Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر December 22, 2022
A A A
افتتاحية “اللواء”: سلطة الدولار فوق السلطات.. و«نكبة صحية» بفقدان الأدوية
الكاتب: اللواء

قرر حاكم مصرف لبنان ضخ ما لا يقل عن 100 مليون دولار في السوق، بعد تمديد العمل بالتعميم رقم 161، الذي يتيح للمصارف حتى نهاية كانون الثاني 2023، إجراء السحوبات النقدية على سعر صيرفة، من دون ان يؤثر ذلك على استقرار التوازن في الاسواق، وعلى خلافه، سجل سعر صرف الدولار قفزات هستيرية تجاوزت الـ3 آلاف ليرة لبنانية في يوم واحد.

وعزت أوساط الصرافين هذا الاضطراب الكبير إلى خلافات داخل جسم الصيارفة بين شرعيين وغير شرعيين وكبار وصغار، وتوقف عن العمل، وتفرد بالتلاعب بسعر الصرف في السوق السوداء، بلا أي تدخل من اية سلطة نقدية او رسمية او مصرفية، من دون ان يفلح لقاء السراي بين الرئيس نجيب ميقاتي ووزيري المال والصحة ووزراء ومسؤولين ونقابيين من تجاوز نكبة الدواء والاستشفاء على حدّ سواء، مع تمرُّد المصانع وشركات الادوية، عن تسليم الادوية للصيدليات.

واذا كان المعنيون بالاستحقاقات الدستورية والسياسية ماضيتين في سلوك «انعدام الوزن» مع اصرار التيار الوطني الحر على التلطي وراء «كليشهات» مثل الدستورية والميثاقية، ورفض اي اجتماع او جلسة لمجلس الوزراء، بصرف النظر عن «الضرورة القصوى» او الضرورة العادية، مع وضع الخطط لشل حتى تصريف الاعمال، والامور الحياتية للمواطنين الذين ينوؤون تحت ضربات الدولار والاسعار، والانهيارات المتلاحقة.

سمع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب كلاماً اميركياً، لا يحمل في طياته اية تطمينات ما خلا «استمرار المساعدة للجيش اللبناني وللقوات الامنية اللبنانية في ظل الوضع الاقتصادي غير المسبوق» على حد تعبير بو حبيب.

فخلال اللقاء في مقر الخارجية الاميركية بواشنطن التقى الوزير بو حبيب مع مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى باربارا ليف، والتي شددت خلال الاجتماع على ضرورة تحمل اصحاب القرار في لبنان مسؤولياتهم الوطنية والمضي قدماً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كخطوة اساسية للبدء بمعالجة الازمات المتراكمة «واصفة الازمات اللبنانية بالأشد تعقيداً بين الازمات الاقليمية في الشرق الاوسط».

وتوقعت مصادر سياسية أن يشتد الكباش السياسي بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحلفائه بالحكومة مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في الأسابيع المقبلة، على خلفية دستورية انعقاد جلسات الحكومة، او لجهة المراسيم والقرارات الصادرة عنها حسب ادعاءات وفذلكات الاخير الدستورية، كما حصل من خلال تعطيل اجتماعات اللجنة الوزارية الرباعية التي تم الاتفاق عليها، للتفاهم على الملفات والمواضيع الملحّة والضرورية التي تستوجب انعقاد جلسات مجلس الوزراء، بايعاز من رئيس التيار الوطني الحر، ومن خلال المواجهة المحتدمة مع وزير الدفاع الوطني موريس سليم بخصوص صيغة مرسوم ترقيات الضباط.

وقالت: ان واجهة الاشتباك السياسي ظاهريا، الخلاف حول دستورية انعقاد جلسات مجلس الوزراء، والصيغ المعتمدة لاصدارالمراسيم بعدما تم افشال وتعطيل كل محاولات باسيل للاستئثار وامساك قرارات الحكومة بيده، الا ان خلفياته، تتعدى هذه الصورة، الى الملف الاهم، وهو انتخابات رئاسة الجمهورية التي ادى الخلاف بخصوصها الى تردي العلاقات مع حليفه التيار الوحيد، حزب الله، لتبنيه دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو ما يرفضه باسيل كليا بالرغم من كل محاولات الحزب اقناعه بتاييد هذا الخيار، لاعتبارات لها علاقة بتماسك التحالف بينهما، ولمنع وصول رئيس للجمهورية من خارج صفوفه، في حال استفحل الخلاف الحاصل.

واشارت المصادر إلى انه كلما تسارعت الاتصالات والمشاورات خارجيا لانضاج صيغة ما، حول الانتخابات الرئاسية، كلما تصاعد الاشتباك والصدام السياسي الداخلي تحت عناوين مزيفة ومختلقة لتجهيل السبب الاساس، والسعي لاثبات الوجود، والمشاركة بالطبخة الرئاسية، مباشرة او بالواسطة، لتحصيل ما يمكن من مكاسب أو حصص ولو محدودة بالعهد الجديد، لتفادي انكشاف ملفات فساد العهد المشؤوم الفضائحية بنهب المال العام وتهديم مرتكزات الدولة.

