Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر March 4, 2021
A A A
افتتاحية “اللواء”: المصارف تتنصل من رفع سعر الدولار.. والشارع يواصل الإحتجاج ويستعد للتصعيد
الكاتب: اللواء

في خطوة غير مسبوقة، فوجئ اللبنانيون ومعهم الأوساط السياسية والنيابية، ببيان يتلى حول ما دار في اجتماع الرئيس ميشال عون مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وتتساءل الأوساط، عن المآل الذي وصلت إليه الممارسات الدستورية، في هذا البلد، كلفه اتفاق الطائف، ودستوره ما لا يقل عن خمس عشرة سنة حرب، وتدمير عاصمته، وسقوط ما لا يقل عن 100 ألف ضحية، عدا عن الجرحى والمعاقين، ليصير سهل التجاوز، وتصبح المادة 53 من الدستور التي تتحدث عن صلاحيات رئيس الجمهورية، فضفاضة لدرجة استدعاء الموظفين الكبار، وإعطاء التعليمات والتوجيهات لهم، واتخاذ القرارات نيابة عن كل المؤسسات، وفي مقدمها مؤسّسة مجلس الوزراء، التي ناط بها، وفقاً للمادة 55 من الدستور، التي تنيط بمجلس الوزراء: وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية، واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.

في الممارسات الرئاسية لا مكان لمجلس الوزراء، ولا حتى رئيس مجلس الوزراء، وفي الممارسات التشريعية، يمضي التشريع، عبر اقتراح القوانين، وكأن لا حكومة، ولا مجلس وزراء، تكون مسؤولة عن إدارة الدولة، وطلب التشريعات الملائمة للاستقرار العام، وتلبية احتياجات الدولة والمجتمع، واخرها اقتراح قانون معجل من تكتل لبنان القوي، الذي يرأسه النائب جبران باسيل، ويقضي بإعطاء سلفة خزينة للمؤسسة بمليار دولار أميركي (ألف وخمسماية مليار ليرة لبنانية) لتسديد عجز شراء المحروقت، وتسديد فوائد واقساط القروض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، وذلك من حساب 2021.

وصفت مصادر سياسية البيان الصادر عن بعبدا بعد اللقاء الذي عقده بين الرئيس عون والحاكم سلامة، بانه محاولة ممجوجة لقلب الوقائع للتهرب من مسؤولية الرئاسة الاولى بالتسبب بالازمة السياسية وتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة وتحميل مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي الناجم عنها لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وقالت إن البيان المذكور لم يجسد انفصام الرئاسة الاولى عن الواقع العام في البلاد فحسب، بل يذهب ابعد من ذلك الى كون ما تضمنه من عبارات على خلفيات كيدية بمثابة مضبطة اتهام للحاكم واعتباره مسؤولا عن التدهور المالي والاقتصادي، فيما الوقائع تكشف بوضوح ان مسببات الازمة المالية والاقتصادية، تكمن في تفاعل الأزمة السياسية بسبب تشبث الرئاسة الاولى بشروط ومطالب تعجيزية.

ولذلك فالكل يعلم ان الازمة سياسية بامتياز، وتداعياتها تتسبب بالازمة المالية والاقتصادية وليس عكس ذلك، وكان الاجدى بالرئاسة الاولى الاعتراف بهذا الواقع والمباشرة بحل أزمة تشكيل الحكومة العتيدة، وليس القفز فوق كل هذه الوقائع والتنصل من مسؤولياتها ومحاولة الصاق الفشل والتعطيل المتعمد والتدهور المالي بالحاكم على خلفية تصفية الحسابات والمكايدة السياسية، لان مثل هذه الأساليب لن تؤدي الى حل الازمة وتوقف الانهيارالمتواصل، بل تزيد من استفحالها.

وإذا كان الرئيس المكلف سعد الحريري غادر عصر أمس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن النائب السابق وليد جنبلاط، لاحظ ان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب «معتكف» و«هذا مخالف للدستور فحكومة تصريف الأعمال تستطيع ان تحكم وتسير الامور».

