Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر May 21, 2023
A A A
افتتاحية “الديار”: تحرك سعودي لتسريع انتخاب الرئيس… وبري يدعو للاستثمار على نتائج القمة العربية
الكاتب: الديار

ماذا بعد القمة العربية وانعكاساتها على لبنان؟ وكيف ستترجم المنظومة العربية دعوتها الجهات اللبنانية المعنية للاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية؟

صحيح ان بيان جدة افرد للبنان بندا خاصا في القرارات الي انتهت اليها القمة، الا ان حضور لبنان كان باهتا بسبب ما يتخبط فيه من انقسامات وازمات وخلافات داخلية تكاد تكون مستعصية.

ولعل ما يبعث على شيء من الامل، هو ان قمة جدة شهدت تحولا مهما في ظل سياسة الانفتاح التي اعادت العرب الى سوريا، فكانت مشاركة الرئيس بشار الاسد فيها احد ابرز عناوينها شكلا ومضمونا.

ومما لا شك فيه، ان الحفاوة العربية بهذا الحضور والترحيب الخاص بالرئيس السوري من ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، يترك انطباعا واضحا بان المرحلة الجديدة من العلاقات بين دمشق والدول العربية، وفي مقدمها السعودية، سيكون لها تاثير ونتائج في المرحلة المقبلة على المنطقة، وستشمل بشكل او بآخر لبنان.

بري لزواره: للاستثمار على نتائج قمة جدة
وبانتظار ما ستحمله الايام المقبلة من معطيات ومستجدات، خصوصا على صعيد الاستحقاق الرئاسي، نقل زوار عين التينة عن الرئيس نبيه بري ارتياحه لنتائج القمة العربية في جدة وما صدر عنها بشأن لبنان. ووصف اجواءها ومقرراتها بانها تبعث على الارتياح لما يمكن ان تنعكس ايجابا على لبنان، لكنه اضاف «علينا ان ننتظر لنرى كيف سنستثمر على ايجابيات هذه القمة، والمهم في هذا الشأن الا يستمر التمترس وراء المواقف المتصلبة وانكار الواقع، لان مثل هذا الامر لن يؤدي الى نتيجة وسيساهم في زيادة الوضع سوءا»، مكررا الدعوة لتغليب الحوار والتفاهم للاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية.

ميقاتي: اي اتفاق بالمنطقة ينعكس على لبنان
وفي حديث لقناتي «العربية» و»الحدث» قبل مغادرته جدة امس اشاد الرئيس نجيب ميقاتي بالقمة العربية، مشيرا الى انها تعكس تصفير الازمات في الشرق الاوسط.

وقال ان اي اتفاق سياسي في المنطقة سينعكس على لبنان بالضرورة، فهو جزء منها.

وشدد على الحوار بين اللبنانيين لاختيار رئيس للجمهورية، داعيا الاشقاء العرب الى مساعدة لبنان في اقامة حوار داخلي.

استئناف تحرك البخاري
وفي هذا الصدد، علمت «الديار» من مصادر مطلعة، ان السفير السعودي وليد البخاري سيستأنف تحركه الذي كان بدأه قبل القمة من اجل الدفع باتجاه حث الاطراف اللبنانية على الاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية.

واضافت المعلومات ان البخاري الذي تحول مقر اقامته في الايام الماضية الى محور لقاءات واتصالات، سيجري مزيدا من هذه اللقاءات انطلاقا من العنوان الاساسي الذي صدر عن القمة بخصوص لبنان، وهو دعوة اللبنانيين لحسم امورهم وانتخاب الرئيس باسرع وقت.

واضافت المصادر انه من غير الممكن معرفة تفاصيل ما سيحصل في الايام المقبلة، لكنها لفتت الى ان هناك اعتقادا بان السعودية التي باتت ترأس القمة العربية ستضاعف حضورها وتعاطيها المباشر مع الوضع اللبناني، وستكون معنية اكثر في العمل لترجمة مقررات قمة جدة خاصة بشان الضغط لانتخاب رئيس للجمهورية، ودعا الاطراف اللبنانية لمقاربة هذا الاستحقاق بايجابية.

