Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 15, 2022
A A A
افتتاحية “الأنباء”: مظاهر انحلال الدولة تهدّد بالأخطر.. وأي موازنة تبقى أفضل من الفوضى
الكاتب: الأنباء

وسط تراكم الأزمات والارتفاع الجنوني للدولار وانعكاسه السلبي على معيشة اللبنانيين، وتجاهل المسؤولين لما يجري وانشغالهم في أمور لا علاقة لها بما يحصل على أرض الواقع، لم تنعقد بالامس الجلسة النيابية المخصصة لمناقشة مشروع الموازنة والتصويت عليها لعدم اكتمال النصاب وحضور 60 نائباً فقط، وذلك بعد غياب الكتل المسيحية “الجمهورية القوية”، “لبنان القوي”، الكتائب وبعض المستقلين.

مصادر سياسية توقفت عند غياب تكتل لبنان القوي عن الجلسة التي كانت مخصصة لتلاوة رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان العضو في التكتل وأمين سرّه للتعديلات والملاحظات التي أضيفت على مشروع الموازنة، مشيرة عبر “الانباء” الالكترونية الى أن غياب نواب التكتل لا علاقة له لمناسبة ذكرى بشير الجميل لا من قريب ولا من بعيد، وأن هناك فتوراً في العلاقات بينهم وبين القوات والكتائب المعنيين بالاحتفال الذي أقيم في ساحة ساسين لهذه المناسبة، لكن رئيس التكتل النائب جبران باسيل أراد من خلال هذا الغياب توجيه مجموعة رسائل.

الرسالة الاولى، بحسب المصادر، باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتهمه بالتنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لمنع تشكيل حكومة جديدة يكون لباسيل حصة وازنة فيها.

الثانية باتجاه القوات والكتائب للايحاء بأن ذكرى بشير الجميل تعنيهم أيضاً، والثالثة باتجاه النائب كنعان الذي يشهد فتوراً في العلاقة معه وكذلك مع نائب رئيس المجلس الياس بوصعب.

عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجه أكد في اتصال مع جريدة “الانباء” الالكترونية حتمية انعقاد جلسة الموازنة اليوم الخميس وغداً الجمعة، وأن عدم انعقاد الجلسة بالأمس مردّه الى عدم اكتمال النصاب واقتصار الحضور على 60 نائباً فقط، كاشفاً أن الرئيس بري كان ينوي رفع الجلسة في فترة بعد الظهر في حال انعقادها إكراماً لذكرى بشير الجميل، واصفاً غياب تكتل لبنان القوي عن الجلسة بأنه نوع من انتقال العدوى، وخاصة بأننا لم نسمع من أحد أنه كان ينوي مقاطعة الجلسة.

وحول إمكانية اقرار الموازنة اليوم وغداً، راى خواجه أن الأمر مرهون بعدد طالبي الكلام، فالرئيس بري قد يتمنى عليهم عدم الإطالة في المداخلات، مضيفا “صحيح أن الموازنة لا تلبّي للطموحات خاصة وأنها أتت متأخرة وفي الربع الأخير من السنة ولم يسبقها قطع حساب ولقد تغيّرت أكثر من مرة، فضلا عن أنها غير إصلاحية ولم تأت من ضمن خطة اصلاحية، ولكن لو خيّرونا بين هكذا موازنة أو الدخول في الفوضى، تبقى الموازنة أفضل فهي تؤسس لموازنة حقيقية إصلاحية ودستورية للعام 2023 تكون أرقامها أكثر ثباتاً تؤسس لموازنة العام الجديد بدل الصرف على الخطة الإثني عشرية.

توازياً، وفي ظل الفوضى المالية والارتفاع المخيف للدولار، تكرّر بالأمس مشهد تحصيل الحقوق بالقوة، مع إقدام السيدة سالي حافظ على اقتحام بنك لبنان والمهجر وسحب وديعتها بالقوة، وتلاها محاولة أخرى في عاليه.

هذه الظاهرة التي تكررت أكثر من مرة في الأشهر الماضية، هي مثال جدل بين مؤيد ومعارض، على أحقية مطالب المودعين الذين يشهدون منذ 3 سنوات على خسارة تعب عمرهم أمام أعينهم.

مصادر مالية عزت ما يجري إلى غياب دولة القانون وتطبيق مبدأ شريعة الغاب، محذرة عبر “الأنباء” الالكترونية من الذهاب في الاتجاه الذي تحدث عنه المحامي رامي عليق باستناده على المادة 184 من قانون العقوبات التي تجيز استخدام السلاح لتدافع عن أموالك، ما يعني الخروج عن دولة القانون.

المصادر شبّهت ما حصل بالانزلاق من دولة القانون الى شريعة الغاب، وتوقعت المزيد من هذه الأعمال اذا جاعت الناس، مشبهة الخطة التي وضعتها الحكومة للخروج من هذا المأزق بأنها مبنية على وعود هي أشبه بالبيانات الوزارية والكذب على الناس.

ورأت المصادر في الآمال المعقودة على استخراج النفط والغاز بالوعود الكاذبة التي لا ترقى الى الحقيقة بشيء، سائلة: “ماذا يمكن أن نفعله بعد سنة 2026 اذا لم يستخرج النفط والغاز؟”.

هذا المشهد المؤسف من انحلال الدولة مؤشر خطير جدا لما يمكن أن تصل اليه البلاد بعد الانزلاق نحو الفوضى التي لا تُحمد عقباها. ولكن في المقابل لا يتم اتخاذ أي اجراءات عملية لحماية ما تبقى من الدولة ومؤسساتها، واذا ما استمر هذا العجز فهذا يعني حكماً أن الأسوأ على الأبواب.