Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر April 29, 2021
A A A
افتتاحية “النهار”: ملف المفاوضات يتحرك… واستسلام للشلل الحكومي
الكاتب: النهار

وسط دوامة الشلل السياسي الذي يطبق كلياً على المشهد الداخلي بما يبعد اكثر فاكثر احتمالات حلحلة ازمة تأليف الحكومة الجديدة ويبقي آفاقها مشرعة على الغموض المديد، ضاعت كل برمجات الأولويات، وبات من الصعوبة بمكان الركون الى أي تعهدات رسمية في شأن لجم تداعيات الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي لا ترقى محاولات تأخير استحقاقاتها الى اكثر من تخدير ظرفي قصير المدى. واذا كان ملف احتواء القرار السعودي بمنع ادخال المنتجات الزراعية اللبنانية الى أراضي المملكة العربية السعودية بعد ضبط السلطات السعودية شحنة ضخمة مهربة من حبوب الكبتاغون المخدرة يستحوذ منذ نهاية الأسبوع الماضي على معظم الاهتمامات الرسمية والاقتصادية، فان هذه القضية على خطورة مدلولاتها لم تحجب الاهتمامات السياسية بملف آخر لا يقل خطورة ودقة في ابعاده الاستراتيجية، وهو ملف المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة الأميركية حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية. ولعلّ الغرابة ان يجد ملف المفاوضات مع دولة عدو من يسارع الى إعادة تحريكه فيما يحاصر العجز والاستسلام التام ملف تشكيل الحكومة الجديدة.

ففي ظل الصدمات المتعاقبة التي تلقاها ملف المفاوضات وأدت الى تجميد جولات التفاوض بين لبنان وإسرائيل في الناقورة بعد تعديل لبنان خريطة تحديد الحدود البحرية، عادت هذه المسألة لتخرق رتابة الازمة الحكومية والسياسية في ظل معلومات توافرت في الساعات الاخيرة لـ”النهار” عن احتمال استنئناف المفاوضات في الناقورة في وقت غير بعيد. هذه المعلومات في حال ثبوتها تشكل مفاجأة كبيرة لجهة معرفة الدوافع والمنطلقات التي يمكن ان تستأنف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية على أساسها بعدما أطاحت التطورات التي تعاقبت منذ توقف المفاوضات قبل اشهر الى الان بمعظم المرتكزات التي بدأت على أساسها المفاوضات وهي تطورات ركنية وأساسية تتصل بموقف كل من الطرفين من الحدود والخطوط الحدودية التي تتم عليها المفاوضات والمساحات البحرية التي تعود الى كل طرف في ظل مسألة التنقيب عن الغاز والنفط .

في المعلومات التي توافرت لـ”النهار” عن تطور جديد في هذا الملف ان ثمة توجهاً جديداً لمعاودة جولات مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل في وقت قريب. وثمة اشارات تلقاها المعنيون والمشرفون على هذا الملف تفيد بأن تطوراً ايجابياً طرأ مع ترجيح كبير بأن تؤدي هذه الخطوة والاتصالات التي تمت من دون ضجيج وبعيداً من الاضواء وستكون خواتيمها بمشاهدة الوفدين اللبناني والاسرائيلي يعودان الى طاولة المفاوضات في مقر”اليونيفيل” في الناقورة من دون ان تتوافر معلومات تفصيلية بعد عن أسس هذه العودة واي منطلقات ستعتمد في استئناف المفاوضات. واللافت في الامر انه في حال صح هذا الاتجاه، فانه سيعتبر بمثابة مؤشر بارز للغاية حيال نجاح الوسيط الأميركي في انتزاع موافقة لبنان وإسرائيل على معاودة المفاوضات تجنبا للانزلاق نحو مرحلة توتر خطيرة كانت أثيرت المخاوف المتعاظمة حيالها بعدما دارت رحى مبارزة بين لبنان وإسرائيل في تبديل الخطوط التفاوضية وخرائطها في الآونة الأخيرة. ويبدو واضحا ان الوسيط الاميركي قد دخل على الخط من جديد وعمل على تقريب المسافات بين الجانبين، ولكن أي معلومات مفصلة في هذا الشأن لم تتوافر بعد خصوصا لجهة ما سيكون عليه الموقف اللبناني الذي اتسم بالتخبط بعدما جمدت رئاسة الجمهورية مرسوم تعديل الحدود البحرية وتوسيعها، وبعدما دخل أخيراً رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على خط الطروحات المثيرة للانقسام طارحاً مشروعاً لاعادة تشكيل وفد تفاوضي سياسي عسكري وذهب بعيداً في طرح تقاسم الثروة النفطية مع إسرائيل عبر طرف ثالث او شركات اجنبية. وبدا واضحا ان طرح باسيل قوبل برفض مكتوم لدى الثنائي “امل ” و”حزب الله” من جهة، كما لم يلق أي ارتياح لدى أطراف اخرين ايدوا أساسا موقف قيادة الجيش في اعتماد خط جديد لحقوق لبنان. وستكون الأيام القليلة المقبلة كفيلة ببلورة حقيقة الاتجاهات المتصلة بهذا الملف سواء لجهة بلورة الأسس التي يمكن على أساسها العودة الى المفاوضات اذا كانت ثمة ترتيبات أميركية وأممية نجحت او ستنجح فعلا في ذلك او لجهة انهاء التخبط على الضفة اللبنانية ووقف توظيف هذا الملف سياسيا ومنع العبث بملف يعود الى اخطر حقوق لبنان الاستراتيجية وجبهته التفاوضية مع إسرائيل.

