Beirut weather 20.3 ° C
تاريخ النشر November 10, 2020
A A A
افتتاحية “الأنباء”: لبنان يتحضر للإغلاق التام.. وتحذيرات من انهيار النظام الصحي
الكاتب: الأنباء

لا شك أن نار العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل امتصت الكثير من الوهج السياسي، لمن يوصف في لبنان بـ «حامل أختام الرئاسة»، ومثله الرئاسة، التي استعجلت تحميله اعباءها باكرا، استباقا للمفاجآت، بيد ان هذه العقوبات لامست أيضا عملية تشكيل الحكومة الحريرية، ان كردة فعل من الشخص المعاقب او من المستجدات السياسية الأكبر التي أعادت الحديث الحكومي الى نقطة البدايات، وسط صمت الرئيس المكلف سعد الحريري المستعين على قضاء حوائجه بالكتمان.

ففي بيان الرد على العقوبات، أكد باسيل على تحالفه مع حزب الله من دون انكار التباين معه على الصعيدين الداخلي والاقليمي، الى درجة التحدث عن تطوير وثيقة التفاهم مع الحزب. وفي حديثه عن مصدر العقوبات التي هي الولايات المتحدة الأميركية، بدا عاتبا اكثر مما هو غاضبا، ففي واشنطن، بالنسبة اليه «الخصام، وهي الخصم والحكم».. وبعد اتهامه اميركا بممارسة الاغتيال السياسي بحقه، جدد التأكيد على أنه مع السلام الأميركي للمنطقة، أي مع وجود اسرائيل، وهذا ذروة ما تتطلبه اميركا، وهو يعلم ذلك، ومن هنا كان قوله: الى اللقاء، للعمل مجددا مع اميركا، ومع رئيسها الجديد جو بايدن. ولم يُحمّل على ادارة ترامب التي عاقبته، انما صب جام غضبه على «الخونة» من اعضاء «التيار» الذين أوغروا صدور الاميركيين بأرقام فساده، وتبين ان «الخائن» الذي يقصده، هو اللبناني ـ الأميركي طوني حداد، الذي كان مستشارا للرئيس ميشال عون لشؤون العلاقات العامة، وقد جرى طرده من التيار الحر، لكنه استمر يتصرف في الولايات المتحدة الاميركية كمستشار رئاسي وكمدير مكتب «التيار» هناك، ومن عامل لصالح التيار الى نقيضه نتيجة اغراءات مادية، كما يقول «التيار» في لبنان!

المصادر المتابعة سجلت على باسيل «فاول» في حديثه عن وثيقة التفاهم مع حزب الله، الأميركيون طالبوا عبر عمه الرئيس ميشال عون بفك ارتباطه بالحزب ولم يتطرقوا إلى وثيقة التفاهم الذي تحدث عن وجوب إعادة النظر بها، وكأنه شاء الايماءة بذلك إلى حيث تجاهل الاميركيون، فهم يعلمون أن الرئيس عون هو الذي وقع الوثيقة وليس باسيل، لذلك طلبوا فك ارتباطه بالحزب، لا بالوثيقة التي هي شأن من وقعها، وهو بدا هنا كمن يبيع معاقبيه من كيس عمه وكأنه يريد تحميله مسؤولية ما جرى له بسبب وثيقة التفاهم الموقعة من جانبه مع الحزب.

أما على صعيد تأليف الحكومة فقد تضمن خطاب باسيل رسالة قاسية الى الرئيس سعد الحريري، ليس لاختلافهما على المداورة في الوزارات، كما المعلن من الاسباب، بل الاساس لقناعة باسيل ان الحريري عقد تفاهمه مع الأميركيين من دونه، ومن هنا كان تسجيله عليه محاولة التفرد بتسمية الوزراء المسيحيين، وبوضع معايير استنسابية لتأليف الحكومة بدلا من ان تكون لكل وزير وزارة، وكأن هذا ليس من مهمات رئيس الحكومة المكلف. وجديد المسار الحكومي ما نقلته مصادر ديبلوماسية اميركية الى صحيفة «الجمهورية» من ان واشنطن، وبعد عبور الاستحقاق الرئاسي الأميركي، تشدد على وجوب الإسراع في تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، وانها تؤيد الجهود الفرنسية المبذولة في هذا الاتجاه «لأن هذه الحكومة اذا لم تؤلف فإن لبنان ذاهب الى وضع خطير». وقالت المصادر ان العاصمة الأميركية لا تربط بين تأليف الحكومة والعقوبات التي فرضت على النائب جبران باسيل وغيره. ويعتقد البعض في بيروت ان المبادرة الفرنسية تبخرت عمليا، وأصبح الفرنسي كاللبناني، ينتظر ما ستؤول اليه الأمور في واشنطن بعد الانتخابات.

كما تلاشت المداورة على صعيد تشكيل الحكومة، حيث اتضح ان مراجعات اسلامية انصبت على الرئيس المكلف كي يتراجع عن ابداله وزارة الداخلية بالخارجية للسُنّة، على ان تناط الأخيرة بأرثوذكسي وسطي مستقل من اجل اعادة تصحيح سياسة لبنان العربية.

في هذا الوقت، قال الرئيس ميشال عون ان بلاده ستظل ملتقى الأشقاء العرب والمكان المناسب لجمع شملهم وإقامة نشاطاتهم ولقاءاتهم، معتبرا أن انعقاد المؤتمر الكشفي العربي لعام 2022 في بيروت دليل على أن لبنان لايزال يضطلع بدور ريادي في محيطه رغم الظروف الصعبة التي يمر بها.

جاء ذلك خلال استقبال الرئيس اللبناني لوزيرة الشباب والرياضة فارتينه أوهانيان عقب عودتها من مصر، حيث تسلمت شعار المؤتمر الكشفي العربي في دورته الـ 30 والذي سيعقد في العاصمة اللبنانية بيروت في ايلول/ سبتمبر 2022، وكذلك استقباله وفد اتحاد كشافة لبنان الذي شارك في أعمال المؤتمر الكشفي العربي الـ 29 الذي استضافته مصر بمدينة شرم الشيخ في شهر سبتمبر الماضي.

الى ذلك، أكد وزير الصحة الدكتور حمد حسن أن استراتيجية الإغلاق الجزئي عبر إقفال بعض المناطق (بلدات وقرى وأحياء) التي تشهد أعدادا مرتفعة في إصابات كورونا لم تنجح في التصدي للوباء، مشيرا إلى أن مسألة الإغلاق العام الكلي محل بحث مكثف من سلطات الدولة اللبنانية مجتمعة، لاسيما أنه سيشكل فرصة للقطاع الصحي للملمة القوى ورفع الجاهزية.

وقال إن مقترح الإغلاق العام سيطرح على اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي سيعقد اليوم.

في المقابل، شدد رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بشارة الأسمر على أن «الإقفال التام سيؤدي إلى نتائج كارثية على العمال والحركة الاقتصادية»، داعيا إلى «التشاور مع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي بهذا الشأن»، وحذر الأسمر من انهيار كامل المنظومة الصحية في لبنان في حال رفعت الحكومة الدعم عن الدواء.