Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر July 6, 2021
A A A
افتتاحية “البناء”: الحريري لحسم خياراته… بين الاعتذار لصالح بديل أو التأليف أو حكومة انتخابات
الكاتب: البناء

ينتظر انعقاد أول لقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الرئيس سعد الحريري، بعد عودة الحريري الى بيروت، على أن يشكل هذا اللقاء فرصة لبلورة المشهد الحكوميّ في ضوء المقترحات الجديدة التي حملها حزب الله الى الرئيس بري في ضوء حوارات قيادة الحزب مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، والتي تتضمن مقترحات لحل قضيتي تعيين الوزيرين المسيحيين، ومنح الثقة النيابية للحكومة، وقالت مصادر على صلة بالملف الحكومي إنه من المرجح أن تكون المقترحات تدور حول الموافقة على تناوب رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على طرح لوائح اسميّة لمرشحين للمنصبين المختلف عليهما، لحين الوصول إلى أسماء ترضي الرئيسين، أو تولي أحدهما طرح الأسماء وتولي الثاني القبول أو الرفض بالنسبة لأحد الوزيرين، ليتبادلا الأدوار بالنسبة للاسم الثاني، بينما توقعت المصادر أن يكون الحل المقترح لقضية الثقة، بربطها بتضمين البيان الوزاري للحكومة نصاً صريحاً حول التعهد بالمضي قدماً بالتدقيق الجنائي، وهو ما سبق للحريري أن قال إن الاتهامات التي يطلقها التيار بحقه وحق سواه تشكيكاً بصدقية سيرهم بالتدقيق الجنائي منافية للحقيقة التي كرسها تصويت الكتل النيابية في المجلس النيابي لصالح السير بالتدقيق، ما يعني أنه لن يمانع بتضمين البيان الوزاري نصاً بهذا الخصوص. تقول المصادر إن الحريري يتجه لحسم خياراته بين ثلاثة احتمالات ليس بينها الاعتذار والاعتكاف، وإذا كان الاحتمال الأول هو السير بالتأليف، فالثاني هو الاعتذار بالتوافق على تسمية بديل يكون للحريري دور رئيسيّ في اختياره، بحيث يسهل وجود الاسم البديل تجاوز الفيتو السعودي على الحريري، وتجاوز التعقيد في العلاقة الشخصيّة الذي يصعب تخطيه في التعامل بين رئيس الجمهورية والحريري كرئيس للحكومة، على أن تنجز التفاهمات على التفاصيل الحكومية من حيث تمّ الوصول في التفاوض في حلقاته الأخيرة، التي تسهل ولادة سريعة للحكومة، أما الخيار الثالث فهو حكومة انتخابات يترأسها قاضٍ سابق او ضابط متقاعد، وربما يستدعي هذا الخيار تقديم موعد الانتخابات عن موعدها شهرين فتصير في شهر كانون الثاني بدلاً من شهر آذار، وفي هذه الحالة يكون التوافق على الحكومة أسهل من سواها، رغم أن توصيفها كحكومة انتخابات لا يعني عدم قيامها بالمهام المتوقعة من أية حكومة يتم تشكيلها في الظرف الراهن المليء بالمشكلات التي تنتظر معالجات سريعة.

في الشأن الداخلي كانت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بكلمة توجيهية للمؤتمر الإعلاميّ المنعقد بدعوة من اللقاء الإعلامي الوطني تحت عنوان تجديد الخطاب الإعلامي، مناسبة لإطلاق جملة مواقف حول الوضع الداخلي، معتبراً أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في الشأن الحكومي، مشيراً إلى ان فرص الحلول الاقتصادية متاحة في مقابل الحرب المعلنة لتجويع لبنان وإسقاطه مالياً من قبل الأميركيين، متسائلاً عن سبب إحجام المسؤولين في الدولة عن التعامل بإيجابية مع العروض الكثيرة التي تصل للبنان للنهوض باقتصاده والتي توفر استثمارات كبرى في قطاعات حيوية، مثل العروض الروسية والصينية وقبلها الإيرانية، مفسراً السبب بخوف المسؤولين من عقوبات أميركية قد تطالهم شخصياً إن تحملوا مسؤولياتهم في اتخاذ القرارات الإنقاذية سائلا، الا يستحق الشعب اللبناني تضحية من المسؤولين بتحمل هذه العقوبات، وهم يرون ان البديل هو السقوط والانهيار والموت، وكان لافتاً ان السيد نصرالله كان أول من علق على استدعاءات المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت، طارحاً أسئلة حول عدم نشر التقرير الفني عن الانفجار، وحول سبب تسريب الأسماء قبل أن يتبلغ أصحابها بحقيقة ما يخصهم بصورة رسمية، مشيراً إلى أن هذا يرسم أسئلة عما إذا كانت هناك وحدة معايير او استهداف سياسيّ؟

