Beirut weather 23.54 ° C
تاريخ النشر June 21, 2025
A A A
الأب اللبناني في زمن الأزمات: عيد بطعم التقدير
الكاتب: عمر عبدالباقي - لبنان الكبير

في ظلال حزيران، يمرّ عيد الأب على كثير من الشعوب كهمسة امتنان خجولة. مناسبة عالمية تهدف الى تكريم الآباء، محمّلة بما يكفي من مشاعر الاعتراف بتضحياتٍ تُبنى عليها الأوطان والعائلات.

من الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، تنتشر التهاني وتُرسل الهدايا، وتتزاحم هاشتاغات “Father’s Day” على مواقع التواصل، لكن خلف كل ذلك حكاية بدأت عام 1910 في ولاية واشنطن، حين قررت سونورا دود أن ترد الجميل لوالدها، الذي ربّاها وإخوتها بعد وفاة الأم. نجحت، فصار ليوم الأب يومٌ رسميّ، تبنّاه لاحقاً الرئيس ليندون جونسون، وجعله في الأحد الثالث من حزيران.

على الرغم من أن عيد الأب نشأ في الولايات المتحدة مطلع القرن العشرين، وتحديداً عام 1910، إلا أن انتشاره في البلدان العربية جاء بصورة متأخّرة، وبقي لفترة طويلة في الظل مقارنةً بعيد الأم.

بحلول التسعينيات، ومع تصاعد تأثير الاعلام الغربي والعولمة، بدأ عيد الأب يطلّ على الوعي الشعبي في بعض الدول العربية، لكنه لم يلقَ الزخم نفسه الذي حظي به عيد الأم الذي رسخته الصحافة العربية، خصوصاً عبر “دار الهلال” ومجلة “حواء” في مصر منذ خمسينيات القرن الماضي.

في البلدان العربية، لا تاريخ موحّداً للاحتفال، لكن الغالبية اختارت تاريخ 21 حزيران منها: لبنان، الأردن، سوريا، فلسطين، الامارات، مصر، السودان، السعودية ودول الخليج، كما في أوروبا الغربية.

الاحتفال لا يزال محدوداً وغير رسمي، لكنه يظهر في الاعلانات التجارية أو عبر السوشيال ميديا.

تغيّر صورة الأب اللبناني
وسط الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، يشهد دور الأب اللبناني تحولات كبيرة فرضتها التغيرات الاجتماعية والاقتصادية. فلم يعد الأب يقتصر دوره على كونه المعيل الوحيد للعائلة، بل بات يتحمّل مسؤوليات متزايدة تشمل العمل المنزلي ورعاية الأطفال، في ظل مشاركة المرأة المتزايدة في سوق العمل.

الدكتورة نادين خليل، أستاذة علم الاجتماع أشارت في حديثها عبر “لبنان الكبير”، إلى أن هذه التحولات جاءت نتيجة الحاجة الملحة إلى دخل إضافي في ظل الأزمة الاقتصادية، ما دفع المرأة إلى الانخراط في سوق العمل، الأمر الذي فرض على الأب مشاركة أوسع في المهام المنزلية والحياتية، لافتة الى أن “الأب اللبناني اليوم يعيش ضغوطاً مزدوجة، بحيث يتوجب عليه التوفيق بين متطلبات عمله المهني والأعباء الأسرية المتزايدة، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى إرهاق نفسي وقلق يؤثر على استقراره العائلي”.

وأوضحت أن المجتمع اللبناني لا يزال يركز على دور الأم، بينما يُغفل الضغوط التي تواجه الأب، مشددة على ضرورة رفع مستوى الوعي لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأب، وتعزيز مشاركة جميع أفراد الأسرة في تحمل المسؤوليات.

ورأت أن “دعم الدولة والمجتمع هو أمر ضروري لتخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على دور الأب واستقرار الأسرة اللبنانية”.

وفي جولة في أحد شوارع بيروت لاستطلاع آراء بعض الأهالي والأطفال حول معنى عيد الأب وكيفية تحضيرهم للاحتفال به، قال الطفل عمر: “عيد الأب بالنسبة لي هو يوم أقترب فيه من أبي وأقول له أحبك. لقد صنعت له بطاقة رسمتها بنفسي وسأعطيها له مع لعبة صغيرة، لأنه دائماً يحرسني ويلعب معي. وأتمنى أن يقضي معي وقتاً أكثر، لأن أجمل شيء هو أن نلعب معًا.

وعبّر الأب وسام عن مشاعره قائلاً: “عيد الأب لا يعني لي هدية فقط، بل هو لحظة تجمعنا معاً. على الرغم من التعب والهموم، أفرح عندما يقول لي أولادي أحبك أو يحتضونني. هدفي أن أكون دائماً حاضراً لهم، وأتمنى منهم أن يكونوا سعداء وصادقين معي.”

أما منى، الأم التي رافقت أولادها في جولتنا، فقالت: “أحب أن أرى أولادي كيف يحتفلون بأبيهم، حتى لو بهدايا بسيطة. قد يجلبون له قميصاً، أو يكتبون له رسالة بيدهم، المهم أن يكون هناك حب وتواصل، ونتعلم أن نعطي ونحترم بعضنا البعض أكثر”.