مهلة ١٥ حزيران سارية المفعول؟
وفي السياق نفسه، قال مصدر نيابي مطلع لـ«الديار» امس ان مهلة الحث التي اعلنها الرئيس بري لانتخاب ألرئيس قبل ١٥ حزيران المقبل لا تزال تفرض نفسها رغم عدم حصول تطورات ايجابية داخلية على هذا الصعيد .

واضاف ان هناك عناصر عديدة تستدعي التجاوب مع دعوة بري، منها محاذير اطالة فترة الفراغ الرئاسي بشكل عام، وكذلك الوضع المستجد في ما يتعلق بحاكمية مصرف لبنان وتداعياته وموعد انتهاء ولاية الحاكم في اول تموز المقبل، اضافة الى الصدمة السلبية التي ستتفاقم اذا لم ننتخب رئيسا للبلاد في الفترة القصيرة المقبلة.

الثنائي الشيعي: لعدم اهدار الوقت
واكد مصدر بارز في الثنائي الشيعي امس لـ «الديار» ان الثنائي جاد في الدعوة الى الحوار والتفاهم لانتخاب الرئيس، لافتا الى انه لم يعد مقبولا ان يبقى البعض يمارس سياسة اهدار الوقت في ظل تسارع التطورات.

واضاف ان امام لبنان فرصة جيدة ومهمة، وعلينا الافادة من اجواء الانفراجات في المنطقة، مؤكدا ان دعم ترشيح سليمان فرنجيه لا ينطلق من منطلق التحدي او فرض اسم الرئيس، وانما نراه مرشحا تفاهميا، وقد عبر عن ذلك بكل وضوح في اطلالته التلفزيونية الاخيرة.

ورأى المصدر ان الاطراف الاخرى تكتفي بالمعارضة ولم تطرح حتى الان مرشحها، ولم تتجاوب مع الدعوات الى الحوار او التفاهم وتمارس سياسة الانكار والسلبية حتى الان.

مفاوضات المعارضة: الى نقطة الصفر
وفي المقلب الاخر، اكدت مصادر موثوق بها لـ« الديار» ان المفاوضات الاخيرة بين اطراف المعارضين لفرنجيه لم تسفر عن اي نتيجة، وان التقدم الذي قيل انه حصل باتجاه تسمية الوزير السابق جهاد ازعور كمرشح منافس لفرنجيه قد تلاشى وعادت الامور الى نقطة الصفر، بسبب الخلاف الذي ظهر في الربع الاخير من الاتصالات والمفاوضات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.

وقالت المصادر ان هناك خلافا جوهريا برز بين الطرفين، وهو يتمثل في ان القوات اللبنانية تريد ان يكون ازعور مرشح مواجهة في وجه فرنجيه، بينما لا يرغب التيار في سلوك هذا النهج، خصوصا بعد ان لمس وتاكد ان الثنائي يعارض ازعور او الانتقال الى ما يسمى الخطة ب.

الان عون لـ «الديار»: صفحة ازعور طويت
وهذه الاجواء اكدها النائب في التيار الوطني الحر الان عون لـ «الديار»، الذي قال ردا على سؤال حول مصير الاتصالات والمفاوضات مع القوات اللبنانية: «لم تصل الاتصالات الى اي مكان. لقد طويت صفحة الوزير السابق جهاد ازعور لعدم التوصل الى اتفاق عليه، ولعدم رغبته شخصيا في ان يكون مرشحا للمواجهة. واستطيع القول اننا عدنا الى المربع الاول».

هل يعني ذلك ان الاتصالات توقفت او ستأخذ شكلا اخر؟
اجاب عون: «ان ما جرى برأيي الشخصي هو دليل اضافي ان الكلام الذي يقتصر فقط على الاسم لن يكفي لتحقيق اي خرق، وان الكلام الوحيد المفيد هو في ما يريده كل فريق من المرحلة المقبلة وفي الهواجس التي يجب ان يتحاور عليها هذا الفريق مع الفريق الاخر لايجاد حسابات وتطمينات عليها. وما دام هذا الحوار لم يحصل بين الاضداد سيكون من المستحيل الاتفاق على اسم بين الفريقين لان المآخذ على الاسماء ستبقى قائمة، ولكن اذا ما وصلنا الى ايجابيات في شان الهواجس فان الموقف سيلين على صعيد الاتفاق على الاسماء.