وأعلن السيد نصرالله في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر تجديد الخطاب الإعلامي وإدارة المواجهة أن «إعلام المقاومة أسهم في صنع الانتصار عبر استناده إلى الوقائع والحقائق والدراسات والأبحاث»، وأشار الى أن «من عناصر قوة خطابنا الإعلامي أنه مستند إلى إدراك لنقاط ضعف العدو». ولفت الى ان «المقاومة في فلسطين وعدت بالدفاع عن القدس وصدقت في وعدها»، وذكر ان «إعلام المقاومة اليوم لا ينشد قصائد شعر على الأطلال بل قصائد انتصارات»، وشدد على «ضرورة التكامل والتعاون الإعلامي بين وسائل إعلام محور المقاومة والاستفادة من الإيجابيات والخبرات كما هو الحال في الميدان العسكري»، ودعا «للاستفادة بالتحديد من شبكات التواصل الاجتماعي وتحويل التهديد المعادي الى فرصة، وبعض الدراسات تحدثت أن العالم تفاعل مع الشعب الفلسطيني خلال معركة سيف القدس بسبب شبكات التواصل الاجتماعي».

وفي الشأن الداخلي أشار السيد نصر الله الى ان «البعض يأخذ البلد الى حيث يريد العدو ولا داعي للمشاكل والنزاعات على محطات البنزين وغيرها، ولكن هذه الأزمات لها وجه آخر هي القرار الاميركي الذي يمنع اي دعم خارجي للبنان»، وتابع «ألا يستحي حلفاء أميركا من ذلك؟ أليست اميركا التي تمنع الدول من مساعدة لبنان بهدف تحقيق مصالح اميركا واسرائيل سواء من مشروع التوطين او سرقة الغاز والنفط»، وتابع «أليست الإدارة الاميركية التي تهدد بالعقوبات على اللبنانيين وتمنعهم من الاستعانة بأي صديق من الشرق سواء الصين او غيرها ولدينا فرص حقيقة لإنقاذ لبنان وهذا لا يحتاج الى كثير من النظريات لأن البعض يخاف من اميركا وان تضعهم على لائحة العقوبات».

وسأل السيد نصر الله: «ألا يستحق إنقاذ البلد ان يوضع البعض على لوائح عقوبات اميركا؟»، ولفت الى ان «هذه الأمور يجب ان لا تغيب عن البال في الازمات الداخلية»، واشار الى ان «اميركا سبق ان اتبعت هذه الأساليب في غزة وسورية وقد فرضت اميركا قانون قيصر لمنع الاستثمار في سورية للضغط عليها»، وتابع «نفس المنطق يمارس ضد العراق وإيران واليمن»، واوضح ان «اميركا تهدف لإثارة الشعب اللبناني وبيئة المقاومة عليها، لذلك الشريك الأساسي في ما يعيشه الشعب اللبناني من أزمات هي الادارة الاميركية»، وأكد ان «اميركا ليست صادقة بالحديث عن محاربة الفساد لأن الفاسدين هم حلفاؤها فلماذا اليوم تريد محاربة الفساد؟». ودعا «الشعب اللبناني أن يتحلى بالصبر والعمل الجاد ويجب البحث عن الحلول الناجحة. وهذا يحصل من خلال ارادة شجاعة وقادرة على التضحية».

