Beirut weather 35.21 ° C
تاريخ النشر January 14, 2023
A A A
افتتاحية “الديار”: الخلاف الداخلي ولا مبالاة الخارج… يُؤجلان انتخابات الرئاسة الى أبعد من الربيع وربما الصيف
الكاتب: الديار

بين مواصلة الدولار في السوق السوداء الارتفاع وازدياد السرقات في كل المناطق اللبنانية الى جانب توسع تداعيات ازمة النازحين السوريين على الاقتصاد اللبناني الذي يشهد انهيارا متسارعا فضلا عن الاجواء المشحونة حول انعقاد جلسة حكومية لبند الكهرباء، لا يأخذ المسؤولون اللبنانيون اي مبادرة لتحسين الوضع او التخفيف من وطأة الازمة على المواطنين كما لا يقدم المسؤولون على اي تنازل في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية لاعادة انتاج سلطة تواجه المخاض الخطير الذي يعصف بالدولة اللبنانية وشعبها.

ويترائ للناس ان هناك مخططا بانهاك لبنان عن سابق تصور وتصميم وايصاله الى الحضيض لاهداف سياسية اذ ان ما يحصل من غير المعقول ان يكون مصادفة او ازمات عفوية بل في الحقيقة يتبين ان هناك ازمات مفتعلة يوما بعد يوم لضرب لبنان بشكل قاس جدا.

وعليه، اعتبرت مصادر سياسية للديار ان فترة الشغور الرئاسي ستطول ولن تكون في فصل الربيع كما قيل سابقا بل من المحتمل ان تلامس فترة الصيف المقبل وذلك نتيجة الوضع الداخلي في لبنان الذي لا يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية حاليا بسبب الخلافات السياسية ومواقف قادة الاحزاب والكتل النيابية. وهناك سبب اخر لهذا الشغور وهو انه طالما الوزير سليمان فرنجية مرشح فان حزب الله لن يسحب دعمه له وكذلك الرئيس نبيه بري. واذا افترضنا ان التيار الوطني الحر التقى مع المعارضة على مرشح لرئيس للجمهورية فلا يمكنهم انتخابه لانه سيكون رئيسا غير ميثاقي بغياب اي نائب شيعي حتى ولو استطاع تأمين اصوات النصف زائد ببضعة اصوات. اما السبب الثالث الرئيسي لتأخير انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان فهو انه ليس هنالك من اتفاق دولي يحصل على غرار ما حصل في الطائف او كما حصل مع العماد عون عندما انسحب الجميع له. والسبب الخارجي الاهم ان واشنطن غير مهتمة حاليا بالاستحقاق الرئاسي اللبناني ولا اوروبا ولا السعودية ودول الخليج ولا ايران حيث ان الاخيرة تترك هذا القرار لحزب الله. وبالتالي في غياب تركيبة دولية اقليمية تؤدي الى تامين الغطاء والضغط ، لن يتم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. وقصارى القول ان السعودية غير مهتمة بالشان اللبناني حتى الان اما فرنسا فهي غير مستعدة لحرق اصابعها في لبنان على غرار ما حصل عند تشكيل حكومة مهمة يوم تم تكليف السفير مصطفى اديب وما نتج عنها من فشل المبادرة الفرنسية. وعليه، ان تجربة تحرك دولي لانتخاب رئيس جمهورية لن تتم حاليا على مدى اشهر عدة.

وتقول هذه المصادر انه لا يوجد بصيص امل في الملف الرئاسي بل كلام بكلام ولا شيء ملموسا على ارض الواقع. ذلك ان الحديث عن اجتماع مرتقب سينعقد في فرنسا يجمع الاميركيين والسعوديين للبت بالمف الرئاسي اللبناني لم يترجم فعليا ولم يحصل حتى هذا التاريخ بل بقي كلاما اعلاميا لا اكثر. والحال ان الحركة الدولية اقتصرت على دعوة فرنسا واميركا والسعودية المسؤولين اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي لا حركة ديبلوماسية دولية فعلية في هذا النطاق.

هذا المشهد الدولي يلفت الى ان المجتمع الدولي لا يزال في سياق «حث» القوى السياسية على انتخاب رئيس ولكن دون ادوات ضغط على هذه القوى. وهنا، تجدر الاشارة الى ان الاوروبيين حاولوا سابقا التلويح بفرض عقوبات من اجل تشكيل حكومة ولكن لم ينفذوا اقوالهم في هذا المجال.