وحول نتائج القمة العربية وانعكاسها على لبنان قال عون : لا شك ان القمة هذه هي قمة مهمة وبارزة، وهي خارجة عن الرتابة بحكم التحولات التي تحصل في المنطقة، وفي ظل رعاية المملكة العربية السعودية التي دفعت وفتحت الابواب لمرحلة جديدة تسعى من خلالها الى الاستقرار في المنطقة وعدم تركها ساحة حروب للاخرين. وقد مهدت لذلك اولا من خلال اتفاقها مع ايران ومن ثم المصالحة مع الرئيس بشار الاسد وعودة سوريا الى الجامعة العربية ووضع نمط جديد من المصالحات وتصفير المشاكل في المنطقة».

مصدر قواتي: المسؤولية على الوطني الحر
وقال مصدر نيابي في القوات اللبنانية ان مسؤولية عدم التوصل الى مرشح موحد للمعارضة مع التيار الوطني الحر تقع على التيار الذي ما زال يناور، ولم يخرج من دائرة التسويف واستهلاك الوقت.

واشار الى انه بعد موافقة القوات على اسم جهاد ازعور ليكون منافسا لمرشح الثنائي الشيعي، تراجع رئيس التيار جبران باسيل عن هذا الطرح الذي كان طرحه سابقا متذرعا باعذار وحجج واهية وغير موضوعية.

تحرك بو صعب
وفي ظل هذا المشهد الخلافي والمتأزم، استانف نائب رئيس المجلس الياس بوصعب امس تحركه، فزار معراب امس والتقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في حضور النائب ملحم رياشي.

وحرص بعد اللقاء على القول ان الايجابية موجودة، داعيا لفتح الابواب للتكلم مع بعضنا بعضا. واوضح ان تحركه يندرج في اطار رسم خريطة طريق للحوار.

وقالت مصادر مطلعة ان تحرك بوصعب لا يرتبط بما يجري من اتصالات بين اطراف المعارضين لفرنجيه، بل انه يهدف الى فتح الحوار بين سائر الاطراف لمقاربة الاستحقاق الرئاسي بايجابية. لكنها اشارت الى ان مسعاه ما زال يدور في حلقة مفرغة بسبب تباعد المواقف بين الافرقاء السياسيين.

حزب الله: لانتخاب الرئيس بعيدا عن الرهانات الخاطئة
وفي كلمة له بمؤتمر طبي في بنت جبيل قال النائب في حزب الله حسن فضل الله « اننا معنيون في لبنان ان نستثمر في المناخات الجديدة الناشئة عن المصالحات والتوافقات وحل النزاعات في المنطقة، وهو ما رأيناه في الاشهر القليلة الماضية وما رأينا بعض جوانبه في القمة العربية».

ورأى « ان الخطوة الاولى هي تفاهمنا الداخلي، وان نذهب الى انتخاب رئيس للجمهورية وفق القواعد الدستورية وبعيدا عن اي رهانات خاطئة لان البعض لم يتعلم منها بعد ويصر على المكابرة وانكار الوقائع والواقع والبناء على الاوهام».

هاشم: للبناء على القمة
ورأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم ان الاجواء الايجابية التي احاطت بالقمة العربية « محطة يمكن البناء عليها، وما على اللبنانيين الا الاستثمار على المناخ الايجابي الذي واكب مسار القمة، والابتعاد عن الرهانات الخاطئة والتفتيش عن المصلحة الوطنية الجامعة واخراج لبنان من دائرة المراوحة، وبالتالي التفاهم على انهاء حالة الشغور الرئاسي».

