Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر June 11, 2021
A A A
افتتاحية النهار: إنهيار الهدنة… وماكرون لتمويل دولي للخدمات
الكاتب: النهار

لم يشكل إنهيار الهدنة الإعلامية أمس بين قصر بعبدا و”التيار الوطني الحر” و”بيت الوسط” حدثاً حقيقياً وجوهرياً لسببين أساسيين هما: الأول ان انهيار هذه الهدنة كان متوقعاً في أي لحظة في ظل ما ثبت من طغيان المناورات من جانب فريق العهد وتياره التي كشفتها امس “النهار” على السعي الجدي للتوصل الى مخرج للازمة الحكومية. والثاني ان انفجار مشهد اذلال اللبنانيين في الساعات الأخيرة بما لم يسبق له مثيل حتى في حقبات القصف والموت والحروب والاجتياحات التي عرفها لبنان لم يعد يحتمل ترف التوقف امام أي سخافات سياسية من النوع الذي يمعن فيه جلادو اللبنانيين بكل دم بارد .
ذلك ان مشهد بيروت التي تحولت لليوم الثاني مرآبا عملاقاً خانقاً سدّت فيه معظم الطرق الرئيسية والفرعية تحت وطأة ازمة البنزين واصطفاف عشرات الوف السيارات في صفوف لا تنتهي أقفلت معها العاصمة، بدا كافياً لمعاينة مدى الذل الخيالي الذي يعاني منه اللبنانيون، علما ان صفوف الإذلال لم تقف على التراصف حول محطات المحروقات للحصول على ما لا يزيد عن ليترات مقننة قليلة لا تتجاوز قيمتها العشرين الف ليرة بل تمددت اكثر فاكثر امام الصيدليات وفي المستشفيات أيضا. ومع تمدد الطوابير، اشارت المعلومات إلى ان باخرة بنزين واحدة كانت راسية في البحر تنتظر إفراغ حمولتها، وأخرى تصل في 13 الجاري لكن المشكلة الأساسية كانت في فتح الاعتمادات. في حين أن مخزون البنزين لا يكفي إلا ستة أيام كحدّ أقصى.
ولكن مصرف لبنان اصدر بيانا عقب اجتماع ضم حاكم مصرف لبنان ووزير الطاقة والمياه بدا بمثابة تعرية لكارتيل شركات المحروقات في تخزينها للمادة واعلن انه “على رغم الحملات الممنهجة والتي تفيد أن مخزون الشركات المستوردة غير متوفر، فإن الوزير أكد وجود 66 مليون ليتر بنزين في خزانات الشركات المستوردة و 109 ملايين ليتر مازوت، هذا بالإضافة الى الكميات المتوافرة لدى محطات التوزيع وغير المحددة مما يكفي السوق اللبناني لمدة تراوح بين 10 أيام وأسبوعين. وسيتابع مصرف لبنان منح أذونات للمصارف لفتح اعتمادات استيراد محروقات شرط عدم المس بالتوظيفات الإلزامية”. ولفت البيان الى “أن شركة مدكو استحصلت على موافقة مصرف لبنان للاعتمادات المقدمة من قبل مصرفها منذ أكثر من شهرين من أجل استيراد شحنتي محروقات بقيمة اجمالية قدرها 28 مليون دولار أميركي، ولم يتم إفراغ الكميات حتى تاريخه”.
الى ذلك أعلن تجمّع أصحاب الصيدليات عن توقفهم القسري عن العمل اليوم وغدا، “بالتضامن والتنسيق مع مراسلي نقابة صيادلة لبنان في المناطق”. كما دعا التجمّع إلى أوسع حشد ممكن، “للمطالبة بحقوق الصيادلة وإيصال أصواتهم لمن يعنيهم الأمر من المسؤولين عن الوضع الذي وصل إليه الواقع الصحي والدوائي في البلد، ولوضع الحلول السريعة لهذه الأزمة المستفحلة، والتي تتفاقم يوماً بعد يوم بعدما باتت الصيدليات شبه خالية من الأدوية وحليب الأطفال”.
مفاجأة ماكرون
واتخذت الازمة الداخلية ببعديها السياسي والاقتصادي دلالات جديدة بالغة الخطورة في ظل موقف متطور من الازمة أعلنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امس . فقد اعلن ماكرون انه “يعمل مع شركاء دوليين لإنشاء آلية مالية تضمن استمرار الخدمات العامة اللبنانية الرئيسية، في الوقت الذي تكافح فيه البلاد أزمة حادة”، ولفت في مؤتمر صحافي الى انه “سيدافع عن جهوده لتشكيل حكومة من شأنها أن تقود الإصلاحات وتطلق العنان للمساعدات الدولية”.
الحرب المتجددة
تزامن ذلك مع تجدد اشتعال حرب السجالات بين بيت الوسط و”التيار الوطني الحر” الامر الذي عكس عدم صحة كل ما سرب عمداً عن تقدم في لقاءات الخليلين مع النائب جبران باسيل .
شكوك صندوق النقد
على الصعيد المالي أيضا تلقى مشروع الكابيتال كونترول الذي أقرته لجنة المال والموازنة النيابية صدمة من صندوق النقد الدولي الذي قال المتحدث باسمه جيري رايس خلال مؤتمره الصحافي امس ردا على سؤال في شأن هذا القانون : “قانون مراقبة رأس المال ووضع حدود للسحب من الودائع لن يحققا الفعالية المطلوبة بدون وجود خطة للإصلاح الشامل الذي تحتاج إليه لبنان بصورة ماسة. ونعتقد ان المقترحات الخاصة بتطبيق قانون الكابيتال كونترول بالاضافة الى الاجراءات الخاصة بالسحوبات يجب ان تأتي في سياق خطة إصلاحية شاملة وواضحة يحتاجها لبنان بشكل طارئ، ومستدام. ولا نرى الحاجة لتطبيق قانون كابيتال كونترول في الوقت الحالي، خصوصا في غياب إجراءات مالية ونقدية وسياسات تتعلق بسعر الصرف. وأيضا ليس من الواضح كيف سيتم تمويل خطة تسديد الودائع، مع الاخذ في الاعتبار التراجع المستمر للعملات الاجنبية في الاقتصاد خلال السنتين الماضيتين ، توازيا مع إستمرار الحاجة لتمويل استيراد المواد والسلع والخدمات. وفي الوقت ذاته، هنالك خطر جدي حول مبالغ الليرة المتداولة وقد تزداد من مستويات حاليا مرتفعة، ما يرفع الضغوط التضخمية وتراجع سعر صرف الليرة وما ينعكس تدهوراً متزايداً بالنسبة للاوضاع المعيشية في البلاد”.