Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر November 12, 2023
A A A
افتتاحية “النهار”: على وقع مقرّرات قمّة الرياض… لا تبديل في المعادلة الجنوبية
الكاتب: النهار

 

على وقع مقرّرات القمة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض التي شكّلت أوسع إدانة للمجازر الإسرائيلية في غزة من مجموعة كبيرة من الدول واتخاذ مجموعة قرارات متشددة وحازمة لوقف هذه المجازر وفرض فك الحصار عن القطاع وفتح الممرات الإنسانية والمطالبة بوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة إلى سواها من مقرّرات، لم يخرج الوضع اللبناني عن أطر المعادلة الميدانيّة والسياسيّة التي تحكم الوضع في الجنوب حيث تتّسع رقعة المواجهة بين “حزب الله” وإسرائيل بشكل متدرّج أخيراً ولو لم تصل إلى حدود التهديد بمواجهة شاملة بعد.

ذلك أنّ الكلمة الثانية التي ألقاها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بدت بمثابة تثبيت واستكمال لمعادلة المشاغلة والمساندة التي أعلنها في كلمته الأولى وهذه المرّة تحت عنوان أنّ “الكلمة والقرار للميدان في معركة مراكمة الإنجازات” الأمر الذي يعني المضيّ في الواقع الميداني السائد الذي أسهب نصرالله في تحديد نوعية التصعيد في المواجهة ان في السلاح أو في العمق أو في الكثافة القتاليّة. وثمّة انطباعات أنّ الكلمة التي جاءت متزامنة تماماً على وقع القمّة العربيّة الإسلامية انطوت على نهج واضح يوحي باستمرار المواجهة جنوباً على النحو الذي طبع الأيام الأخيرة في انتظار الاختبار المقبل الذي تحدّده التطوّرات في غزة. فلا تراجع في المواجهة بل تدرّج حذر يرتبط بالعمليّة الديبلوماسية الحارّة التي لا بدّ أن تتحدّد معالمها بعد القمّة وتأثيرها على مجريات الحرب في غزة.

وفي كلمته لمناسبة “يوم الشهيد” خصّص نصرالله معظم مواقفه للإسهاب في وصف كلّ ساحة من ساحات المساندة لغزة في المنطقة وتوجّه إلى الولايات المتحدة الأميركية قائلاً: “إذا أردتم أيها الأميركيون أن تتوقّف العمليّات في جبهات المساندة وألّا تذهب المنطقة إلى حرب إقليمية، عليكم أن توقفوا العدوان والحرب على غزة”.

أمّا في شأن الجبهة اللبنانية فأكّد “إنّ عمليّات المقاومة الإسلامية مستمرّة على الرّغم من كلّ إجراءات الاحتلال الوقائية”. وقال أنّه “على الرّغم من المسيّرات المسلّحة للعدو، وهي سلاح جديد لم تكن في عدوان تمّوز، فإنّ العمليّات مستمرة وهي بمثابة عمل استشهادي”.

ولفت إلى أنّه “حصل ارتقاء في عمليّات المقاومة على مستوى العمل الكمّي وفي نوعية السلاح، كاستخدام المسيرات الهجومية ونوع الصواريخ، وأنّ المقاومة بدأت باستخدام صواريخ “بركان” التي يصل وزنها إلى نصف طن في عملياتها”. وأشار إلى “وجود ارتقاء في عمليات المقاومة في لبنان ضد الاحتلال في العمق في فلسطين المحتلة”، مؤكداً أنّ “الإعلام الإسرائيلي اعترف بوصول أكثر من 350 مصاباً إسرائيلياً، بينهم إصابات خطيرة إلى المشافي”.

وتابع: “إنّ المقاومة الإسلامية أبلغت العدو بشكلٍ رسمي أنّها لن تتسامح مع استهداف المدنيين”، مؤكّداً أنّ المقاومة تدخل يوميّاً مسيّرات استطلاع إلى عمق فلسطين المحتلة وصولاً إلى حيفا، وبعضها يعود والآخر لا يعود”.