 

الملف الحكومي
اما في ما يتصل بالملف الحكومي، فان أي جديد لم يسجل في التحركات على رغم تصاعد الحديث عن احتمال حصول حركة مشاورات جديدة قد تحمل احياء لإمكانات انهاء القطيعة القائمة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. ومع عودة الحريري الى بيروت مساء الثلثاء ترددت معلومات عن امكان قيامه بزيارة جديدة لبكركي للقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي كان زار بعبدا اول من امس للتشاور معه في المستجدات واطلاعه على نتائج زيارته للفاتيكان الأسبوع الماضي كما ذكر ان اتصالا اجري بين الحريري والراعي تناول الملف الحكومي .

وفيما توجه امس رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى موسكو لاجراء محادثات مع عدد من المسؤولين ابرزهم وزير الخارجية الروسي التقى الحريري امس في “بيت الوسط” السفير الروسي في لبنان الكسندر روداكوف وأبلغه “شكره للقيادة الروسية على الاستقبال الذي لقيه خلال زيارته الأخيرة لموسكو والتفهم الذي ابدته لمواقفه حيال الازمتين السياسية والاقتصادية التي يرزح تحتهما لبنان، مثمنا موقف روسيا الداعم لتأليف حكومة اختصاصيين في أسرع وقت ممكن بما يتماشى مع المبادرة الفرنسية واهتمامها بمساعدته عبر تواصلها مع مختلف الأطراف الفاعلة “.

 

عون والسعودية
وعلى صعيد احتواء تداعيات القرار السعودي أكد الرئيس عون امس انه “لا يقبل ان يكون لبنان معبرا لما يمكن ان يسيء الى الدول العربية الشقيقة عموما والى السعودية ودول الخليج خصوصا، نظرا للروابط المتينة التي تجمع لبنان بهذه الدول التي وقفت دائما الى جانبه في مختلف الظروف التي مر بها”. وأعلن ان “المملكة العربية السعودية دولة شقيقة، يهمنا المحافظة على التعاون الاقتصادي القائم معها، ونحن اليوم نبذل جهدا كبيرا لكشف ملابسات ما حدث وإعادة الامور الى مسارها الصحيح”. واشار الى ان “الاجراءات التي تم اتخاذها في الاجتماع الموسع الذي عقد الاثنين الماضي في قصر بعبدا، ستنفذ، وأن الاجهزة الامنية ستتشدد في مراقبة حركة التصدير من المرافق اللبنانية البرية والبحرية والجوية لطمأنة الدول التي تستقبل المنتجات اللبنانية الزراعية والصناعية على حد سواء”.

 

حجز على أصحاب مصارف
على صعيد آخر برزت خطوة قضائية لافتة امس في سياق الدعاوى المتصلة بأزمة ودائع المودعين في المصارف اذ أصدرت قاضية التحقيق الأول في البقاع أماني سلامة قراراً إحترازياً قضى بقيد إشارة منع تصرّف على الأسهم في شركات وعقارات في لبنان، وعلى الأسهم في شركات وعقارات والأموال خارج الأراضي اللبنانية لعددٍ من أصحاب المصارف ورؤساء مجالس إدارتها، وذلك بناءً على ثلاث شكاوى جزائية مباشرة قدمت أمامها من محامي الدائرة القانونية لمجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام”، بوكالتهم عن مجموعة من المدّعين المشتكين، بصفتهم كمواطنين ومودعين على السواء، ضد المدعى عليهم “جميع المصارف العاملة على الأراضي اللبنانية، بشخصيتهم القانونية المعنوية، وضد رؤساء مجالس إدارتهم، بصفتهم التمثيلية والشخصية الذاتية في آن، وضد كل من يظهره التحقيق متورطاً في الجرائم المدعى بها وتحت أي صفة جرمية كانت”.