Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر June 2, 2021
A A A
افتتاحية “النهار”: خيارات تصعيدّية وبري ينتظر جواب باسيل
الكاتب: النهار

لم تحمل الساعات الأربع والعشرون الأخيرة التي أعقبت انطلاق الحركة السياسية الكثيفة على خلفية تفعيل مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لتذليل عقبات تشكيل الحكومة ما يبدل الانطباعات المتشائمة، حيال فرصة “نجاة” هذه المبادرة ومعها فرصة استيلاد الحكومة. بل ان معالم الشكوك في ان يمرّ الأسبوع الحالي الذي يتردد انه يشكل مهلة حاسمة لبت مصير المبادرة قبل ان يسحبها صاحبها في حال اصطدمت بالاخفاق، زادت بقوة في ظل المراوحة المكشوفة التي طبعت مجمل التحركات وخصوصا لجهة “تزخيم” آليات رمي بالونات الاختبار حول البدائل الوشيكة بعد ان يثبت اخفاق الجهود المتجددة وذهابها ادراج الرياح. ذلك انه بدا واضحا ان “الأفكار البديلة” التي كثر الحديث عنها امس من مثل اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري او استقالة نواب “التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل” أيضا ومن ثم تلويح رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بالمطالبة بطاولة حوار في بعبدا من باب “التهويل” بالخيارات الاستثنائية. كل هذا لا يترك ادنى شك في ترنّح الجهود الجديدة التي تولاها الرئيس نبيه بري وتجاوب معها الرئيس الحريري، وعادت الأمور الى معادلة التعطيل إياها التي يقف وراءها العهد وتياره السياسي بما يكشف عدم وجود قرار حقيقي بالافراج عن الحكومة.

وبرز مؤشر مهم وبارز حيال ما بلغته مبادرة الرئيس بري حين أجاب رئيس المجلس ليلا “النهار” على سؤالها اين وصلت المبادرة بقوله انه ينتظر الاجوبة على مبادرته والمخرج المساعد الذي وضعه لتسهيل الحكومة، وكان قد بحث كل هذه التفاصيل مع الرئيس المكلف في اجتماعهما الأخير في عين التينة. ورداً على سؤال “النهار” عن موقف الرئيس الحريري أجاب الرئيس بري: “الحريري موافق على مبادرتي وانتظر جواب جبران باسيل”.

وكانت بعض المعطيات اشارت الى ان تم التوافق على حكومة 24 وزيرا من ناحية الحصص والحقائب، لكن الخلاف لا يزال على تسمية العهد لوزيرين مسيحيين فوق ثمانية وزراء حصته وحصة تياره. ونقل عن مصادر عين التينة حرصها على التأكيد ان الاتصالات ستستكمل على رغم علم المطلعين على مفاوضات التشكيل ان العقبات لا تزال تحول دون التوصل الى اتفاق لاسيما لناحية تسمية الوزيرين المسيحيين.

الحريري وكتلته
ورأس الحريري امس في بيت الوسط اجتماعا لكتلة “المستقبل” النيابية وضع الحريري خلاله الكتلة في أجواء الاتصالات الجارية بشأن تشكيل الحكومة، كما عرض أمامهم بالتفاصيل التسهيلات التي قدمها طوال هذه الفترة من أجل تشكيل حكومة إنقاذ، ضمن إطار الدستور وشروط المبادرة الفرنسية.

وعكس اجتماع كتلة “المستقبل” توجّهات واضحة سيتّخذها الحريري في المرحلة المقبلة. وأكّد الاجتماع الخلاصات التي كانت عرضت في لقاء رؤساء الحكومة السابقين الاثنين في بيت الوسط. وتشير معطيات “النهار” إلى ان اجتماع الكتلة تطرّق الى ما يشاع من ايجابيات في الملف الحكومي، لكنها بقيت مجرّد شكليّات لا تعكس حقيقة الواقع، باعتبار أن فريق العهد لا يزال يصرّ على المطالب نفسها رغم الإيجابيات التي أبداها الحريري في التعامل مع موضوع التشكيل.

وعبّر الحريري في الاجتماع عن جهوزيته للتعامل بايجابية كاملة، لكن الفريق الآخر يصرّ على موقفه من كيفية تسمية ما تبقى من وزراء في الصيغة الحكومية. وفهم ان لا إشكالية لدى الحريري بالنسبة الى عدد الوزراء وعدد الـ24 ليس ثابتا، لكن الحريري يرفض مطلقا أي ثلث معطل واضح او مقنع كما يرفض العودة الى نظرية الوزير الملك مبديا تمسكه بتسمية وزراء او وزير مسيحي على الأقل. وابلغ الحريري كتلته انه يريد إعطاء مبادرة الرئيس بري فرصة لكنه في الوقت عينه لا مشكلة لديه بالاستقالة من مجلس النواب وخوض الانتخابات المبكرة.