وعن التسريبات التي حصلت في تحقيق انفجار مرفأ بيروت، قال السيد نصر الله «من المؤسف أن يعرف المدعى عليهم في قضية انفجار المرفأ من الإعلام بذلك»، واعتبر أن «هذا شكل من اشكال التوظيف السياسي الذي نعود ونرفضه»، وتابع «لن أعلق الآن حتى تصل الإخبارات القضائية المطلوبة لنعرف هل ما تمّ تسريبه صحيح ام لا»، وأكد «ما نسعى اليه هو العدالة والحقيقة وحتى الساعة العدالة بعيدة والحقيقة ما زالت مخفية»، وأضاف «سبق ان طالبنا المحقق العدلي لنشر التحقيق التقني لنعرف سبب هذه الجريمة وما الذي تسبب بهذا الانفجار الكبير ولنعرف هل توجد وحدة معايير وهل يوجد اي استهداف سياسي؟».

وفي الملف الحكومي لفت السيد نصرالله الى أنه «من المفترض أن تكون هذه الأيام حاسمة في موضوع تشكيل الحكومة واللقاءات التي ستُعقد اليوم وغداً يمكن أن ترسم المسار الحكومي بشكل واضح».

في غضون ذلك، عاد الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت بعد غياب استمرّ لأسابيع وسط ترقب لما سيحمله من جديد بشأن الملف الحكومي. وبحسب المعلومات سيجري الرئيس المكلّف سلسلة اتصالات لا سيّما مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعرض التطوّرات والمستجدّات والخروج بالقرار المناسب. واستبعدت المصادر قرار الاعتذار حتى الساعة، خلافاً لكل المعطيات التي أشيعت في الأيام والساعات الماضية والتي تقول إن الحريري بتّ أمره وسيقدّم اعتذاره.

ولفتت المصادر إلى أن «بكركي ستتحرّك لمحاولة تقريب وجهات النظر بين بعبدا وبيت الوسط، بالتعاون مع عين التينة، وذلك في هدي مشاورات يوم الصلاة والتأمل من أجل لبنان الذي عقد في الفاتيكان في أول تموز. وسيسعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى إيقاظ الضمائر، داعياً الأطراف كلّها الى التنازل والى الانصات الى وجع الناس والى نداءات المجتمع الدولي الذي بات يهتم بلبنان ومعاناته أكثر من مسؤوليه».

وكشفت أوساط كتلة المستقبل أن «لا شيء محسوماً حتى الآن على أن تحسم خلال الاجتماع الذي يعقده تيار المستقبل سواء على مستوى القيادة أو الكتلة مع العلم أننا لم نتبلغ اي دعوة بعد».

ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «النقاش يدور ليس على مسألة اعتذار الحريري من عدمه فحسب، بل حول مرحلة ما بعد الاستقالة وتداعيات كل خيار على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي والمعيشي».

وأوضحت مصادر قناة المنار الى أن «اللقاء بين بري والحريري يعوَّل عليه، في ظل استمرار مبادرة بري، الذي تلقى من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبر حزب الله مقاربته للعقدتين الحكوميتين المتمثلتين بتسمية الوزيرين المسيحيين وإعطاء الحكومة الثقة». ولفتت المصادر، إلى أن «الاستمرار في حال المراوحة ستكون له تداعيات كبيرة داخليًا وخارجيًا، والأيام المقبلة مفتوحة على 3 احتمالات، الأول هو تأليف حكومة وهذا الشيء لن يكون سهلًا، والثاني هو البقاء ضمن المراوحة الحالية، فيما الاحتمال الثالث هو سيناريو آخر يتطلب توافقاً داخلياً حوله». وختمت المصادر أن «الساعات المقبلة هي ساعات حاسمة سوف تتضح بعدها الصورة الحقيقية لملف تأليف الحكومة».