كذلك، لفت إلى “أنّ الاحتلال اعترف بارتفاع منسوب هجمات المقاومة، وبالتالي ارتفع منسوب القلق لديه وأنّ ارتفاع منسوب القلق لدى لكيان الاحتلال أدّى إلى ارتفاع منسوب التهديدات للبنان”. وشدّد على “أنّ جبهة الجنوب مع فلسطين المحتلة ستبقى جبهة ضاغطة”، مشيداً “بالبيئة الحاضنة للمقاومة”.

ورأى “أنّ هناك موقفاً عامّاً في لبنان متضامناً مع غزة ومؤيّداً أو متفهّماً لعمليّات المقاومة، باستثناء بعض الأصوات التي تعتبر شاذة”.وأعلن أن “سياسة حزب الله في المعركة الحالية هي الميدان، الذي يفعل ويتكلم ثم نحن نعبر عن التطورات”، مضيفاً: “نحن في معركة الصمود والصبر وتراكم الإنجازات، والوقت الذي تحتاجه المقاومة والشعوب ويلحق الهزيمة بالعدو. وأنّ التضحيات المتراكمة هي التي تؤدّي إلى قبول العدو بالهزيمة والاعتراف بها وممارسة فعل الهزيمة”، مشيراً إلى أنّ “العدو بات متخبّطاً، وهذا التخبط ينعكس من خلال التصريحات المتضاربة لنتنياهو”.

وتابع بأنّه “يجب أن يفشل العدو في تحقيق كل أهدافه على الرغم من المجازر التي يرتكبها”، معاهداً “كل شهدائنا بالمضي في هذا الطريق لحفظ أهدافهم ومراكمة إنجازاتهم للوصول إلى النصر الآتي، وهو آت آت”.

في المقابل كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يلقي كلمة لبنان الرّسمية أمام القمّة العربيّة الإسلامية معتبراً أنّه: “في هذه اللّحظة التي تجمعُنا في بلاد الحرمين الشريفين، نحن مدعوون إلى التضامن والعمل المشترك من أجل إنقاذ فلسطين وغزة. كلنا استعرضنا الوضع الكارثي، ولكن علينا أن ننتقل الى مربع القرار. فغزة تستغيثكم فلا تردوها خائبة”.

وقال ميقاتي: “إنّ ما يشهده جنوب لبنان حاليّاً من أحداث، وإن اعتُبِرَتْ في العمق صدىً للمآسي في قطاع غزة، ليست في حقيقتِها سوى نتيجةٍ لتفاقم اعتداءات إسرائيل على السيادة الوطنية وخرقها المستمر والمتمادي للقرار الدولي رقم 1701. ولقد بادرت شخصيّاً منذ اندلاع أحداث غزة إلى إطلاق النداءات العلنية للحفاظ على الهدوء ولضبط النفس على الحدود الجنوبية، ووجَّهْتُ التحذيراتِ، من تمدد الحرب التدميرية في غزة إلى جنوب لبنان، ومنه إلى المنطقة”.

وأضاف: “إنّ خيارنا في لبنان كان ولا يزال هو السّلام، وثقافتنا هي ثقافة سلام مبنيةٌ على الحق والعدالة وعلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. لكننا شعب ما رَضِي، ولن يرضى بالاعتداءات على سيادته وعلى كرامته الوطنية وسلامة أراضيه، وعلى المدنيين من أبنائه، وبخاصة الأطفال والنساء.

وبالرغم من كل هذا وذاك، نُجدّد اليوم أمامكم التزام لبنان الشرعية الدولية – لا سيما القرار 1701 – ونُشدّد على ضرورة الضغط على إسرائيل لتنفيذ كافة مندرجاته وإلزامها بوقف استفزازاتها وعدوانها على وطننا”.

يُشار الى ان ميقاتي التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش القمة واكد رئيسي خلال اللقاء أنَّ “فصائل المقاومة في لبنان وغزة لا تخضع لإيران ولا تتلقى الأوامر منها”، مشيراً إلى أن تلك الفصائل مستقلة في قرارها وعملها.وقال إن “أساس المقاومة هو الردع ومنع الإعتداءات الإسرائيلية”، مشيراً إلى أن “إجراءات حزب الله في جنوب لبنان مبنية على الحكمة والعقلانية”، وأضاف: “مع ذلك، يجب التأكيد على أن الكيان الإسرائيلي لا يفهم سوى بلغة القوّة”.

