Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر December 26, 2020
A A A
افتتاحية النهار: نبرة الكنيسة تتصاعد وتداعيات التعطيل إلى تفاقم
الكاتب: النهار

فيما تواجه البلاد شبح كارثة بالغة الخطورة على صعيد اتساع الانتشار الوبائي من دون استبعاد تصاعد المطالبات من الهيئات الصحية والاستشفائية باللجوء في أسرع وقت الى الاقفال العام المتشدد مجدداً، بدت أزمة تأليف الحكومة كأنها دخلت في المرحلة الأسوأ من التعطيل والانسداد بما يصعب معها تلمس أي أفق واضح لوضع نهاية لها. وبدا لافتاً أن اليومين الأخيرين شهدا مفارقة لافتة تمثلت في أن صوت الكنيسة المسيحية ظل الأعلى بوتيرة تصعيدية خصوصاً من بكركي حيال عودة عملية تأليف الحكومة الجديدة إلى نقطة الصفر فيما يبدو المشهد السياسي منكفئاً ربما في انتظار بلورة معطيات جدية عن حقيقة مجريات التعثر الذي حصل وما اذا كانت معطيات جديدة ستتبلور حيال المسار الحكومي.
لكن مصادر سياسية بارزة لم تخف اعتقادها بأن تطول بعد لمدة بعيدة عملية التأليف وولادة الحكومة. وذهبت هذه المصادر إلى استهجان التصرف “غير الأخلاقي” الذي راح بعضهم يسرّب من خلاله مزاعم مخجلة فعلاً من مثل أن الرئيس المكلف “استرق” لائحة اسمية وضعها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لوزراء مسيحيين وادرجهم الحريري ضمن تشكيلته.
وقالت إن تصرفاً كهذا يثير الكثير من الريبة في سياسات تقوم على الصغائر فكيف يمكن تصديق روايات كهذه أولاً وأي معايير يتصرف عبرها هؤلاء لإنقاذ البلاد إذا كان مستوى السياسة عندهم هبط إلى هذا المستوى المخجل؟ وفي ظل ذلك تقول المصادر نفسها أنه لا حاجة لتوقع أي حلحلة وشيكة في الانسداد الذي عاد يطبع مسار التأليف خصوصاً أن الانهيار الذي أعقب فشل الاجتماع الأخير بين الرئيسين عون والحريري والذي ترجم في التبادل الحاد للحملات والسجالات الإعلامية بين بعبدا وبيت الوسط ونواب من كتلتي “لبنان القوي” “والمستقبل” عكس أكثر من أي مرة سابقة إشكالية تتنامى تباعاً حول التعايش الصعب جداً بين عون والحريري ما دام نفوذ النائب جبران باسيل لا مرد له في التحكم بالقرارات الرئاسية.
وسط هذا المناخ لم يتراجع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن تسديد مزيد من السهام إلى الطبقة السياسية الحاكمة في ظل تناغم واضح بين مواقف بكركي وموقف الفاتيكان.
وفي هذا السياق تطرق الراعي مجدداً في عظته أمس في قداس الميلاد في بكركي الذي غاب عنه الرئيس عون للمرة الأولى منذ انتخابه إلى الملف الحكومي ومما قال: “توقعنا أن يسرع المسؤولون في تأليف حكومة تكون بمستوى التحديات من أجل إحياء الدولة والمؤسسات واتخاذ القرارات فتفاجأنا بوضع شروط وشروط مضادة ومعايير مستحدثة وبربط تأليف الحكومة بصراعات المنطقة والعالم. إذا كانت أسباب عدم تشكيل الحكومة داخلية فالمصيبة عظيمة لأنها تكشف عدم المسؤولية واذا كانت الأسباب خارجية فالمصيبة أعظم لأنها تفضح الولاء لغير لبنان وفي الحالتين يشعر الشعب أن التغيير بات أمراً ملحاً من أجل وقف مسيرة الانهيار الوطني …. لكم تمنينا على فخامة الرئيس ودولة الرئيس المكلف أن يشكلا فريقاً واحداً يعلو جميع الأطراف ويتحررا ولو موقتًا من جميع الضغوط ويتعاونا في تشكيل حكومة اختصاصيين غير سياسيين فيكسبان ثقة الشعب والعالم وينهضان بلبنان ويصبحان مضرب مثل في تجديد الشراكة الوطنية. لكن تمنياتنا اصطدمت بابتداع البعض شروطاً لا محل لها في هذه المرحلة في حكومة اختصاصيين”.
وبدوره ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة حمل على تجاهل المسؤولين للاستغاثة الشعبية فقال في عظة الميلاد “وطننا في مأزق باعتراف الجميع، قدراته المالية تستنزف يومياً والمخاطر الأمنية محدقة باعتراف العارفين، وشعبه يمات يومياً وهو يصرخ مستغيثاً وليس من يسمع ممن في يدهم القرار. إلى متى هذا التجاهل ولم هذا التباطؤ في اتخاذ القرارات الضرورية وأولها تشكيل الحكومة؟ الوقت ليس للمناكفات وتصفية الحسابات”.