وأوضح المكتب السياسي لحركة أمل في يوم شهيد أمل أن «عين البنيه كانت لحظة الفصل الحاسم في مواجهة العدوان ومشاريعه التي تستهدف لبنان، وستبقى حركة امل تعمل باتجاه لبنان في حين أن البعض يتجاوز حرمان الناس وآلامهم ويكتفي بذرف دموع التماسيح، وكأن حكومة تصريف الأعمال ووزاراتها استسلمت أمام المافيات الاحتكارية المنظمة خوفاً أو تآمراً على مصالح الناس».

في المقابل اطلق المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان لبنان نداءً وجهه للمسؤولين أشار فيه الى أن «لبنان في قلب الجحيم والآتي أخطر وسط إفلاس سياسي نقدي معيشي ولعبة انتحار مجنونة يدفع الشعب المنهوب ثمنها، كل ذلك وسط «عاصفة تضخم» أشبه بتسونامي يأكل الأخضر واليابس، أَمن السكان الغذائي كارثي وكذلك أمن الدواء والاستشفاء، أَمن الطاقة بيد مجموعة احتكاريّة تمارس أسوأ أنواع «الخيانة العظمى»، فيما حكومة تصريف الأعمال تدير ظهرها للكارثة». ودعا «القوى الوطنية الى فعل شيء ما، لأن الغلاء والفقر والجوع والمازوت والبنزين والخبز والفلتان وغياب الدولة والاحتكار الشامل بات بمثابة صاعق قد يأخذ البلد نحو كارثة أهليّة لها ما لها من تبعات دولية وإقليمية، والحل اليوم وليس غداً وعلى قاعدة الدفع بألف طريقة وطريقة لتشكيل حكومة «إنقاذ مشروع الدولة» لأن مشروع الدولة والسلم الأهلي بخطر وشيك».

الى ذلك، كشفت قناة «الجزيرة»، أن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، سيقوم بزيارة إلى لبنان يلتقي فيها رئيس الجمهورية ميشال عون. وبحسب القناة من المقرّر أن يلتقي وزير الخارجية القطري رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وذلك في إطار مساعي قطر للمساعدة في حلحلة الأزمة السياسية في لبنان. وأشارت مصادر إعلامية إلى أن وزير الخارجية القطري، سيكرر الدعوة الى تشكيل حكومة» مضيفة أن «قطر ستعلن استعدادها لمساعدة لبنان في عدد من القطاعات، بالإضافة الى استعدادها لمساعدة الجيش اللبناني». ولفتت المصادر إلى أن «الجو الخليجي مريح لدخول قطر إلى الساحة اللبنانية».

الى ذلك، ورغم حديث المعنيين عن حل أزمة المحروقات، إلا أن واقع السوق بدا معاكساً، حيث استمرت طوابير السيارات امام المحطات وسط شح في مادة البنزين والمازوت، لكن عضو نقابة أصحاب المحطات جورج براكس أكد أن «الشركات المستوردة تسلّم كميات كافية للسوق المحلي، لكن المشكلة هي في أن بعض البواخر التابعة لشركات معينة لم تتمكّن من التفريغ، ما اضطر هذه الشركات الى تقليل الكميات التي تسلّمها الى السوق». وأوضح أن «المعطيات تشير الى أن مصرف لبنان سيحلّ مشكلة البواخر، ما سيريح السوق ويسمح لبعض المحطات المقفلة بفتح أبوابها». وتشير مصادر مطلعة على الملف لـ«البناء» الى عدة اسباب لاستمرار ازمة المحروقات، أبرزها تأخر مصرف لبنان في تأمين اموال الاعتمادات المفتوحة لشركات الاستيراد لتفريغ البواخر الراسية في البحر، اضافة الى استمرار عمليات التخزين على مستوى المحطات أو على مستوى الأفراد، حيث نشطت السوق السوداء لبيع البنزين والمازوت، حيث يستطيع المواطنون الحصول على «غالون» من المحروقات عبر «الديليفري» التابعين الى المحطات في غالب الأحيان، اضافة الى مسألة التهريب الى سورية». اذ يشير خبراء الى ان «طالما سعر صفيحة البنزين اقل بضعفين مما هو سعرها في سورية فلن يتم وقف التهريب».