وشدّد الاجتماع على ضرورة أن تقابل إيجابية الحريري من الطرف الآخر حكومياً بإيجابية مماثلة، من أجل الوصول إلى إيجابيات يبنى عليها، مع تأكيد جهوزية الحريري لأي مبادرة شرط ألا تأتي على حساب الدستور والمعايير الانقاذية المطلوبة دولياً لجهة تأليف حكومة اختصاص غير حزبية وتاليا فان الحريري ماض في مهمته الى حين اتضاح الأمور فيما الاعتذار يشكل احد الخيارات إنما ليس في الوقت الحالي.

 

 

“تكتل لبنان القوي”
في المقابل اعلن النائب جبران باسيل بعد اجتماع “تكتل لبنان القوي”: “سنطفئ اي ذريعة جديدة لعدم تشكيل الحكومة وواضح ان هناك “فبركة” للحجج لعدم التأليف وقد اظهرنا مرارا عدم تمسكنا بأي وزارة وبينها وزارة الطاقة لكننا مع توزيع الوزارات بالمناصفة وبين الكتل والطوائف”. أضاف: ” لن نترك مجالا لأي امر يمكن ان نقوم به الا ونفعل للتسهيل لأننا نريد حكومة وبرئاسة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري”. وقال :”نؤيد بشكل كامل مسعى الرئيس بري بمعاونة حزب الله من اجل الاسراع بتأليف الحكومة ورئيس الجمهورية واضح بأنه لا يريد اي وزير اضافي على الثمانية ويؤيد اي آلية او وسيلة لتسمية وزراء لا يمتون اليه لا سياسيا ولا بأي صلة كأن يكونوا من المجتمع المدني او الادارة اللبنانية او غيرها”. ولفت الى انه “اذا حصلت مماطلة اكثر فنحن مجددا ندعو رئيس الجمهورية لدعوتنا الى طاولة حوار لأن المكاشفة حول الطاولة حكما ستؤدي الى تسريع وتسهيل التأليف واذا حصل امتناع عن حضور الحوار الذي لا يمس ابدا بالاصول الدستورية التي ستبقى محترمة فمن الطبيعي ان نفكر عندها بمبادرة جديدة وخطوات ضاغطة اكثر وملزمة لعملية التأليف”.

 

 

“عهد جبران”
وسارع “تيار المستقبل” الى الرد على باسيل ببيان ناري لفت فيه الى ان: “رئيس الظل” جبران باسيل لا يترك مناسبةً إلا ويتكلم بها بلسان رئيس الجمهورية ميشال عون، ويؤكد المؤكد بأن إرادة التعطيل تتقدم لدى الرجلين على كل الإرادات الوطنية الساعية إلى تأليف حكومة مهمة طال انتظارها من قبل اللبنانيين”.
وأضاف: “المشكلة، أن رئيس تيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لا يقيم أي وزنا لمعاناة اللبنانيين بفعل فشل العهد وحكومته، وجل ما يعنيه اليوم استدراج العروض السياسية من أجل استعادة اعتباره السياسي الذي مُني بانتكاسة العقوبات الأميركية، وهو لهذه الغاية، لم يكتفِ بإفشال عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، بل يمعن في استخدامه أداةً لإعادة تعويم نفسه، من عراضات الدلع التي سبقت التكليف، إلى سياسات التعطيل التي ترافق التأليف، وصولاً إلى دعوته لعقد حوار وطني في قصر بعبدا، وقد فاته أن غالبية اللبنانيين، وبفضله، ينظرون إلى القصر في عهد عون على أنه مؤسسة حزبية تابعة لباسيل، وليس موقعاً للرئاسة الأولى”.

وسأل: “هل نحن في عهد جبران باسيل ام في عهد ميشال عون؟ ام أن الاقدار قد رمت اللبنانيين في مستنقع سياسي يديره باسيل ويرعاه عون؟”

 

 

الازمة الأخطر
وسط هذه الاجواء اطلق البنك الدولي انذارا جديدا خطيرا حيال لبنان فحذر من أن “لبنان غارق في انهيار اقتصادي قد يضعه ضمن أسوأ عشر أزمات عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، في غياب لأي أفق حل يخرجه من واقع مترد يفاقمه شلل سياسي”. وأورد أنه “من المرجح أن تصنف هذه الأزمة الاقتصادية والمالية ضمن أشد عشر أزمات، وربما إحدى أشد ثلاث أزمات، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر”. وأضاف “أنه في مواجهة هذه التحديات الهائلة، يهدد التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الانقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية أصلا والسلام الاجتماعي الهش، ولا تلوح في الأفق أي نقطة تحول واضحة”.