Beirut weather 13.41 ° C
تاريخ النشر May 17, 2024
A A A
افتتاحية “النهار”: خريطة “الخماسية”… نهاية أيار لانتخاب الرئيس
الكاتب: النهار

وسط حماوة تصعيدية فاقت بحدتها وعنفها وعمقها الجغرافي كل المواجهات التي حصلت منذ 8 تشرين الأول الماضي بين إسرائيل و”حزب الله” على ساحة الجنوب وعبره، وفيما الأنظار على قمة البحرين التي شكلت حرب غزة جوهر مقرراتها، جاء البيان “البيان المشترك عقب جولة اجتماعات سفراء دول الخماسية مع الكتل السياسية اللبنانية” الذي وزعته السفارة الأميركية امس غداة الاجتماع الأخير للسفراء الخمسة في عوكر ليخطف الاهتمامات ويثير التساؤلات الواسعة حيال “النبض والزخم ” اللافتين اللذين طبعا هذا البيان حيال الازمة الرئاسية في لبنان. ذلك ان البيان بدا كأنه استعاد النبرة الواضحة والحازمة وكذلك الموحدة لمجموعة الدول الخمس التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر على قاعدة رؤية عملية مشتركة هذه المرة ترسم خريطة طريق تفصيلية لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ينهي فراغ 18 شهرا حتى الان. ولعل اكثر العوامل المفاجئة واللافتة في البيان الخماسي المشترك انه ذهب الى تحديد “مهلة حث” لانتخاب الرئيس في نهاية أيار الحالي استنادا الى استعدادات “بعض الكتل السياسية” التي اجرى السفراء جولات مشاورات معها. وهو امر غير مسبوق في مسار عمل المجموعة الخماسية وسفرائها بما عكس اتجاها لدى المجموعة الى تبني هذه المهلة وممارسة ضغوط ضمنية قوية ومتقدمة لانهاء الأزمة الرئاسية. كما ان الوجه الاخر البارز لتحديد المهلة جاء عبر تبني السفراء الخمسة آلية تفصيلية تعتمد المشاورات المحدودة بين الكتل توصلا الى مرشح توافقي او لائحة محدودة من المرشحين والذهاب الى جلسة مفتوحة للانتخابات الرئاسية. هذا التطور اكتسب دلالات مهمة وبارزة للغاية الامر الذي اطلق مناخا جديدا “أيقظ” الازمة الرئاسية من سباتها وانتشلها من التهميش والتجميد والمراوحة ولكن من دون الجزم مسبقا بمدى نجاحها او إخفاقها في انتظار بلورة ردود الفعل الداخلية على بيان السفراء أولا ومعرفة مدى استعداد الدول الخمس للمضي بقوة في ممارسة نفوذها لترجمة هذا التطور .

بيان السفراء الخمسة انطلق من الاعتبار انه “لا يمكن لبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحق رئيساً يوحد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية”. وإذ أشار الى انه خلال الشهر الماضي، اختتم سفراء دول الخماسية اجتماعاتهم مع الكتل السياسية اللبنانية الكبرى لمناقشة الفراغ الرئاسي المستمر اعلن ان “محادثات سفراء الخماسية أظهرت أن هذه الكتل متفقة على الحاجة الملحّة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وهي مستعدة للمشاركة في جهد متصل لتحقيق هذه النتيجة، وبعضها مستعد لإنجاز ذلك بحلول نهاية شهر أيار 2024”. وبالتالي، رأى السفراء “أن مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسية ضرورية لإنهاء الجمود السياسي الحالي. وهذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعددة حتى انتخاب رئيس جديد”. واكدوا أنهم “على استعداد لأن يشهدوا وييسروا المشاورات السياسية المقترحة بالتزامن مع الجهود والمبادرات اللبنانية المستمرّة من قبل جميع الأطراف وأصحاب المصلحة اللبنانيين، بما في ذلك كتلة الاعتدال الوطني”.

لبنان في القمة

وحضر ملف الازمة في لبنان في قمة البحرين العربية التي أكدت عبر إعلان المنامة “دعم الجمهورية اللبنانية وسيادتها واستقرارها ووحدة أراضيها” وحثت “جميع الاطراف اللبنانية على اعطاء الاولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، وتعزيز عمل المؤسسات الدستورية، ومعالجة التحديات السياسية والامنية، وتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية الضرورية، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، للحفاظ على امن لبنان واستقراره، وحماية حدوده المعترف بها دوليا، بوجه الاعتداءات الاسرائيلية”.

والقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كلمة لبنان في القمة لافتا الى ان” لبنانُ يأتي إلى قمة البحرين، على متنِ بحرٍ من الأزمات، تَلْطُمُه أمواجُها من كلِّ جانب، لكنه في الوقتِ نفسِه واثقٌ بأن برَّ العروبة هو الرصيفُ الوادعُ الذي يحميه من أخطارِ العواصف”. وجدد “التزام لبنان قرارات الشرعيّة الدوليّة”، وطالب بـ “الضغط على إسرائيل للانسحاب من أرضنا المحتلّة ووقف انتهاكاتها واعتداءاتها البريّة والبحريّة والجويّة، والتطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلّة مُتكاملة بضمانات دوليّة واضحة ومُعلنة”. وامل في ” تفعيل عمل لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا بما يُساعد على تحقيق رؤية عربيّة مُشتركة مُتّفق عليها، وبلورة آليّة تمويليّة لتأمين الموارد اللازمة لتسهيل وتسريع عودة النازحين السوريين إلى بلدهم”. وشدد على أن “اللبنانيين يعوّلون جدًّا على الدور الفعال للأشقاء العرب، ولا سيما أعضاء اللجنة الخماسية، من أجل مساعدة القوى السياسية اللبنانية على إنجاز الاستحقاق الرئاسي”.

وكانت لميقاتي لقاءات عديدة ابرزها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة الذي رحب برئيس الحكومة ومشاركته في قمة البحرين، “وعرض معه العلاقات الأخوية الوطيدة وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات التي تخدم مصالح البلدين الشقيقين وأكد ملك متانة العلاقات الثنائية الطيبة التي تجمع بين مملكة البحرين ولبنان والحرص على تطويرها وتنميتها لصالح الشعبين الشقيقين”.

التصعيد الأخطر

اما على صعيد التدهور الميداني الواسع في الجنوب وعبره فيمكن وصف تطورات اليومين الأخيرين بانها كانت الأخطر والاعنف في المواجهات المتبادلة . فبعدما قصف “حزب الله” أهدافا تتجاوز الثلاثين كيلومترا في الشمال الإسرائيلي شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات كثيفة على عمق بعلبك والسلسلة الشرقية ثم راحت الأمور تتدهور تباعا . وشنت طائرة مسيرة اسرائيلية بعد الظهر غارة استهدفت سيارة على طريق يربط بلدتي قانا بالرمادية في قضاء صور ، فتسببت بوقوع قتيلين ولاحقاً نعى “حزب الله” اثنين من عناصره . كما تعرض سهل مرجعيون لقصف مدفعي وتسبب القصف بجرح راعيي ماشية . وأغار الطيران الاسرائيلي على عيتا الشعب لجهة رامية، ثم استهدف مروج الريحان ، واتبعها بأخرى على ضهور سجد، وألقت الطائرات المغيرة 4 صواريخ على المنطقتين المستهدفتين بمعدل صاروخين في كل غارة. وقصفت المدفعية الاسرائيلية اطراف بلدة شيحين ووادي زبقين وسجل قصف مدفعي وفوسفوري على منطقة المسلخ في بلدة الخيام .

في المقابل، اعلن “حزب الله” انه “رداً على ‏اعتداءات العدو الإسرائيلي على منطقة البقاع شنّ هجوماً صاروخياً بأكثر من 60 صاروخ كاتيوشا على قيادة فرقة الجولان ‌‏210 في نفح وثكنة الدفاع الجوي في كيلع وثكنة المدفعية لدعم المنطقة الشمالية في يوآف”، واستهدف أيضا ثكنة ‏زرعيت ورافعة التجهيزات والتجهيزات التجسسية المستحدثة في الثكنة والتجهيزات ‏التجسسية المستحدثة في موقع جلّ العلام والتجهيزات التجسسية في موقع راميا والتجهيزات ‏التجسسية المستحدثة في موقع عداثر واستهدف ايضا المطلة ‏وحاميته وآلياته “بمسيّرة هجوميّة مسلّحة بصواريخ “‏S5‎‏” عدد 2، وعند وصولها النقطة المحددة ‏لها أطلقت صواريخها على إحدى آلياته والعناصر المجتمعة حولها‎ ‎وأوقعتهم بين قتيل وجريح، ‏وبعدها أكملت انقضاضها على الهدف المحدد لها وأصابته بدقّة” . كما اعلن انه “رد على الاعتداء الإسرائيلي على المنشأت الصناعية في البقاع بشنه هجوما جويا بمسيرات انقضاضية على منشأت صناعية تابعة لوزارة حرب العدو – مصنع ديفيد كوهين في تل حي شمال كريات شمونة المتخصص بإنتاج المنظومات الإلكترونية للجيش الإسرائيلي” .