Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر September 3, 2020
A A A
افتتاحية “الأنباء”: شنكر في بيروت بعد ماكرون.. وأديب: سنُشكّل حكومة اختصاصيين
الكاتب: الأنباء

غادر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وحضر مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شنكر، وعلى الطريق أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال ديترو بارولي.

الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب ومصطفى اديب يستقبلون ويولمـــون ويودعــــون، ويسمعون بإصغــاء ولا يصارحون، وهو ما لاحظه ماكرون، ومن هنا كان تقصيره المهل لإنجاز الحلول، تحت وطأة التهديد بتغيير مساره، منبها الى انه لا يعطي شيكا على بياض لأحد.

خريطة الحلول التي اودعها الرئيس الفرنسي قبل مغادرته الى بغداد برسم التنفيذ، تلحظ تشكيل الحكومة خلال 15 يوما من اختصاصيين ومهنيين، وشهرين لتنفيذ الوعود بالإصلاحات بعد تأليف الحكومة التي تشمل الكهرباء والقطاع المصرفي والتدقيق المحاسبي في البنك المركزي ومكافحة التهريب.

في المقابل، اذا اعتمد المعنيون سياسة المماطلة المعتادة، بقصد تأخير تشكيل الحكومة الى ما بعد الانتخابات الأميركية، كما يبدو من الأجواء الإيرانية، فإن مقررات مؤتمر «سيدر» تبقى حبرا على ورق، مع فرض اجراءات عقابية تتراوح بين تعليق الانقاذ المالي، وعقوبات على اركان الطبقة الحاكمة الذين سماهم الرئيس الفرنسي في حديثه الى مجلة «بولوتيكا» الأميركية.

اما في حال التجاوب، فسيبادر ماكرون الى تنظيم مؤتمر دولي في باريس الشهر المقبل، وقد وجهت الدعوات الى الرؤساء عون وبري واديب مباشرة، وقال ماكرون انه عائد الى بيروت في كانون الأول/ ديسمبر المقبل لمعاينة النتائج.

المعارضة الصريحة أعلنها فريق 8 آذار حيال بند الانتخابات النيابية المبكرة، والتي يطالب بها المتظاهرون في الشوارع منذ 17 تشرين الأول/ اكتوبر الماضي، وشملت المعارضة تشريع قانون انتخابات جديد، وفق ما هو وارد في خارطة الطريق الفرنسية، المستخلصة من مشاورات ماكرون الواسعة مع مختلف القوى السياسية، والتي توصي بإجراء انتخابات جديدة في غضون سنة على الأبعد.

وتفرض الخريطة الماكرونية دورا تشاوريا لمنظمات المجتمع المدني والحكومة واستئنافا فوريا للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي خلال 15 يوما، والموافقة سريعا على التدابير الوقائية التي طلبها صندوق النقد، والتدقيق بحسابات مصرف لبنان، واقرار قانون استقلالية القضاء، واجراء التعيينات القضائية والمالية واعطاء هيئة المراقبة على الأسواق المالية والقطاعية بما فيها الكهرباء والاتصالات والطيران المدني.

وأخطر ما في هذه الخريطة الفرنسية الاصلاحات الجمركية وانشاء بوابات رقابة، في مرفأي بيروت وطربلس وفي مطار رفيق الحريري الدولي، وفي نقاط المرور الحدودية، بفترة تمتد من شهر الى 3 اشهر.

ماكرون سئل عن موقف فرنسا من حزب الله، فقال خلال مؤتمره الصحافي الأخير الذي عقده في قصر الصنوبر: ان حزب الله يملك بُعدين: بعدا ارهابيا وهذا مدان، وبعدا سياسيا وهو موجود في النظام السياسي اللبناني، كمنتخب وشريك لحزب الرئاسة اللبنانية وللتحالف.

من جهته، الرئيس سعد الحريري عزا خلال لقاء قصر الصنوبر تزكية مصطفى اديب لتشكيل الحكومة الى حالة الانهيار في البلد، وقال: أنا اتحمل المسؤولية، رغم رفض الكثير في الداخل والخارج، لكن اذا لم تحقق هذه التسمية الاصلاحات فسأسحب دعمي.

