Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 27, 2020
A A A
افتتاحية “البناء”: الدولار يلامس الـ 6000 نزولاً… والعرض يتواصل للدولارات المنزلية استباقاً للحكومة
الكاتب: البناء

يستمر المناخ التفاؤلي بولادة حكومة جديدة بعد مرور أكثر من شهرين على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، وفي ظل انسداد سياسيّ عطّل فرصة نجاح المبادرة الفرنسية وأسقط فرصة حكومة الرئيس مصطفى أديب، وفي ظل تصاعد الأزمات المعيشية والخدمية والاقتصادية والمالية، من الفلتان في الأسعار وفقدان العديد من السلع، وخصوصاً الأدوية، الى تراكم النفايات وانقطاعات الكهرباء، ونتائج تفجير المرفأ وفقدان فرص العمل وأماكن السكن، والتفاؤل المستجدّ مع تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة الجديدة يتصاعد مع كسر الجليد والتقدّم المحقق في الحوار بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون بعد فتور ممتدّ على مساحة عام كامل تخللته مراحل تصعيد كان آخرها ما سبق تكليف الحريري، والتفاؤل تجسّدت مؤشراته الأبرز بتراجع سعر صرف الدولار 30% خلال أقل من أسبوع، بعدما لامس الدولار سعر الـ 6000 نزولاً من سعر لامس الـ 9000 ليرة.

اليوم يزور الحريري بعبدا للمرة الثالثة منذ تكليفه الخميس الماضي، ووفقاً لمصادر على صلة بالملف الحكومي، فإن الرئيس الحريري بات يملك في جيبه تصوراً أولياً لحجم الحكومة وتوازنات توزيع الحقائب فيها على الطوائف والكتل السياسيّة، كما بات يملك في جيبه لوائح بأسماء مقترحة أو مرشحة لتولي بعض الحقائب، والتصوّر والأسماء تعبير عن حاصل التشاور الذي أجراه الحريري مع عدد من ممثلي الكتل ومع الرئيس عون بصورة خاصة، كما بات لدى الحريري تصور عن العقد التي يجب حسم الموقف من كيفية التعامل معها لتسلك التشكيلة الحكوميّة طريقها الى الأمام، وأبرز العقد وفقاً للمصادر، إمكانية تبادل حقيبتي الداخلية والخارجية بين الرئيسين عون والحريري، بما يتيح توزير السفير مصطفى أديب في الخارجية، وكيفية تسمية الوزير الدرزي الثاني، سواء في حكومة من 20 أو 22 او 24 وزيراً، واستكشاف العدد النهائيّ للوزراء بناء على تقييم التوازنات في الساحة المسيحيّة، حيث يمكن الفرق بين الصيغ العددية، بينما لا تأثير للفارق في المواقع المسلمة في الحكومة، وحسم أمر وزارة الطاقة، لجهة طلب موافقة رئيس الجمهورية على عدم تولي التيار الوطنيّ الحر لتسمية وزيرها ومقايضتها على الأرجح مع وزارة الأشغال التي طالما كان التيار يرغب بتوليها.

مساعي تشكيل الحكومة تسابق موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الثلاثاء المقبل، أملاً بعدم ترك الاستحقاق الأميركي يؤدي لتأجيل تلو تأجيل، وضمور قوة الدفع التي تولّدت ما بعد التكليف.

 

 

الحريري في بعبدا اليوم

في غضون ذلك، لا تزال الأجواء التفاؤليّة بقرب ولادة الحكومة تسود المشهد الحكوميّ، إذ من المتوقع أن يزور الرئيس المكلف سعد الحريري بعبدا اليوم للمرّة الثالثة لعرض تصوّره لشكل الحكومة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفي حال تم الاتفاق على هذا الأمر سيعود الحريري بعد أيام قليلة إلى عون بتشكيلة نهائية مع أسماء الوزراء.

