Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر January 5, 2024
A A A
افتتاحية “الجمهورية”: لبنان لرفع الصوت أممياً .. و”الخماسية” تعود الى المواصفات
الكاتب: الجمهورية

غداة توعّد الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله اسرائيل برد على اغتيالها القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، تركّزت الانظار على الجبهة الجنوبية التي تتصاعد فيها المواجهات اليومية بين رجال المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي، فيما نشطت الاتصالات الديبلوماسية المحلية والاقليمية والدولية في كل الاتجاهات لمنع تحوّل هذه المواجهات الى حرب تتجاوز لبنان وغزة الى المنطقة.

فيما وصل الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، أمس، الى اسرائيل على ان يزور لبنان لاحقاً، يزور الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزف بوريل بيروت اليوم ويلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أن يلتقي لاحقاً وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ويلي اللقاء مؤتمر صحافي مشترك. وبحسب معلومات «الجمهورية» سيبحث الرجل في مواضيع المنطقة المتوترة من غزة الى غيرها والوضع في الجنوب، وقد يتطرق إلى ملف النازحين السوريين في حال أثاره المسؤولون اللبنانيون معه.

زيارة لودريان

في غضون ذلك، قالت مصادر فرنسية لـ«الجمهورية» انّ زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لوريان لبيروت قد تتأخر قليلاً ولن تتم الاسبوع المقبل او الذي يليه كما تردد، وذلك بسبب التطورات الاقليمية والدولية المتفجرة المتسارعة والتي تفرض اعادة جدولة مواعيد المسؤولين. ورجّحت هذه المصادر ان تتم هذه الزيارة قبل نهاية هذا الشهر لكن لا موعد محدداً لها بعد، وهذا لا يعني تراجع الاهتمام الفرنسي بلبنان، بل انّ الزخم نفسه ما زال قائماً لمعالجة ملف الشغور الرئاسي.

وأشارت المصادر الى انّ الاهتمام الفرنسي بلبنان ظهر خلال زيارة وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لو كورني للبنان مطلع السنة الجديدة وجَولته على المسؤولين وقائد الجيش العماد جوزف عون، وتجلّى أكثر بالدعم الطبي للجيش الذي رافَق زيارته. واكدت انّ التركيز الفرنسي على دعم الجيش سيزداد في الفترات المقبلة خصوصاً بعد ان تم تمديد ولاية قائده.

وأوضحت المصادر ان «لا شيء جديداً طرأ على المشهد الرئاسي وقد تتبلور الامور اكثر خلال الاسبوع المقبل او التالي». لكنها اشارت الى «انّ التنسيق والتفاهم بين فرنسا وأعضاء المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية قائم ومستمر حول الملف اللبناني خلافاً للكلام عن خلافات وتباينات».

وفي السياق، اكد السفير الفرنسي في بيروت هيرفيه ماغرو خلال زيارة مقر الرابطة المارونية امس «أنّ جهد بلاده منصَبّ لضمان عدم جَر لبنان إلى التصعيد الجاري في الإقليم»، معلناً أن لودريان «سيكون قريباً في بيروت لمتابعة مهمة اللجنة الخماسية في السعي لإيجاد حل لأزمة الشغور الرئاسي».

هوكشتاين

وبالتوازي، وصل المبعوث الاميركي اموس هوكشتاين الى تل ابيب أمس، موفداً للرئيس جو بايدن، لمنع توسّع رقعة حربها على غزة، نحو الاقليم، وتحديداً نحو لبنان، الذي سيزوره بعد إسرائيل. وقد التقى هوكشتاين وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي استقبله قائلاً: «نفضّل حل النزاع مع «حزب الله» سياسياً لكن الوقت ينفد، وملتزمون بإعادة السكان للشمال بعد تغيير الوضع الأمني». فيما ذكر موقع «أكسيوس» أنّ غالانت أكد لهوكشتاين «أنّ فرص تخفيف التوتر مع لبنان ديبلوماسياً ضئيلة».

والتقى هوكشتاين ايضاً عضو مجلس الحرب الاسرائيلي بيني غانتس، الذي اكد له خلال اللقاء أنّ «مسؤولية إسرائيل هي تمكين سكان الشمال من العودة إلى منازلهم». وشدد على «أننا مستعدون للعمل مع واشنطن للتوصل إلى حل وإذا لم ننجح سيعمل جيشنا على إزالة التهديد».

واوضحت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ مهمة هوكشتاين مختلفة عن مهمة لودريان، لجهة انها تتعلق بالوضع الاقليمي اكثر من الوضع الداخلي اللبناني وملف الرئاسة، وانّ مسعاه يتعلق بموضوع تهدئة الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة اكثر من الاهتمام بموضوع الرئاسة المتروك للجنة الخماسية التي تضم أيضاً ممثلاً عن الادارة الاميركية.

في هذه الاثناء أعلنت وزارة الخارجية الأميركية امس أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيرته الفرنسية كاترين كولونا اتفقا على السعي إلى اتخاذ خطوات لتجنيب توسّع الحرب في الشرق الأوسط، بعد ضربات في لبنان وإيران.

وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إنّ بلينكن وكولونا بحثا عبر الهاتف الأربعاء في «أهمية التدابير لمنع توسّع النزاع في غزة، بما في ذلك خطوات إيجابية لتهدئة التوترات في الضفة الغربية وتجنّب التصعيد في لبنان وإيران».

وقالت مصادر ديبلوماسية اوروبية لـ«الجمهورية» انّ كولونا اكدت لميقاتي في الاتصال الذي أجرته معه أمس الأول تفاهم الفرنسيين والأميركيين على توحيد جهودهم، لضبط الوضع في المنطقة ولبنان ومنع تمدّد الحرب او تطورها بطريقة تهدد المصالح اللبنانية وأمن المنطقة.

وذكّرت المصادر بدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المسؤولين الاسرائيليين مساء الثلاثاء إثر اغتيال العاروري إلى «تجنّب أي سلوك تصعيدي وبخاصة في لبنان».

جولة بلينكن

ولاحقاً، أعلنت الخارجية الأميركية أن جولة بلينكن ستشمل مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، والضفة الغربية وتركيا واليونان، بالإضافة إلى محطته المعلنة سابقاً إسرائيل. وقال ميلر إنّ بلينكن سيناقش خلال جولته «منع اتساع رقعة النزاع»، في ضوء اغتيال العاروري، كذلك «سيناقش الخطوات المحددة التي يمكن للأطراف القيام بها، بما في ذلك الطريقة التي يمكنهم من خلالها استخدام نفوذهم مع آخرين في المنطقة لمنع التصعيد».

وقال ميلر انّ «تجاوز النزاع حدود غزة أمر لا يصبّ في مصلحة أحد، لا إسرائيل ولا المنطقة ولا العالم». وأوضح أن بلينكن سيزور مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.

عودة الى المواصفات

وعلى خط الاستحقاق الرئاسي كشف مصدر سياسي بارز لـ«الجمهورية» ان «تحرّك اللجنة الخماسية العربية ـ الدولية في المرحلة المقبلة سيكون اكثر جدية في الملف الرئاسي، وان المسؤولين في لبنان وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري هم في هذه الاجواء، من خلال السفراء الذين سمعوا منه نصائح بهذا الخصوص. وان اللجنة اكثر حماسة لأنّ المنطقة مقبلة على استحقاقات ولبنان يجب ان يكون حاضراً في وجود رئيس للجمهورية».

واضاف المصدر: «لا حديث في الأسماء وهناك عودة للمواصفات، وانّ هدف اللجنة الخماسية في المرحلة الحالية سيكون إعادة بلورة المواصفات، وفق مقاربتها». وأشار الى انه «حتى الساعة من غير المعروف من سيتابع هذه المهمة». ورأى المصدر انّ «إصرار اللجنة في المرحلة المقبلة على العودة الى المواصفات، يكون ردة فعل واعادة تصحيح للموقف السابق الذي تطرّق فيه بعض الوسطاء للأسماء».

التعيينات العسكرية

من جهة ثانية، يعود العمل الحكومي الاسبوع المقبل الى نشاطه المعتاد وبالتزامن معه ستدور المحركات العاملة على خط ايجاد حلول للاستحقاقات، ومنها ملء الشغور في المؤسسة العسكرية.

وعلمت «الجمهورية» انّ ميقاتي في صدد الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء اواخر الاسبوع المقبل، يسبقها بعض الاجتماعات التي تهدف لترتيب وترطيب الاجواء ما بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع خصوصاً انه لا يزال هناك مُتسع من الوقت حتى منتصف الشهر، وهو الموعد الذي تم الاتفاق عليه بينهما ليقدّم الاخير اقتراحات بالاسماء.

وكان ميقاتي قد التقى أمس قائد قوات «اليونيفيل» الجنرال ارالدو لاثارو، وبحث معه في تطبيق القرار 1701 والخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وتركّز البحث على التحضيرات للتقرير المُرتقب صدوره عن مجلس الامن والذي سيتطرق للخروقات التي تطاول هذا القرار. وكرّر ميقاتي إدانته الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والانتهاكات المتمادية للسيادة اللبنانية، وطالبَ برفع الصوت في الامم المتحدة رفضاً للانتهاكات الاسرائيلية للخط الازرق وللقرار 1701، مؤكداً التزام لبنان الدائم بالقرار الاممي ومندرجاته».

في البيت الابيض

ويعود بوحبيب من واشنطن خلال الساعات المقبلة، بعدما التقى في البيت الابيض مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الشرق الاوسط بريت ماكغورك. وقال بيان لوزارة الخارجية اللبنانية انّ البحث خلال اللقاء «تناول ضرورة الاستمرار بالجهود الديبلوماسية الأميركية الرامية الى تحييد لبنان عن الحرب في غزة». وأكد الطرفان «أهمية نجاح مهمة المبعوث الرئاسي آموس هوكشتاين من أجل وقف التصعيد في لبنان والمنطقة». وتطرّق البحث بين الطرفين الى «السبل التي يمكن ان تؤدي الى السلام في المنطقة»، واكد بوحبيب انّ «الممر الوحيد لذلك هو السلام مع الفلسطينيين بالدرجة الاولى». وتطرق النقاش الى ازمة النزوح السوري الى لبنان ومدى امكان عودة النازحين الى المناطق الآمنة في سوريا.