 

الدولار الى اين؟

وتقول المعلومات ان الدولار سيرتفع الى ستة ارقام اي الى اكثر من 100 الف ليرة لبنانية للدولار الواحد وحتى لن يقف عند هذا الحد بل سيواصل ارتفاعه. اما قضية تحديد سعر رسمي للدولار كما قيل انه سيحصل في بداية شباط ، تقول المعلومات ان هذا الامر لن يحصل على الارجح لان حاكم المصرف المركزي لن يقرر لوحده هذا الموضوع في ظل ارتفاع سعر الدولار بشكل جنوني. من هنا، سيكون هذا الموضوع على طاولة حكومة تصريف الاعمال التي لن تتحمل المسؤولية في تحديد سعر صرف الدولار وسوف ترسل هذا الموضوع الى المجلس النيابي ليتخذ الاخير القرار في هذا الشان. ولذلك فان لبنان سيدخل مرحلة خطيرة من ازمة معيشية للناس رغم ان عائلات لبنانية تتلقى عملات اجنبية من اقاربها واولادها ولكن يبقى مليون عائلة ونصف المليون دون دعم خارجي من العملة الاجنبية. اذا لبنان امام ازمة معيشية ستجتاح المليون عائلة ونصف المليون وسوف ينزلون الى الشارع ما سيؤدي الى فوضى امنية كبيرة. في الوقت ذاته، يقول احد كبار المسؤولين ان الشعب اللبناني لا يثور ولن يثور بل تبقى الامور تحت السيطرة رغم الاعتراف بان مظاهرات ستحصل وسيتم قطع بعض الطرقات انما تبقى الامور ضمن حدود مقبولة. وهذا الامر قد يدعو الى التسريع بانتخاب رئيس للجمهورية فقط اذا حصل انفلات امني كبير واهتز الاستقرار في لبنان بشكل عنيف وعندها يصبح الملف اللبناني عند واشنطن وباريس والرياض على طاولتهم في مرتبة اولى.

 

العماد جوزاف عون والوزير سليمان فرنجيه

الى ذلك، من عوامل عدم حصول انتخابات رئاسية ان حزب الله والرئيس نبيه بري لن يتخلوا عن تأييد الوزير فرنجيه الا في حال انسحب الاخير. وطالما ان فرنجيه مرشح لرئاسة الجمهورية سيبقى الثنائي الشيعي يؤيده وقسم من نواب السنة وكتلة الوزير السابق وليد جنبلاط الا اذا كانت السعودية ستقرر دعم العماد جوزاف عون وعندها سيكون هناك خيار واحد امام جنبلاط وهو تأييد العماد جوزاف عون.

 

ازمة الكهرباء وتأمين النصاب في جلسة الحكومة

على الصعيد الحكومي، علمت الديار ان الاوضاع مقبلة على اشكال كبير وتحديدا بين حزب الله والتيار الوطني الحر في ظل رفض مطلق من النائب جبران باسيل بعقد جلسة حكومية حتى لو كانت لبند وحيد وضروري فيما حزب الله ابلغ رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي انه سيحضر الجلسة اذا اقتصر جدول الاعمال على سلفة الكهرباء. من جهة اخرى، سيقاطع وزراء التيار الوطني الحر جلسة مجلس الوزراء التي سيدعو اليها الرئيس ميقاتي الاثنين او الثلثاء في حين ان حزب الله سيحضر الجلسة لتأمين النصاب والبحث في حل مشكلة الكهرباء بشكل نهائي.

في المقابل، لا يزال الوزير جبران باسيل على موقفه ان حكومة تصريف اعمال لا يمكنها ان تجتمع في ظل الشغور الرئاسي مع العلم ان وزير الطاقة وليد فياض سيغيب عن الجلسة. ويشار الى ان ردة فعل باسيل على مشاركة حزب الله في الجلسة الحكومية المرتقبة هو خارج الاتفاق بين المقاومة والوطني الحر حيث يقول باسيل انه عقد اتفاقا مع حزب الله على الحضور سويا والغياب سويا. اما حزب الله فيعتبر ان ازمة الكهرباء يجب معالجتها لانها تمس بحياة المواطنين فضلا انها تؤدي الى عدم وصول المياه الى بيوتهم لان محطات الضخ تعمل على الطاقة الكهربائية. ويعتبر باسيل انه وراء الكواليس فان المعركة الحقيقة التي تحصل يقودها الرئيس نبيه بري ضده واضعا ميقاتي في مواجهة الوطني الحر

وفي النطاق ذاته، يطرح باسيل البديل في كيفية اقرار سلفة الكهرباء عبر توقيع 24 وزيرا ورئيس الحكومة على المراسيم الجوالة بما ان هناك شغورا رئاسيا. وبالتالي يعتبر باسيل ان حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها ان تأخذ دور رئيس الجمهورية.

اما الواقع الشعبي اللبناني فهو مع استيلام الفيول من اربع بواخر وضخ الكهرباء لعشر ساعات في اليوم الواحد. ولذلك موقف باسيل ضعيف امام تعطيل الحكومة لان الامر شعبي جدا والكهرباء مطلوبة لانها امر حيوي لكل بيت لبناني.

اما القوات اللبنانية فموقفها يتمايز بعض الشيء عن موقف الوطني الحر حيث ان الاخير يرفض اي اجتماع للحكومة بتاتا وعليه ستنظر القوات في الامر اذا كان جدول اعمال الحكومة ببند او بندين كحد اقصى وتبني على الشيء مقتضاه.