مصادر «البناء» لفتت إلى أن الحكومة تنتظر تفاهماً نهائياً بين الرئيسين عون والحريري على أمرين: الحصة المسيحيّة وتوزيع الوزراء والحقائب على الكتل النيابية التي تمثل المسيحيّين في المجلس النيابي، والثاني المداورة في الحقائب مع حسم وزارة المالية لوزير اختصاصي يسمّيه رئيس مجلس النواب نبيه بري. ورجّحت المعلومات ولادة الحكومة خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذا ما تذللت العقد المتبقية، وأكدت أنّ هناك شبه اتفاق على أن تكون الحكومة مؤلفة من عشرين وزيراً من غير الحزبيين بل من الاختصاصيين المسيّسين. أما الحكومة، فستقوم على توازن سياسي من ثلاثة أثلاث مع وزيرين إضافيين:

6 وزراء لثنائي أمل وحزب الله وحلفائهما.

6 وزراء لرئيس الحكومة وتيار المستقبل وحلفائهما.

6 وزراء لفريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحلفائهما، إضافة إلى وزير درزي ثانٍ يجري اختياره بالتوافق بين ثلاثي عون – رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط – والنائب طلال أرسلان، ووزير مسيحي آخر.

وبحسب المعلومات أيضاً فإنّ مبدأ المداورة الذي يتمسّك به عون لا يشمل وزارة المالية التي حُسمت خلال مشاورات التأليف التي تولاها السفير مصطفى أديب ومع الحريري قبيل تكليفه، أمّا وزارة الطاقة فلم تُحسَم، وربما لن تكون للتيّار الوطني الحر وستجري مقايضتها بوزارة الأشغال، كما أنّ وزارة الداخلية تنتظر اعتماد مبدأ المداورة لمبادلتها بالخارجيّة بين الرئيسين عون والحريري.

ووفق المصادر، فإن حزب الله سيسمّي وزراء اختصاصيين غير محزبين لكنهم يؤيدون المقاومة سياسياً وكذلك حركة أمل، كما أنّ الحزب سيطالب بوزارة الصحة لكنه لن يصرّ عليها إذا كانت ستعرقل التأليف، علماً أنه لم يحسم من الحصة الشيعية سوى المالية.

وتتحدث المصادر عن ثلاث عقد ممكن أن تعرقل التأليف:

إذا أصرّ عون على مبدأ المداورة الشاملة.

إذا رفض الحريري إعطاء الداخلية لعون مقابل نيله الخارجية أو الدفاع.

إذا أصرّ جنبلاط على تسمية الوزير الدرزي الثاني.

وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ​قاسم هاشم​ لـ«البناء» أنّ «الأجواء الحكوميّة إيجابية والنيات جيّدة لدى مختلف الأطراف. وهناك تفاهم شبه نهائي حول صورة الحكومة، وهي ستكون شبه تكنوسياسية لكن بوزراء من ذوي اختصاص بخلفيّات سياسية ستسمّيهم الكتل بعرض عشرة أسماء لكل حقيبة، على أن يختار من بينهم الرئيس المكلّف بالتعاون مع رئيس الجمهورية». وكشف أنّ «الحكومة ستكون من 20 وزيراً، فيما باتت وزارة المال خارج النقاش وستكون من حصة التنمية والتحرير باسم غير حزبي، والمداورة مطروحة على الحقائب الأخرى». ورفض قاسم وضع مهلة محددة لولادة الحكومة، مضيفاً أنّ «الأيام الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة»، مشيراً إلى أن الرئيس نبيه بري أبدى استعداده للتدخل لتذليل أي عقدة ممكن أن تظهر على طريق التأليف.