وقال جنبلاط: سوء الأداء النقدي والإقتصادي والفساد أدى الى الانهيار الإقتصادي وسابقاً في أول شهرين من الثورة طلبت من الشيخ سعد والرئيس بري الكابيتال كونترول لكنهما رفضا ولو إعتمدنا هذه السياسة لما وصلنا الى هنا.

وأكد: أنا مع «التسوية» ولست متمسكاً بحكومة الـ18، فلم تعد هناك تفاصيل، لأن البلد ينهار والضرورة لتشكيل الحكومة، مشيراً إلى انه كان بالأمس فوضى مصغرة، عند ارتفاع سعر الدولار..

ولاحظ ان «تصرفات إيران في العراق ولبنان وسوريا، وكأن ليس هناك دولة والشرق العربي انتهى».

في هذه الاثناء، استمرت التحركات الإحتجاجية على تدهور الوضع النقدي والمعيشي وقطع الطرقات في بيروت وعدد من المناطق، وحاول الرئيس عون توضيح موقفه منها عبر البيان الذي اصدره بعد لقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امس، الذي رد بطلب بعض الوقت لإستكمال الإجراءات التي يتخذها مع المصارف والاسواق المالية.

وذكرت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية اتى في إطار عرض واقع الأمور واعادة التأكيد على مواقف سبق وأن أعلنها رئيس الجمهورية حول الأموال المنهوبة. ولفتت إلى أن النقاط التي تم التطرق إليها في البيان هي مطلب جميع  اللبنانيين معتبرة أن بعض  النقاط ستبقى عالقة لاسيما موضوع ارتفاع الدولار.

إلى ذلك فهم من المصادر نفسها أن ما من خطوات تتصل بعملية تأليف الحكومة وأي كلام عن طروحات جديدة  تم تبادلها ليس صحيحا والحركة الحكومية متوقفة عند المقاربة  المتباينة بين ئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في هذا الملف والتي لا تزال تحول دون ولادة الحكومة دون إغفال العوامل الخارجية التي تتحكم بهذه العملية وتكاد تكون الجزء الأساسي منها مشيرة إلى أن غياب المحركات المعروفة في التأليف وحتى بيانات الاستعجال من بعض الأفرقاء تستأهل التوقف عندها.

وجاء في البيان الرئاسي: تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون باهتمام بالغ ما تشهده بعض المناطق اللبنانية منذ مساء أمس من تحركات احتجاجية، على خلفية وصول سعر صرف الدولار الأميركي إلى سقف العشرة آلاف ليرة. وفي هذا الإطار، طالب الرئيس عون، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بمعرفة الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر الدولار إلى هذه المستويات لا سيما في الأيام القليلة الماضية، وإطلاع اللبنانيين، تأمينا للشفافية، على نتائج التحقيق الذي تجريه هيئة التحقيق الخاصة. كما طالبه بإحالة هذه النتائج إلى النيابة العامة ليصار إلى ملاحقة المتورطين، في حال ثبت وجود عمليات مضاربة غير مشروعة على العملة الوطنية، من جانب أفراد أو مؤسسات أو مصارف.

وسأل الرئيس حاكم مصرف لبنان عما آل إليه تنفيذ التعميم رقم 154 الصادر عنه للمصارف. وشدد على وجوب استعادة جزء من الأموال المحولة سابقا إلى الخارج من جانب كبار مساهمي المصارف وكبار مدرائها والسياسيين والعاملين في القطاع العام، ومعرفة ما هو الحجم الحقيقي للأموال التي جرى استعادتها في هذا السياق، وفقاً للبيان.

وتابع: كما سأل رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان عن مسار التدقيق الجنائي، بعدما أبلغت شركة «ألفاريز آند مرسال» وزارة المالية أنها لم تحصل بواسطتها على أجوبة شافية على الأسئلة التي سبق أن طرحتها على مصرف لبنان.