ولاحظت المصادر ان استحضار رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في اطلالته الحزبية الهزيلة مؤخرا، ومطالبته بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكمل مسيرته، وهي مسيرة غير مشرفة وفاشلة بكل المقاييس، تؤشر الى رفض التيار للأسماء المطروحة للرئاسة، من قبل حليفه والخصوم على حد سواء، ولاظهار اعتراض فاقع عليها، ومحاولة لاستلحاق السيناريوهات التي تحضر لاختيار وانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، اما بترشيح محتمل للوريث السياسي، يكرّس القطيعة مع الحزب، او لافساح المجال بالمشاركة باختيار الرئيس الجديد.

فعلى بعد يومين او اكثر من عيد الميلاد المجيد، سارعت البلاد الخطى نحو مزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي والصحي- الاستشفائي والتربوي،بعدما تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء الـ 45 الف ليرة وتبعته اسعار معظم السلع الاستهلاكية والغذائية، في وقت يتلهى المسؤولون في تقاذف كرة الاتهامات بالمسوؤلية عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وعمل مجلس الوزراء، بحيث بات الفراغ الدستوري والاداري يهدد مؤسسات اخرى ومنها واهمها مؤسسة الجيش عدا بعض المؤسسات الرسمية الاخرى.

وحول هذا الموضوع، أعلن وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم أنني «لن أقبل بالتمديد لرئيس الأركان اللواء أمين العرم والمفتش العام في المجلس العسكري اللواء ميلاد اسحق اللذين يتقاعدان في 24 و25 كانون الأول، وسيسيّر الأعمال الضابط الأعلى رتبة في كل مؤسسة، ولا خلفية سياسية لموقفي بل لم أكن لأمانع لو أن التمديد أقرّ بقانون في مجلس النواب» .

اضاف: أنني قمت بواجبي الدستوري ووقعت مرسوم مساعدات العسكريين وأحلته بصيغة أربعة وعشرين توقيعاً على الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وسأوقع كلّ مراسيم ترقيات الضباط وأحيلها بصيغة مرسوم بـ 24 توقيعاً والأمر يعالج بنقاش في الحكومة ونعوّل على حكمة الرئيس ميقاتي لكنّني لم أتسلم المراسيم بل جداول القيد ووقعتها كلها ويجب اقرار الترقيات دفعة واحدة مع 2020 و2021 و2022.

لكن رئاسة مجلس الوزراء وجهت كتاباً جوابياً الى الوزير سليم طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم الرامي الى إعطاء الاسلاك العسكرية مساعدة اجتماعية المُرسل اليه سابقاً كما هو دون أي تعديل والإعادة بالسرعة القصوى.

واشارت الى «ضرورة تعجيل السير وإصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من قبل مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/12/2022، وليس بالصيغة التي اعدها وزير الدفاع، خاصةً في ضوء أهميته على مستوى إعطاء الاسلاك العسكرية على اختلافها وتنوعها الحدّ الأدنى المتاح من حقوقها ما يوجب جعلها بمنأى عن التجاذب السياسي في البلاد استناداً الى حجج دستورية واهية مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات».

توازياً، اعلن نقيب الصيادلة جو سلوم في نداء الى المعنيين، أن «الارتفاع المطرد والسريع للدولار، أدى الى توقف الشركات عن تسليم الأدوية والحليب الى الصيدليات، وبالتالي فقدانها تدريجياً والمخزون سينفد خلال يومين، ناهيك عن انعكاساته السلبية على الواقع الصحي والافلاسات التي تنتظر كل قطاعات الدواء وفي مقدمتها الصيدليات، وبالتالي الاقفال».

وقال: لا أحد يختلف، أن المواطنين عاجزون عن تحمّل المزيد من الأعباء وارتفاع الأسعار، وكذلك الصيدليات وشركات الأدوية والمصانع الدوائية عاجزة عن الاستمرار، في حين ان وزارة الصحة تقوم بأكثر من واجبها في هذه الظروف الصعبة وضيق الموارد والخيارات، ونقابة صيادلة لبنان لا تألو جهداً في مكافحة كل أشكال المخالفات والتهريب والتلاعب بصحة المواطن .

وختم: من هنا أتوجه كنقيب صيادلة لبنان، المؤتمن على القطاع الدوائي وصحة المواطن، الى السياسيين في الداخل والمجتمع الدولي لانقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة ، فالانقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، واعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، ولا سيما الصحية، والا الانهيار الحتمي والتوقف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام.