أما بالنسبة للزائر الأميركي شينكر فقد استبق وصوله بتصريح صحافي اكد فيه ان واشنطن مع حياد لبنان، وعن مشاركة حزب الله بالحكومة قال: ان حزب الله ليس مهتما بالاصلاح، وهو يفضل بقاء الوضع الراهن والاستمرار في الدفاع عن ايران والتهرب من دفع ضريبة الجمارك التي توفر عائدات للدولة اللبنانية، علما ان هدف شينكر الاساسي ترسيم الحدود البحرية.

وبالعودة الى الاستشارات النيابية التي انتهت أمس، فقد أعلن الرئيس المكلف مصطفى أديب أنه سيسعى الى تشكيل حكومة اختصاصيين لتعالج على نحو سريع ويتسم بالحرفية، الأزمات الحادة التي يعاني منها لبنان، ولاستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي.

وقال أديب: استمعت طوال النهار إلى آراء وأفكار استطيع القول إنها تعطينا زخما كبيرا من أجل السرعة في تأليف الحكومة الجديدة، إذ أقول انه بعد الاستماع إلى كل الآراء أن القواسم المشتركة بين اللبنانيين والتي تجمع بينهم، هي أكبر بكثير من أي نقاط اختلاف، وهذا يؤكد رأيي أن أي نقطة اختلاف ممكن أن تحل بالحوار ما دامت الإيجابيات أكبر بكثير من السلبيات.

وأضاف: المسائل الأساسية التي استحوذت على مجمل الآراء والنقاشات هي السلم الأهلي وضرورة معالجة المشاكل الداهمة والأزمات الاقتصادية والمعيشية والصحية، وكارثة انفجار ميناء بيروت البحري وتداعياتها، والإصلاحات البنيوية الاقتصادية والمالية.

وتابع: نأمل أن نوفق بسرعة في تأليف حكومة تُكوّن فريقا منسجما ينكب على معالجة الملفات الكثيرة أمامنا، فالتحديات داهمة ولا تتحمل التأخير، ولذلك سننطلق من مبدأ أن الحكومة الجديدة يجب أن تكون حكومة اختصاصيين، تعالج بسرعة وحرفية الملفات المطلوبة، وتستعيد ثقة اللبنانيين المقيمين والمغتربين، والمجتمعين العربي والدولي.

وشدد رئيس الوزراء اللبناني المكلف على أنه يتطلع إلى تعاون مثمر مع المجلس النيابي في دراسة وإقرار التشريعات اللازمة لمواكبة عمل الحكومة الإصلاحي.

واتسمت الاستشارات، التي اجريت في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بسبب الاضرار التي لحقت بمجلس النواب والناجمة عن انفجار مرفأ بيروت، بالايجابية، وبدا واضحا من مواقف الكتل النيابية ان الحكومة العتيدة لن يطول أمد تشكيلها.

كما كان واضحـــا أن الاصلاح السياسي والاداري سمة المرحلة المقبلة وسمة عمل الحكومة، ووفق ما أعلن رؤساء الكتل فإن البرنامج الاصلاحي سيبدأ تطبيقه عند نيل الحكومة الثقة وسيكون عنوان البيان الوزاري.

واللافت في اليوم الطويل للاستشارات النيابية هو خروج نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي غرد خارج سرب الدولة المدنية، فانتقد تغييب الطائفة الارثوذكسية عن لقاءات الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر، معتبرا أن الموقف الفرنسي قائم ضد الأرثوذكس منذ اتفاقية «سايكس بيكو»، اما القوات اللبنانية فأعلنت انه يجب على الحكومة ان تكون مع الحياد الكلي، فيما لفت النائب اسامة سعد إلى القول بأن ماكرون قدم البيان الوزاري الفرنسي لحكومة لبنان.

وكان الرئيس المكلف استهل لقاءاته مع الكتل النيابية والنواب المستقلين الذي كان القاسم المشترك بينهم الاسراع في التأليف والاقلاع عن اعتماد النهج القديم بالتمسك بهذه الحقيبة او تلك من قبل هذا الفريق او ذاك.