الى ذلك، قال بوحبيب لشبكة «سي. ان . إن» انّ الحكومة «لا تريد أي حرب، وتعمل على إقناع «حزب الله» بعدم شن حرب ضد إسرائيل». واضاف ان الحكومة «تخوض حواراً مع «حزب الله»، لِثَنيه عن اتخاذ أي إجراءات انتقامية بعد اغتيال العاروري»، مؤكداً ان «ليس الأمر وكأننا نستطيع أن نأمرهم، نحن لا ندّعي ذلك ولكن يمكننا إقناعهم وأعتقد أن الأمر يعمل في هذا الاتجاه».

الوضع الميداني

على الجبهة الجنوبية تواصلت المواجهة امس بين «حزب الله» وقوات الاحتلال الاسرائيلي، وقد شملت الهجمات التي شنها الحزب ضد مواقع الجيش الاسرائيلي وتجمعاته المحدثة عند الحدود بين لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة:

– مستعمرة شتولا / عيتا الشعب – رامية.

– موقع الجرداح / الضهيرة.

– مستعمرة المنارة / ميس الجبل.

– مستعمرة المطلة / كفركلا – الخيام.

– مسكاف عام / العديسة.

– موقع المرج / وادي هونين – مركبا.

– ثكنة شوميرا / طربيخا – مروحين.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «بعد تهديدات الأمين العام لـ«حزب الله» يوم أمس، قررت بلدية حيفا فتح الملاجئ في المدينة». فيما قالت صحيفة «معاريف» العبرية «انّ التقدير في «إسرائيل» أن «حزب الله» سيرد على اغتيال صالح العاروري بعملية تتجاوز شكل القتال اليومي عند الحدود».

وأبرزَ الإعلام الاسرائيلي نقاشات داخل المجتمع الاسرائيلي تفيد أنّ «عملية الاغتيال أقرَب ما تكون الى محاولة لاستعادة هيبة فقدتها اسرائيل في 7 تشرين الاول».

وبرزَ في هذا السياق ايضاً ما ورد في صحيفة «يديعوت احرونوت» من «انّ اغتيال العاروري في بيروت، لعبة مُقامرة من قِبل اسرائيل، فحزب الله سيردّ على العملية إن عاجلاً أو آجلاً». وذهب احد المحللين الى القول: «انّ اسرائيل، بنوع من المقامرة تجتذب الحرب مع لبنان، وتقول لأميركا انّها لا تخاف توسيع الحرب حتى من دون وقوفكم الى جانبنا، ومنطقي هنا الافتراض انّ هذه المقامرة شديدة الخطورة وكثيرة العواقب».

وقد استحوذ اغتيال العاروري على اهتمام الصحافة الأجنبية، حيث اعتبرت صحيفة «بوليتيكو» الايطالية أنّ استهداف العاروري يمثّل تصعيداً خطيراً في الصراع القائم في الشرق الأوسط، ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، عن مسؤول أميركي مسؤول، قولَه: إنّ استهدافَ العاروري يمثّل العمليةَ الأولى من سلسلةِ عمليات ستنفّذُها إسرائيل ضدَّ قادةِ حماس». اضاف: «إنّ إسرائيل تخططُ لتنفيذِ سلسلةِ اغتيالاتٍ ضدّ قادة حماس»، وتوقّع «أن يؤدي استهداف العاروري إلى عرقلةِ محادثات التوصّل إلى اتفاق في شأن وقفٍ قصيرِ الأمد للقتال».

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك للقناة «13» الإسرائيلية إنّ اغتيال العاروري لن يهزّ «حماس»، مشدداً على أن خَلَفَه لن يكون أقل مهارة منه. وقال: «من الخطأ الاعتقاد بأنّ هذا الأمر سيؤدي إلى هزة في «حماس»، وأنه لن يكون هناك بديل له (العاروري) خلال 24 ساعة. وأيّاً كان من يعتقد أن هذا البديل سيكون أقل موهبة فهو أيضاً مخطئ، بالطبع هناك خَلَف له، ولكل شخص (في حماس)».

وانتقد رئيس لجنة مستوطنة «مرغليوت» إيتان دافيدي، الجيش الإسرائيلي قائلاً إنّه «يشعر بخيبة أمل كبيرة لأنّ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قدّم تفسيرات مفادها أن ليس لدينا أي عمل مع «‏حزب الله»، بل مع حماس».‎ ودعا دافيدي الجيش الاسرائيلي إلى «ردع قوة حزب الله»، قائلاً إنّ سكان الشمال «متأهبون لتلقّي الضربات، ولا أحد يعلم متى سينتهي الأمر»‎.‎ وأشار إلى أنّ «الحماية التي وعدنا بها رئيس الأركان لن تفعل لنا شيئاً، ولن تعيد سكان مرغليوت إلى منازلهم»، واصِفاً وعود المسؤولين الإسرائيليين بـ«الهراء»‎.