 

حزب الله امن الغطاء لجلسة حكومية برئاسة ميقاتي وهذا ما يرفضه باسيل

لا شك انه في المرة الماضية ، كانت الدعوة لجلسة حكومية مفاجأة اذا جاز التعبير وعليه شارك وزراء حزب الله فيها دون تشاور ما ادى الى ازمة كبيرة مع الوطني الحر انما هذه المرة الحزب على دراية باجتماع الحكومة مسبقا وقيام رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بالدعوة للجلسة فهذا الامر يؤكد ان ميقاتي نسق مع الثنائي الشيعي من اجل انعقاد جلسة للحكومة. هذا يعني ان حزب الله يريد توجيه رسالة لباسيل مفادها انه سيواصل الضغط عليه طالما ان الاخير يريد الابقاء على خلافه الرئاسي مع الحزب بما انه لا يريد تبني ترشيح سليمان فرنجيه رئيسا للجمهورية.اضف على ذلك، يريد حزب الله القول للنائب جبران باسيل انه سيذهب الى المزيد من الانفصال سياسيا وايضا ان التعامل مع باسيل يختلف عن التعامل مع الرئيس السابق العماد ميشال عون فضلا انه مع نهاية ولاية عون دخل حزب الله مرحلة جديدة على الصعيد السياسي. وفي هذا السياق، لفتت اوساط سياسية ان حزب الله وضع اولوية له وهي نسج علاقة جيدة مع البيئة السنية عبر الرئيس ميقاتي الى جانب ان الحزب ليس بوارد وضع الملف الرئاسي ولا الموضوع الحكومي بيد رئيس التيار الوطني الحر معتبرا الحزب انه اعطى باسيل بما فيه الكفاية ولا يمكنه اعطاء المزيد. وهنا يضع حزب الله النائب جبران باسيل امام خيارين: اما الانتظام والامتثال عبر تبني مرشح حزب الله. اما يتحمل باسيل مسؤولية خياراته السياسية.

 

هل يصعد باسيل سياسيا؟

في المقابل، هل يكون رد باسيل بتسمية مرشح في الجلسة المقبلة لمجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية والتخلي عن خيار الورقة البيضاء؟ هنا، تتضارب المعلومات حيث البعض يقول انه ليس بالضرورة ان يلجأ باسيل الى هذا الخيار وفقا لاوساط سياسية في حين ترى مصادر مطلعة للديار ان باسيل سيسمي مرشحه الرئاسي في الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية.

اما اسم جورج خوري فيجري تداوله كمرشح لرئاسة الجمهورية بما انه شخصية مقربة من كل الاقطاب ويذكر ان بكركي كانت اول من طرحه.

 

هل لبنان على مسافة قصيرة من انفجار اجتماعي؟

الى ذلك، هناك عداد يومي لارتفاع الاسعار في قطاع المحروقات حيث وصلت صفيحة البنزين الى حدود المليون ليرة لبنانية وهذا الامر ينسحب ايضا على صفيحة المازوت. ووصلت قارورة الغاز الى 550 الف ليرة لبنانية والارتفاع يومي بالاضافة الى الادوية وتحديدا حليب الاطفال والادوية السرطانية التي ارتفعت اسعارها مئة بالمئة. اضف على ذلك، القطاع التربوي يتدهور بشكل سريع وسط الاضرابات التي تشمل المتعاقدين والمعلمين الرسميين فضلا عن مشاكل النزوح السوري والحديث عن ازمة خبز جديدة تلوح في الافق وغلاء النقل المشترك وبالتالي كل قطاعات الدولة متوقفة مع غياب الموظفين عن اعمالهم وعليه تمر الدولة باسوأ مرحلة وهذا ما سيؤدي الى انفجار اجتماعي حتمي.

 

ما هدف زيارة وزير الخارجية الايراني للبنان؟

في غضون ذلك، طرحت زيارة وزير الخارجية الايراني تساؤلات عدة حيث فسرها البعض ان هذه الزيارة هدفها البحث في الملف الرئاسي ولكن هذا الامر غير صحيح خاصة ان بعد كلام السيد حسن نصرالله الذي يركز في كل خطاباته على ان الملف الرئاسي ليس في ايران او في دمشق بل عند اللبنانيين.وهذا الامر قاله السيد نصرالله في خطابه الاخير. وعليه ترى مصادر وزارية ان زيارة وزير الخارجية الايرانية للبنان تاتي للتأكيد على المعادلة التي ارساها حزب الله في الملف الرئاسي وايضا ليجدد الوزير الايراني دعم لبنان عبر تقديم المساعدات للدولة اللبنانية حيث ان الهبة الايرانية في الفيول ما زالت قائمة والتي رفضتها الولايات المتحدة الاميركية ووافق لبنان عليها رغم انها هبة ولا تخضع لشروط العقوبات المفروضة على الجمهورية الاسلامية الايرانية.