات الأجنبية في المنطقة، بدأ يفقد هذه الميزة. فأيُ وجه للبنان الجديد يُرسم اليوم؟

بعد اعلان شركة الشايع Darine international انّه بعد غد الخميس سيكون آخر يوم عمل لمجموعة كبيرة من متاجرها، تهافت اللبنانيون الى محلات American eagle-mothercare – victorias secret – the body shop- bath&bodyworks- NYX-Pink Berry-footloacker و claires للتسوّق من ماركات تعايشوا معها على مدى سنوات. فهل نحن امام تغيير كامل في صورة لبنان، الذي حتى الأمس القريب كان البلد العربي غير النفطي الوحيد الجاذب لهذا النوع من الاستثمارات وبهذه الكمية؟ ما مدى قدرة الشركات المتبقية على الصمود، خصوصاً وانّ الأزمة مفتوحة وضبابية.

يقول رئيس جمعية تراخيص الامتياز يحيى قصعة لـ«الجمهورية»: «صحيح انّ «الحالة تعبانة»، لكن لا انسحابات كاملة حتى الآن من السوق اللبناني، انما إعادة تموضع تتجلّى من خلال تقليص عدد فروع المحلات وإعادة انتشار او وقف العمل بالماركات التي تراجع حجم مبيعاتها». وأوضح، انّ «شركة الشايع لم تنسحب من السوق اللبناني كلياً، فهي اقفلت الماركات التي ما عادت مربحة، قلّصت وجودها في السوق، وقلّصت عدد الموظفين. الّا ان الشركة أبقت على المكاتب الأساسية لبعض المتاجر مثل H&M و «ستاربكس» و»ماك»، كونها تحقق مؤشرات إيجابية، وفضّلت عدم تحمّل خسارة بقية المحلات».

واكّد قصعة، انّ المحافظة على وجود صغير مُربح في السوق افضل من تحمّل خسارة غالبية المتاجر، والتي تدفع في اتجاه الانسحاب الكلي من السوق. وأوضح، انّ العودة بعد انسحاب كلّي تكون صعبة للغاية، انما البقاء في البلد ولو بحصّة قليلة كما حصل مع الشايع، يسهّل خطوة العودة متى تحسنت الأوضاع.

وعن قدرة هذه الشركات على الصمود، وسط هذه الأزمات التي يمرّ بها لبنان قال: «انّ لبنان يمرّ بثلاث حالات في آن معاً: حالة اقتصادية تتمثل خصوصاً في الأزمة المالية والنقدية التي نعيشها. فنحن نعمل بواسطة ثلاثة اسعار للصرف، من دون رؤية ولا مخطط ولا ثقة، ما يعني تلقائياً تبدّد كل امل بالمستقبل. وخط الفقر وصل الى حدّ 55%، ما يعني حكماً تراجع القوة الشرائية.

وهناك حالة سياسية تتمثل بالتأرجّح في تأليف الحكومة ثم لا حكومة ثم حكومة تصريف اعمال، ووزراء لا يقومون بعملهم كما يجب.

وثالثاً، لدينا الحالة الاجتماعية التي نخشى ان تنعكس سلباً على الوضع الأمني.

والى جانب هذه التحدّيات اللبنانية أتت جائحة كورونا التي فاقمت قدرتنا على الاستيعاب، وبالتالي نحن امام أزمة كبيرة تواجهها الشركات بمقاومة كبيرة، لأنّها ترفض أن تكون نهاية لبنان سيئة الى هذه الدرجة. وهناك امل كبير في القدرة على اجتياز هذه المحنة».

لكنه حذّر من انّ التباطؤ السياسي في معالجة الأمور، لن تكون نتائجه سيئة فقط على شركات تراخيص الامتياز franchisee انما أيضاً على franchisor أي اللبناني صاحب الامتياز اللبناني، «الذي نتخوف من ان يترك البلد نهائياً أيضاً».

 

 

البقاء للأقوى

وردًا على سؤال، أكّد قصعة انّ «الاضرار في القطاع كبيرة. لذا من البديهي ان تنسحب الماركات الاضعف من السوق، وتبقى الشركات التي تسجّل مؤشرات افضل في ادائها. لكن في الوقت عينه لا يجوز ان نخسر خلال عام كل الماركات التي دخلت الى السوق اللبناني منذ التسعينيات وتطورت مع الوقت، كما لا يجوز ان نخسر العلامات التجارية اللبنانية التي اظهرت ابداع اللبناني وقدراته. لذا نحن نحاول المحافظة على هيكلية كاملة، ونرفض في الوقت نفسه ان نخسر قطاعات بكاملها تشبه اللبناني واغنت سوقه منذ زمن». وتابع: «من المحزن اليوم ان نسمع بإقفال ماركات مهمة في لبنان، بينما في السابق كانت تُعتبر الماركة التي ليس لها فرع في لبنان ان ليس لها وجود في منطقة الشرق الاوسط».

وعن الأرقام التي تعكس التراجع في القطاع قال قصعة: «لا ارقام رسمية بعد عن حجم التراجع في الاعمال او الانسحابات، لأنّ المشهد منذ عام الى اليوم في تغيّر دائم، عدا عن انّه لا يمكن مقارنة ارقام الشركات للتوصّل الى حجم المبيعات مثلاً، بسبب اعتماد اكثر من تسعيرة لليرة في الوقت نفسه. لكن حسب تقييمنا فقد تراجع قطاع الالبسة في نهاية العام 2019 نحو 56% مقارنة مع العام 2012، ليزيد التراجع الى 62% في عام، كما تراجع قطاع الماركات الفخمة من 55% في نهاية العام 2019 الى 76% هذا العام، وسجّلت التجهيزات المنزلية نهاية 2019 تراجعاً بنسبة 33% ليزيد التراجع الى 54% في عام».

وعن نِسب البطالة الناتجة من هذا التراجع في قطاع الفرانشايز، قال: «استناداً الى احصاءات العام 2012، يتبين انّ قطاع الفرانشايز يشغل نحو 103 آلاف عامل. ووفق تقديرنا، انّ 50% من هؤلاء ما عادوا يعملون في القطاع، انما التقديرات الاخطر، انّ نحو 400 الف لبناني من المتعلمين وذوي الخبرة، إما لديهم النية بهجرة البلد، اما غادروه، اما يعدّون اوراقهم للهجرة».