 

 

هواجس مسيحيّة

في المقابل، أشارت أوساط مطّلعة على مقرّ رئاسي شريك في مشاورات التأليف لـ«البناء» إلى أنّ «التشاور مستمرّ ومكثّف على خط بعبدا – بيت الوسط على مدى الـ 24 ساعة، لكن لم يتم الاتفاق النهائي على هيكلية الحكومة وحجمها وتوزيع الحقائب، ولا على الأسماء بل تجري جوجلة الأفكار التي طرحها الرئيس المكلّف على رئيس الجمهورية». ولفتت الأوساط إلى أنّ تفاصيل الحكومة تحتاج إلى مزيد من الوقت ولا يمكن التكهّن بتوقيت معين لولادة الحكومة في ظل توجّس مسيحي من اتفاق بين المسلمين على الحكومة وتهميش المسيحيين، وهذا يظهر بموقف البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، ورسالته إلى الرئيس المكلّف. فيما موقف البطريرك لا يعبّر عن موقف الكنيسة فحسب، بل عن موقف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بحسب مصادر الطرفين.

ومع أنّ التكتم سيّد الموقف في بعبدا، لكن أوساط مطّلعة أشارت إلى أنّ رئيس الجمهورية يلعب دوره ويمارس صلاحياته كشريك للرئيس المكلّف في تأليف الحكومة، وفقاً لما ينص عليه الدستور، وبالتالي سيقف عند كل تفصيل كي تأتي الحكومة على قدر آمال وتطلعات اللبنانيين وتكون قادرة على مواجهة التحديات وإنقاذ البلد، مع تأكيدها بأنّ رئيس الجمهورية سيسهّل قدر الإمكان، ولا مصلحة له ولا للبلد بتأخير الحكومة. وشدّدت المصادر على أن العلاقة عادت إلى مجاريها بين الرئيسين عون والحريري؛ وهذا ما ظهر خلال عملية التكليف وفي لقاءي السبت والأحد».

 

 

صمت بيت الوسط

ووفق أجواء بيت الوسط الذي يعتصم بالصمت على قاعدة «تعاونوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، فإنّ الحريري يبذل قصارى جهده للانتهاء من تشكيل الحكومة قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية لتقدير المحيطين به بأنّ الضوء الأخضر الأميركي الممنوح له الآن للسير في تأليف الحكومة، قد يتغيّر مع رحيل الإدارة الحالية، وتبوّء إدارة جديدة سدة المسؤولية ما يعني ترحيل الملف الحكومي إلى أشهر ريثما يستتب استقرار الحكم في أميركا. وأشارت الأجواء إلى أن الحريري منفتح على التعاون مع رئيس الجمهورية وكافة الأطراف السياسية لتأليف الحكومة بأسرع وقت، وما يهم الرئيس المكلّف أكثر من هيكلية الحكومة وتسمية الوزراء هو أن تكون فاعلة ومنتجة وقادرة على إنجاز المهمة المكلفة بها وإقرار بنود الورقة الإصلاحيّة في المبادرة الفرنسية».

ولفت عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار الى أن «الحكومة ستتشكّل بأسرع وقت ممكن، لأن البلد بحالة اقتصاديّة ماليّة خطيرة جداً تفرض أن تكون هناك حكومة مكتملة الصلاحيات تستطيع أن تقوم بالإصلاحات المطلوبة منها، وأن تفتح المجال أمام المساعدات الخارجيّة». وأكد الحجار أن الحكومة إذا تشكلت بمواصفاتها المطلوبة ونالت الدعم المطلوب من القوى السياسية والكتل البرلمانية فإنها قادرة على إنقاذ الوضع الاقتصادي».