 

 

المصارف

في المقابل، ردت جمعية المصارف على اتهامها بالتسبب بارتفاع سعر صرف الدولار. وفي بيان مفصّل، نفت جملةً وتفصيلاً كل ما تمّ تداوله في الأيام الماضية عن دور للمصارف في ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء. واعتبرت إن متطّلبات السيولة المصرفية في الخارج من قبل مصرف لبنان وفق التعميم 154 تتعدّى 3,4 مليار دولار على مستوى القطاع، فهل يُعقل أن تجتذبها المصارف من السوق السوداء المحلّية التي لا يتجاوز حجمها بعض الملايين من الدولارات؟

وردت الجمعية أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى الاعتبارات الآتية:

1- الضبابيّة السياسية في البلاد في ظلّ التخبّط السياسي والتجاذبات والمناكفات في غياب أي جهد جدّي وحقيقي لتأليف الحكومة العتيدة بعد مرور 7 أشهر من استقالة الحكومة السابقة .

2- الاستيراد غير المدعوم من مصرف لبنان والذي تقدّر قيمته بما لا يقلّ عن 5 مليارات دولار سنوياً بحيث يلجأ المستوردون الى السوق السوداء لتأمين الدولارات النقدية المطلوبة.

3- شحّ الدولار في السوق المحلّية في سياق انخفاض حركة الأموال الوافدة بشكل ملحوظ، ما أدّى الى عجز في ميزان المدفوعات بمقدار 10,5 مليار دولار في العام 2020، وهو أكبر عجز عرفه لبنان.

4 – خلق النقد بالليرة اللبنانية، لا سيّما لتنقيد عجز الدولة بحيث ارتفع حجم النقد المتداول بالليرة من 9818 مليار ليرة في نهاية العام 2019 الى 29242 مليار ليرة في نهاية العام 2020.

5- التداول الناشط بصورة غير شرعية للدولار عبر المنصّات الإلكترونيّة، ما يستوجب الملاحقة القانونية لإقفال هذه المنصّات.

6 – تخزين الدولار في المنازل من قبل المواطنين في ظلّ التخوّف من الآفاق المستقبلية مع انعدام الثقة بشكل عام.

 

 

مجلس المطارنة

وجاء في بيان مجلس المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري في بكركي امس: إن الإعتراضات التي حدثت ليلة أمس والناجمة عن الإرتفاع المتمادي لسعر صرف الدولار، والتدهور المخيف لقيمة العملة اللبنانية تدل من جديد على عمق الهوة التي أوقع الشعب اللبناني فيها إقتصاديا وماليا، وعلى الفشل الذريع للسلطة السياسية في معالجة هذه الحالة وذلك بسبب تمنعها بدون وجه حق عن تشكيل حكومة «مهمة» من ذوي الإختصاصات وغير الحزبيين تكون قادرة على مواجهة الأوضاع الصعبة في البلاد المواجهة اللازمة.

واضاف: في إطار الصمود بوجه الأزمة المالية والمعيشية الخانقة، من واجب السلطة السياسية تحصين المؤسسة العسكرية التي بذلت التضحيات الجسام من دماء ضباطها ورتبائها وأفرادها في سبيل تمتين الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، ومن أجل حماية حدود الوطن وثرواته الطبيعية ومنع تسرب الإرهاب إلى أراضيه. كل ذلك يقتضي إقرار الموازنات اللازمة لتعزيز جميع عناصر الجيش اللبناني ومختلف الأجهزة الأمنية. فالمؤسسة العسكرية، التي تحظى بثقة جميع المواطنين، هي الضامنة لوجود لبنان ووحدة اللبنانيين على إختلاف إنتماءاتهم وتوجهاتهم، خارج الإصطفافات المناطقية والتجاذبات السياسية والطائفية.

 

 

حزب الله: لا مساجلة مع بكركي

ورأى نائب الأمين العام لـحزب الله​ ​الشيخ نعيم قاسم​ «إذا اتفق ​رئيس الجمهورية​ ورئيس ​الحكومة​ المكلف​ تتشكل الحكومة فورا وباعتقادنا أن المشكلة بأساسها داخلية، وأي عوامل داخلية وخارجية هي ثانوية أمام اتفاق الجانبين، والإتفاق يتطلب تنازلات وهي ممكنة ولا تمس بالجوهر».

