Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر September 5, 2021
A A A
الأزمة الاقتصادية هي الأصعب على لبنان.. ماذا ينتظرنا غدًا؟
الكاتب: يوسف الأمين - النهار

“لم يعد باستطاعة اللبناني أن يجد ما يقتات به”
هذه العبارة تمّ ذكرها في كتاب مادة التاريخ، ولم يغفل عنها أذهان العديد من اللبنانيين. اليوم، بات المشهد قريبًا على ما عاشه لبنان في فترة الحرب العالمية الأولى من غلاء أسعار، إلى فقدان المستلزمات الطبية، وسوء التغذية، وصولًا إلى انتشار الأمراض وازدياد حالات الوفاة، لكن دون اجتياح الجراد للأراضي اللبنانية. أمّا الأخطر الآن فهو ما يشهده لبنان يوميًّا من هجرة اللبنانيين بأعداد هائلة. فما هي طموحات المهاجرين في الخارج؟ وما هو تأثير هذا العامل على الوضع الاقتصادي؟
لبنان قد دخل “موجة الهجرة الثالثة”
بحسب تقرير بعنوان “الهجرة الثالثة”، أعدّه “مرصد الأزمة” التابع للجامعة الأميركية في بيروت، فإنّ لبنان قد دخل فعليًّا إلى موجة هجرة خطيرة“Exodus” . هذه الموجة هي الثالثة بعد تلك التي حصلت بعد الحرب العالمية الأولى في أواخر القرن التاسع عشر، حين هاجر حوالَي 330 ألف شخص، فيما هاجر حوالَي 990 ألفاً، في الموجة الثانية، خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).
وأضاف التقرير أن معظم المهاجرين هم من أصحاب الكفاءة المتخصّصين في القطاع الطبي والتعليمي الذين هربوا بحثًا عن أوضاع اقتصادية وأمنية أفضل. وأشار “مرصد الأزمة” إلى أن لبنان احتلّ المركز الأول، بين الدول العربية، في أعداد الشباب الذين يفكّرون في الهجرة، إذ وصلت النسبة إلى 77%. ويُشير تقرير المرصد إلى أنّه من غير المستبعد انهيار مؤسّسات الدولة أكثر فأكثر، والسقوط في دوّامة مميتة تمتدّ لعقدين من الزّمن.
الأزمة الاقتصادية أجبرت الشاب “رامي” على مغادرة لبنان
لم يكن تفكير رامي في الهجرة أمراً جديداً، فقد لاحقته الفكرة منذ فترة طويلة لكنه كان منتظرًا، على الأقل، أن يتمّ دراسته الثانوية العامة بنجاح. كان طموحه أن يتخصّص في هندسة الطيران، لكن هذا الاختصاص يُشكّل عبئًا كبيرًا عليه بسبب تكاليفه الباهظة؛ كذلك بحث في دراسة هندسة الميكانيك لكن الوضع الاقتصادي منعه أيضًا، فما كان على رامي إلا أن فكّر في الهجرة نحو بلد يُقيته وعائلته ويجد فيه مستقبلًا أفضل. فقد ردّد رامي عبارة “لبنان دفن أحلامنا”، وهي العبارة التي لا يخلو منها الشارع اللبناني أبدًا. هذا ما يعيشه العديد من الشباب كل يوم، وما يفكر فيه مرارًا وتكرارًا، ويبدو أن اليوم المشهد أصبح خطيرًا وتبعاته على الوضع العام في لبنان أخطر.
هل لهجرة الشباب اللبناني تأثير على القطاع الاقتصادي في لبنان؟
بحسب الخبير الاقتصادي عماد فرّان، فإن أغلب المهاجرين من لبنان هم من أصحاب الخبرة والكفاءة الذين يغادرون سوق العمل اللبنانية نحو السوق الخارجية. وأضاف “إن إدارة الإنتاج في لبنان ضعيفة، وعند مغادرة الاختصاصيين وذوي الشهادات، سيصبح هناك خلل في بنية سوق العمل. أما الخبير الاقتصادي عباس طفيلي، فقد أكّد خطورة الرقم الذي نشره الأمن العام اللبناني لأعداد جوازات السفر، وهو 48 ألفًا خلال ستة أشهر، ولا يزال يرتفع، مشيرًا إلى أن الأزمة لا تنحصر بالوضع الاقتصادي فحسب، إنما تطال الوضع الاجتماعي والقطاعين التعليمي والطبي بشكل كبير، حيث بلغ العدد حوالَي ألفَي طبيب إلى الآن. وقد أوضح طفيلي أن الأطباء أنفسهم هم من كانوا يتقاضون حوالَي المئة ألف دولار سنويًّا، ثم تراجع راتبهم بشكل كبير جدًا مع انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي.
منذ الحرب الأهليّة اللبنانية والانهيار يُلاحق لبنان يومًا تلو الآخر. نعم، هناك فواصل جميلة ومواسم أعجبتنا، لكنّنا عدنا ووقعنا في الجحيم. اليوم، تواجهنا الأزمة الاقتصادية وتصارعنا، وتقتلنا على جميع الأصعدة، لكن ماذا ينتظرنا غدًا؟