سيناريوهات حول حاكم مصرف لبنان
وعلى صعيد اخر، تطرح التطورات الناجمة عن مذكرة التوقيف الصادرة عن القضاء الفرنسي ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، اسئلة عديدة ليس حول مصير الحاكمية فحسب بل ايضا حول مسار عمل المصرف والوضع المالي المتأزم اصلا، اضافة الى المضاعفات الناجمة عن هذا الامر.

وبعد تبلغ لبنان عبر الانتربول المذكرة الفرنسية وتسلم وزارة الداخلية البلاغ واحالته الى النيابة العامة التمييزية، ينتظر ان يكون هذا الموضوع من بين المواضيع الذي سيتناولها اللقاء التشاوري الوزاري المتوقع ان يرأسه الرئيس ميقاتي غدا قبل جلسة مجلس الوزراء المنتظرة في نهاية الاسبوع المقبل.

وقالت مصادر مطلعة امس لـ «الديار» ان الاجواء تؤشر الى تباين في الرأي داخل الحكومة حول هذه القضية وكيفية التعاطي معها، لافتة الى انه لم يعرف ما اذا كان وزراء التيار الوطني الحر سيحضرون الجلسة للضغط للتجاوب مع المذكرة الفرنسية.

وتضيف ان الاتجاه الغالب حتى الان هو ترك الامور لتعاطي القضاء مع هذه المذكرة وفق الاصول القضائية والقانونية، وعدم اخضاع الموضوع للحسابات او المعايير السياسية.

ووفقا للمعلومات، فان المدعي العام التمييزي غسان عويدات بعد تبلغ المذكرة رسميا سيستدعي سلامة في اطار درس واحاطة الموضوع وفق الاصول.

وتتابع المصادر ان عويدات لا يتخذ قرارا في هذا الصدد، وسيحيل الملف بعد درسه الى وزير العدل، وربما الى النيابة العامة المالية.

ومن المستبعد اتخاذ اي قرار ضد سلامة قبل سلوك هذه الالية التي ستاخذ وقتها، وربما تمتد الى ما بعد نهاية ولاية سلامة في اول تموز، وبالتالي فان السؤال يبقى في الاساس مطروحا حول ما اذا كانت الحكومة ستتجه الى تعيين بديل عنه قبل تموز ام لا.

ووفقا للاجواء السائدة، فان هذا الامر مستبعد في ظل معارضة سلوك مثل هذا المسار في غياب وجود رئيس للجمهورية، كما عبر الرئيس بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

والسؤال المطروح ايضا ماذا سيحصل اذا ما بقي الفراغ الرئاسي ما بعد انتهاء ولاية سلامة؟

يقول مصدر مطلع «الديار» صحيح ان التمديد له غير وارد، لكن تعيين البديل مستبعد قبل انتخاب رئيس الجمهورية.

وحتى الامس لم يصدر عن الرئيس بري اي موقف جديد بعد ان كان ابدى عدم الرغبة في ان يتسلم المسؤولية النائب الاول للحاكم وسيم منصوري. لكن المصدر قال انه لا يوجد حل اخر، وان الشغور في مركز حاكم مصرف لبنان يكاد يكون اصعب من الشغور في رئاسة الجمهورية، لان الدستور واضح لجهة حلول مجلس الوزراء مجتمعا محله، اما في حال شغور مركز الحاكمية فانه اذا امتنع او تعذر تسلم نائب الحاكم المسؤولية فان الوضع يصبح معقدا جدا.

ورأى ان فكرة تعيين حارس قضائي لادارة المصرف المركزي هي مزحة وهرطقة، لان الحارس القضائي لا صلاحية له بادارة المجلس المركزي او القيام باي مسؤولية من مهام الحاكم ومسؤولياته.

اما فكرة استمرارية ادارة المرفق العام فدونها صعوبات، خصوصا بعد المذكرة القضائية الفرنسية ضد سلامة.

ويخلص المصدر الى القول: لا سبيل للحل الا بانتخاب رئيس الجمهورية قبل اول تموز اي قبل نهاية ولاية سلامة، وفي حال لم ينتخب الرئيس قبل هذا الموعد فان الخيار الوحيد هو في تسلم النائب الاول للحاكم المسؤولية الى حين تعيين حاكم جديد.