وشهد السراي الحكومي امس،اجتماعات لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أولها خصص للبحث في أوضاع القطاع الصحي والمستشفيات، وشارك فيه الوزراء في حكومة تصريف الاعمال المالية يوسف الخليل، الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض، والعمل مصطفى بيرم، نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي، ومدير مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت جوزف عتيق.

وقال الوزير بيرم بعد الاجتماع: تم النقاش في الأمور الصحية وفي إعادة النظر بالتعرفات الطبية ومسائل الأدوية ومدى توافرها، وتوفير الأموال والسلف اللازمة للمستشفيات من أجل مساعدة المرضى. وتم الإتفاق على متابعة القضايا، فهناك أمور سيتابعها الرئيس ميقاتي مع حاكم مصرف لبنان تتعلق بتسهيل دفع المستحقات عبر البنوك، وهناك أمور لدى وزير المالية تتعلق بتوفير السلفات والتدوير في الأوقات المناسبة وتسهيل عمليات الدفع، أيضا تم الإتفاق على عقد اجتماع بين وزراء العمل والصحة والمدير العام للضمان والمدير العام لتعاونية موظفي الدولة من أجل إعادة النظر باللائحة الدوائية الواسعة جدا، وسيتم اعتماد الأدوية الاساسية لدعمها، فبدلا من أن يدفع المواطن مبالغ كبيرة على كل الأدوية ويحصل على دعم صغير، سيتم اعادة النظر بهذه اللائحة لتلبية اكثر الأمراض المتداولة، وسيعقد لقاء قريب لبحث هذا الأمر.

والتقى الرئيس ميقاتي المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في البنك الدولي جان كريستوف كاريه، وتم خلال اللقاء عرض لمشاريع البنك الدولي في لبنان.

الشامي ينتقد الاقتصاديين الجدد

وفي سياق الوضع الاقتصادي – المالي، أوضح نائب رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي في بيان، أنه «من مفارقات الأزمة التي يمرّ بها لبنان أنها أنتجت طبقة من «الاقتصاديين الجدد» الذين هم، إمّا دخلاء على علم الإقتصاد وأما اقتصاديون تنكروا لما تعلموه لمآرب شخصية وآنية. هؤلاء ينظّرون في كل شاردة وواردة ويسرحون وَيمرحون على مسارح شاشات التلفزة ويتكلمون بثقة كبيرة وكأنهم ختموا العلم والمعرفة، ويتهجمون على الذين يعملون بصمت ويتسمون بالتواضع الذي هو من سمة الذين يحترمون الرأي الآخر، وهو دليل رقي، وليس كما يظن البعض دليل ضعف. أما تعالي البعض وعجرفتهم فهي، إما دليل جهل أو مصدر رزق. لقد أعمت المصالح الخاصة وتضاربها بصيرة بعض الذين يدعون المعرفة المطلقة بكل شيء، وانحدر مستوى تحليلاتهم إلى ما دون الصفر، إلى حدٍّ يثير الشفقة والحزن الى ما وصلوا إليه.

اضاف: هذا الجنس من «الخبراء» هم الأسوأ لأنهم ربما يدرون ماذا يفعلون». اضاف «الجميع يدركون أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإن فلسأً واحداً لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينم عن جهل متعمًد للواقع وللظروف التي نعيشها، فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان». وأضاف: «الوضع صعب وصعب جدًا وًيحتاج إلى مواجهة الواقع بشجاعة واتباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة وًمؤلمة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجد حلول بهذه البساطة التي يدعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية»؟

التيار والقوات

اما في السياسة، فقد اصدرت «الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر» بعد إجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسي بياناً قالت فيه: ترفض الهيئة رفضاً تامّاً الاجتماع اللاشرعي واللادستوري واللاميثاقي الذي عقده مجلس الوزراء، وتعتبر الاجتماع كأنه لم يكن وتدعو إلى التراجع عنه شكلًا ومضموناً، وتصحيح الخطأ بإصدار القرارات عن طريق المراسيم الجوّالة التي يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء تنفيذاً للمادة 62 من الدستور التي تنصّ على أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء والوكالة لا يمكن أن تتجزّأ بين الوزراء. وهذا ما جرى تطبيقه في خلال حكومة الرئيس تمام سلام فما الذي تغيّر لمخالفته، ومن هي الجهات التي تكون قد خالفت ما تم الاتفاق عليه بالإجماع في العام 2014 وتمّت ممارسته على مدى سنتين ونصف.

وإستغربت الهيئة «كيف أن الكلام حول رئاسة الجمهورية لا يزال محصوراً بطرح الأسماء ويغفل تماماً المشروع الذي على أساسه يجب أن يتقرّر اختيار اسم الرّئيس. ومع التّأكيد على أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية فإن الرئاسة كلٌّ لا يتجزّأ فلا يمكن فصل الرئيس عن مشروعه وعن رئيس الحكومة والوزراء الذين سيشاركون معه في الحكم.