Beirut weather 21.32 ° C
تاريخ النشر July 20, 2018
A A A
اقتصاد الظل في المنطقة
الكاتب: زياد الدباس - الحياة

في البداية ، لا بد من الإشارة الى الحقائق التالية: الحقيقة الأولى، لا يوجد تعريف دقيق ومحدّد لاقتصاد الظل في المنطقة على رغم تنوعه من حيث الهدف والآلية والإجراءات، ولا توجد عوامل مشتركة بين مكوناته يتم اعتمادها لتمييزه عن غيره من قطاع عام أو خاص. الحقيقة الثانية، لا يخضع للرقابة الحكومية ولا تدخل مدخلاته ومخرجاته في الحسابات القومية، ولا يعترف بالتشريعات الصادرة، وبناءً عليه يعتمد السرية في عمله شراءً وبيعاً وعملاً، أي بعيداً من أعين الرقابة، ولا يمسك دفاتر نظامية، كما أنه يتهرب من الاستحقاقات كافة المترتبة عليه تجاه الدولة، سواء رسوم أو ضرائب أو خطط أو تقديم بيانات، ويستفيد من غالبية الخدمات المقدمة لغيره من القطاعات وفي كل أشكالها.

نظراً الى تنوّع مجالات عمله، تُطلق عليه أسماء متعددة وفق مجال العمل الذي يمارسه، فإذا كان متعاملاً بسلعة محرمة الاستخدام مثل الأسلحة والمخدرات وسرقة الآثار، فإننا ندعوه الاقتصاد الأسود، أما إذا كان التعامل به ممنوعاً واستخدام السلعة مسموحاً مثل السوق السوداء لبعض السلع، وإنتاج بعض السلع بمعامل غير مرخصة، دكاكين وورش غير مسجلة، ودروس خصوصية، وعقود من الباطن غير موثقة، فإننا نطلق عليه الاقتصاد غير الرسمي.

آخر الدراسات التي أعدّها صندوق النقد الدولي، أشارت الى أن حجم اقتصاد الظل الى الناتج المحلي الإجمالي الأردني ١٤،٣٨ في المئة، بينما بلغ معدل اقتصاد الظل من السنوات (١٩٩١ – ٢٠١٥) ١٧،٣٨ في المئة، وبالتالي فإن الاقتصاد غير الرسمي في الأردن تراوح ما بين ١٣،٤٤ في المئة بمستواه الأدنى، وحدّه الأعلى ٢١،١٢ في المئة، في السنوات العشرين موضع الدراسة، وأثر اللجوء على الأردن ولبنان وتركيا لم يظهر في نتائجها كون المنهجية التي اعتمدتها لم تقس هذا الأثر، ما يعني أن حجم الاقتصاد غير الرسمي قد يكون أكبر مما ظهر في الدراسة.

وعلى مستوى الدول العربية، أظهرت ورقة العمل التي شملت ١٥٨ دولة حول العالم، أن معدل اقتصاد الظل في قطر بلغ ١٥،٩٣ في المئة من الناتج في السنوات من ١٩٩١ الى ٢٠١٥ ، وفي السعودية ١٦،٥٦ في المئة، وسوريا ١٩،٥٨ في المئة، بينما ارتفع في مصر الى ٣٤،٢٤ في المئة، والمغرب ٣٤،١ في المئة، ولبنان ٣١،٥٨ في المئة، والجزائر ٣٠،٨٦ في المئة، بينما بلغ في الإمارات العربية المتحدة ٢٦،٥٤ في المئة.

على المستوى العالمي، بلغ المعدل ٣١،٩ في المئة، وجاءت سويسرا أقل الدول في حجم اقتصاد الظل كنسبة الى الناتج المحلي الإجمالي، والتي بلغت ٧،٢ في المئة، تبعتها النمسا ٨،٩ في المئة، فيما كانت أعلى الدول بوليفيا بنسبة ٦٢،٣ في المئة، وزيمبابوي ٦٠،٦ في المئة.

تدلّ تلك المؤشرات على انخفاض معدل اقتصاد الظل وقدرة الدولة على تنظيم النشاطات الاقتصادية والرقابة عليها والتقليل من التهرب الضريبي، وبالتالي القدرة على تقدير حجم الناتج بدقة أكبر كونه أهم أداة لقياس النشاطات الأقتصادية.

لقد اعتمدت الدراسة في بناء منهجها، أسلوب المنهج الخليط بين دراسة القطاعات على المستوى الجزئي ومستوى الطلب عَلى العملة ومنهج المؤشرات والحالات المتعددة. وفي المقابل، يشمل اقتصاد الظل نشاطات اقتصادية مشروعة ونظيفة لا تتعارض مع الأعراف والمبادئ والقيم والعادات الموروثة، مثل الأعمال المنزلية كافة التي يقوم بها أفراد الأسرة الواحدة، مثل طهي الطعام وتنظيف الملابس وتنظيف المنزل والعناية بالحدائق المنزلية وأعمال الصيانة الخفيفة للمنزل.

كذلك، أثبتت الدراسات أن معدلات نمو اقتصاد أعلى في الدول النامية منها في الدول المتقدمة، لأسباب عدة منها الأنظمة الضريبية غير العادلة والأنظمة السياسية غير العادلة، وارتفاع نسبة مساهمة الأفراد في الضمان والتأمينات الأجتماعية، ومعاشات التقاعد، قد تدفع معظمهم الى البحث عن وظائف أخرى خفية أو غير رسمية، إضافة الى مستويات الأجور المادية والمعنوية، والتي لا تتناسب مع مستوى المعيشة، وكلما ازداد معدل اقتصاد الظل على حساب الاقتصاد الفعلي الظاهر، كلما أعطى معلومات وإحصائيات مضللة وغير دقيقة عن الإمكانات الاقتصادية الحقيقية للمجتمع، وأدى الى سوء تخصيص الموارد الاقتصادية وسوء توزيع الناتج المحلي وسوء إعادة توزيعه.