أمّا على الصّعيد الميداني فإنّ الوضع في الجنوب حافظ أمس على نسبة عالية من التصعيد والمواجهات. وأعلن “حزب الله” أنّه استهدف ثكنة راميم (قرية هونين اللبنانية المحتلة) بالأسلحة الصاروخية وحقّق فيها إصابات مؤكّدة. كما استهدف قوّة مشاة مؤلّلة في تلة الكرنتينا في منطقة حدب يارون وحقّق فيها إصابات مؤكدة. كما استهدف موقع ‏حدب البستان بالأسلحة الصاروخية وحقّق فيه إصابات مباشرة. واستهدف موقع ‏الجرداح بالقذائف المدفعية وحقّق فيه إصابات مباشرة، أيضاً استهدف موقع الرادار في مرتفعات شبعا وموقع المطلة فرد الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي لتلّة الحمامص وأطراف الخيام والعديسة.

 

في المقابل، تعرّضت منطقة اللبونة في رأس الناقورة لقصف مدفعي مركز. كما استهدف القصف المدفعي الإسرائيلي محيط عدد من القرى في منطقتي مرجعيون وبنت جبيل. وتعرّضت أطراف بلدتي الضهيرة والجبين في القطاع الغربي، لقصف مدفعي كما تعرّضت أطراف بلدة عيتا الشعب واطراف مجدل زون لغارات.

 

وأفيد أنّ أطراف الضهيرة والناقورة وجبل اللبونة في القطاع الغربي تعرضت لقصف عنيف ما أدّى إلى المزيد من النزوح. إلى ذلك، أفيد أنّ مسيّرة اسرائيلية استهدفت سيارة “بيك أب” في أحد البساتين في منطقة البراك في منطقة الزهراني على الساحل اللبناني شمالاً، في وقت أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ “طائراتنا أغارت على أهداف لـ”حزب الله” بعمق 40 كيلومتراً داخل لبنان. أمّا الجديد في الواقع الميداني أيضاً فتمثّل في إعلان حركة “امل” عن استشهاد شاب وجرح اثنين آخرين من ضمن مجموعة تابعة للحركة بعد استهدافهم من مسيّرة للجيش الاسرائيلي في القطاع الشرقي. ونعت “أمل”، للمرة الاولى٦ “الشهيد علي جميل الحاج داوود الذي استشهد بعد تعرض أحد مواقع الحركة في بلدة رب ثلاثين الجنوبية الى اعتداء مباشر من العدو الإسرائيلي”.

 

وردّاً على خطاب السيد حسن نصرالله قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “حذّرت “حزب الله” من الخطأ والدخول في الحرب ومستعدون للتحرّك في كل الجبهات وخصوصاً الشمالية”.

ومن جهته، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن “حزب الله يلعب بالنار” معلناً أنّ “القوات الإسرائيلية على الأرض مستعدّة لكل مهمة في الشمال”.

وفي تصريح سابق، قال غالانت إنّ “حزب الله” يقترب من “ارتكاب خطأ كبير”، مهدّداً بأنّ ذلك سيؤدّي إلى تحويل بيروت إلى غزة ثانية. وجاء حديث يوآف غالانت خلال جولة على الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان، حيث التقى عناصر الفرقة 91.

وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية: “أنا أقول من هنا لمواطني لبنان، أنا أرى مواطني غزة يسيرون وهم يحملون الرايات البيضاء ويسيرون على طول الشاطئ جنوباً. “حزب الله” يجر لبنان إلى حرب قد تندلع، وهو يرتكب الأخطاء واذا ارتكب هذه الأخطاء هنا فمن سيدفع الثمن أوّلاً هم مواطنو لبنان، وما نقوم به في غزة نعرف كيف نكرّره في بيروت”.

 

وأضاف:”طيارونا يجلسون داخل قمرات الطائرات المستعدة للتوجه للشمال لدينا كل ما يلزم لنفعل نفس ما نقوم به في الجنوب. سلاح الطيران قوته هائلة، ونحن لم نستخدم عشرة في المائة من تلك القوة في غزة”.