 

 

العقوبات تغطية على التراجع الأميركيّ

في المقابل أشار مصدر في فريق المقاومة لـ«البناء» إلى أنّ المؤشرات الإقليمية والدولية مساعدة على إنتاج حلّ في لبنان، مع أخذ الحذر بشكل دائم من المكر والغدر الأميركي. ولفت إلى أنّ «أميركا وبعد فشل مشاريعها ورهاناتها في لبنان والمنطقة وجدت نفسها بين خيارين: إمّا حكومة تحدٍّ تؤدي إلى انهيار لبنان ومعه حلفاؤها من فريق 14 آذار سابقاً، وبالتالي تهديد المصالح الغربية في لبنان لصالح دول وقوى إقليمية تعتبر خصماً لأميركا كروسيا والصين أو عدوة كإيران وإما حكومة تسوية رابح – رابح فاختارت الثاني». ورأى في استمرار واشنطن بالعقوبات المالية على مسؤولين في حزب الله تغطية على التنازلات التي قدمتها واشنطن في لبنان في ملفي الترسيم والحكومة، وتوقع المصدر أن يعلن عن عقوبات أميركية جديدة عشية تشكيل الحكومة لحرف الأنظار عن تراجع الأميركيين في لبنان لصالح تأليف حكومة تريح حزب الله في لبنان بعد سنوات من الضغوط والحصار والتعطيل.

 

 

التلاعب بالدولار

وواصل سعر صرف الدولار تأرجحه في السوق السوداء وسط فوضى تسود في السوق السوداء، ففي حين شهد السوق إقبالاً على بيع الدولار بمزيد من انخفاضه في حال تأليف الحكومة تقوم بعض الجهات النافذة من سياسيين ومصرفيين وتجار إلى المضاربة والتلاعب والتحكم بالسوق لتحقيق أرباح اضافية خلال فترة التبدل في أسعاره، في المقابل لم يؤثر هذا التراجع الكبير في سعر الصرف على الدولارات المكتنزة والمخزنة في المنازل بسبب تردد أصحابها ببيعها لعدم ثقتهم واقتناعهم بأن الدولار سيهبط ويعتبرون أن هذا الهبوط مرحلي يسبق موجة ارتفاع جديدة.

ويرى خبراء ماليّون واقتصاديّون أنه «لم يتغيّر شيء في الأسُس الاقتصادية والعرض والطلب على حاله، كما أنه لا يمكن القول إن الثقة عادت، ولكن تكليف رئيس حكومة جديد أرخى جوًا من الارتياح النفسي ليس أكثر»، مؤكدين أن «هذا الانخفاض المرحلي في سعر صرف الدولار مرحلي، وإذا لم يحصل أي حلول جذرية لمعالجة الخلل في ميزان المدفوعات سيزيد الطلب على الدولار في السوق السوداء مجددًا».

 

 

حل أزمة النفايات

على صعيد آخر، أفضت الاجتماعات المكثفة التي عقدت أمس، بين عدد من نواب منطقة بيروت والضاحية الجنوبية مع المسؤولين في الدولة إلى حل أزمة النفايات، وذلك بعدما اجتاحت أكوام النفايات مناطق عدّة في بيروت والضاحية.

ولهذه الغاية عقد اجتماع بين وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وقد ضمّ النائبين أمين شري وفادي علامة، ورئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد درغام، وممثلين عن الشركات المتعهّدة كَنس النفايات وجَمعها في مختلف المناطق.

وأوضح شري بعد اللقاء أن «المشكلة الأساسية هي موضوع تحويل الحوالات من الدولار إلى الليرة اللبنانية». وأضاف «طُرِحَت اقتراحات وافق الوزير وزني على تبنّي أحدها وهو محل قبول من المتعهّدين، على أن يتولى الوزير نقلها إلى حاكم مصرف لبنان لاتخاذ الإجراءات المناسبة». وأعلن أن «المتعهّدين التزموا مباشرة أعمالهم ليل اليوم (أمس) الاثنين».

إلا أن مصادر متابعة للملف تخوفت من تملص مصرف لبنان من تنفيذ الحل المتفق عليه بين وزارة المال والبلديات والشركات ونواب المنطقة على غرار ما حصل في قانون الدولار الطالبي الذي أقرّ في مجلس النواب مؤخراً ونشر في الجريدة الرسمية، لكنه لم ينفذ بسبب تقاعس المصارف ومصرف لبنان عن تطبيقه.