وشدد في ​مقابلة​ على قناة «الميادين» على أن «كل مسؤول في موقعه لديه حقه الدستوري، والمطلوب تقديم تنازلات لا تخل بأي تركيبة حكومية ولا تضرب صلاحية أي جانب، وحزب الله طرح حلا فيه تنازلات متبادلة، أن يحرك الحريري مسألة عدد الوزراء في الحكومة لـ20 أو 22، وأن يقبل ​الرئيس عون​ بالتنازل عن الثلث المعطل، إن بدأت الخطوة تفتح مجالاً لحل سريع، لكن الإصرار على المواقف تعني أننا سنكون أمام طريق مسدود، ولا يبدو حل في الأفق لا داخلي ولا خارجي الا إذا اتفق الجانبان».

وعن طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أكد أن «حزب الله لا يرغب في مساجلة البطريرك الراعي في أفكار طرحها، ونحن لا نناقش التدويل من ناحية مؤامرة بل كفكرة قائمة بذاتها إن كانت خطوة صحيحة أم خاطئة، ونحن نعتبر أن فكرة التدويل خطر وتؤدي لمزيد من المشاكل الداخلية، وكطرف داخلي لا نوافق عليها».

وأعلن قاسم عن أن «لدينا معلومات أكيدة أن السفارة الأميركية تعاقدت مع وسيلتين إعلاميّتين لبنانيتين وتدفع لهما أموالاً».

وردا على اتهام البعض لحزب الله باغتيال الناشط السياسي لقمان سليم، أكد أن «هناك أجهزة معنية من أمن وقضاء تكشف الحقيقة وليس دورنا أن نكون شرطياً في أي منطقة، ونحن لا علم لنا باغتيال لقمان سليم ولا نملك معلومات عن المنفّذ وسبب الاغتيال، ونرفض أي اتّهام بالاغتيال ونطلب من الأجهزة الأمنية والقضائية اعلان نتائج التحقيق للرأي العام».

 

 

تحركات الشارع

ومع التراجع الملحوظ للتحركات في الشارع، إلى ان الاحتجاجات استمرت، مع سجال نقدي – مصرفي حول حدود المسؤولية عن الارتفاع الكارثي لسعر صرف الدولار.

ففي بيروت، أقدم مواطنون موجوعون مساء أمس، على قطع السير عند تقاطع جامع الأمين في وسط بيروت وتحويل السير الى الطرقات الفرعية، تزامناً مع قطع السير تحت جسر المطار القديم، كما شهدت الطرقات الداخلية في برج حمود والدورة زحمة سير خانقة بسبب تحويل السير اليها، بعدما قام المحتجون مجددا بإقفال اوتوستراد الدورة بالاتجاهين.

والمشهد يتماهى مع أوتوستراد الزوق الذي أغلق مسلكاه الشرقي والغربي، بالمكعبات الإسمنتية ومستوعبات النفايات، ما تسبب بزحمة سير خانقة واحتكاك مع عناصر الجيش الذين يفاوضون لفتح مسلك لجهة اليمنى تأمينا لمرور السيارات.

وفي الشمال، قام عدد من الناشطين بجولات على محال الصيرفة في منطقة التل – طرابلس، منفذين وقفات احتجاجية أمام محالهم، ومعتبرين أنهم «يتآمرون على العملة الوطنية»، وطالبوهم بإقفال محالهم فورا.

في حين، عمد عدد من الناشطين أيضاً إلى قطع الطريق الرئيسي أمام سرايا طرابلس بالاتجاهين، بالاطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات والحجارة، احتجاجا على تفلت سعر صرف الدولار وتردي الوضع المعيشي، كما قطع آخرون طريق الريفا بمحلة القبة بالاطارات المشتعلة، ورددوا هتافات تطالب بمحاسبة الفاسدين والمتورطين بارتفاع سعر صرف الدولار.

وفي الجنوب، استمر الاحتجاج على تردي الأوضاع، فقطع الناشطون الطريق عند جل البحر، وكذلك اوتوستراد عدلون باتجاه صيدا عند محلة أبو الأسود بالاطارات المشتعلة.

 

 

صحياً، سجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي 3463 إصابة بفايروس كورونا و61 حالة وفاة في الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 383482 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.