Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر February 22, 2021
A A A
افتتاحية الأخبار: أزمة التأليف مستعصية
الكاتب: الأخبار

الحكومة مكانك راوح. لا شيء يمكن أن يفرج عنها حالياً. الأهم بالنسبة إلى المعنيين هو تسجيل النقاط. معركة إعلامية تُخاض لتحميل الآخر مسؤولية التعطيل. بعد سعد الحريري حان وقت جبران باسيل.
العقد الحكومية لم تفك ولن تُفك قريباً. في الأساس لا يبدو أن تشكيلها يشكل هاجساً لأحد. أما الإنقاذ، إن كان لا يزال ممكناً، فليس على أجندة أحد. ببساطة، لأنه لا أحد يملك تصوراً واضحاً للوسيلة. حتى الدعم الدولي المرتجى لم يعد يُتوقع أن ينتشل البلد من القاع. ومع ذلك، كل من يُسأل من السياسيين عن الإصلاح، يجيب: لا خيار أمامنا سوى تشكيل الحكومة ثم تنفيذ مطالب المجتمع الدولي. إلى ذلك الحين، لا أحد مستعد للقيام بواجبه. السلطة التشريعية التي يفترض أن تكون شعلة لا تهدأ في هذه الظروف، خاصة أنها الوحيدة القادرة حالياً على العمل، لا تتحرك. كل ذلك يؤشر إلى أن الجميع إما طبّع مع الوضع الراهن أو يستفيد منه. لكن اليوم ليس كالغد ولا كالأمس. كل يوم يمر هو بمثابة خطوة إضافية نحو الانهيار الشامل، إن كان على صعيد سعر الدولار أو على صعيد قيمة الاحتياطي من العملات الأجنبية أو على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. عندما تداعت حكومة حساب دياب إلى الاستنفار وإعداد خطة التعافي، كانت الدنيا بألف خير بالمقارنة مع اليوم. كانت الخطط متفائلة وكان الدولار يفترض أن يحرر باتجاه سعر أكثر واقعية، حينها، يراوح بين 3500 ليرة و4297 خلال السنوات الأربع المقبلة. حتى الرقم الأعلى يبدو حلماً اليوم، مع وصول سعر الدولار إلى ما يقارب عشرة آلاف ليرة.
كل ما تضمنته خطة التعافي الاقتصادي التي قضت عليها المصارف بالتعاون مع زعماء الطوائف صار لم يعد صالحاً اليوم، لكن لا خطط بديلة واضحة. الرئيس المكلّف لا يزال يصرّ على أنه يملك العصا السحرية. أعطوني ستة أشهر، وإذا فشلت حاسبوني. قالها سعد الحريري يوماً ثم انكفأ. لا شيء يوحي بأنه مستعجل التشكيل. إن كان في بيروت فهو لا يغادر بيته ولا يتواصل مع الأفرقاء السياسيين. يقولون إنه يستثمر علاقاته الخارجية لطلب مساعدة لبنان. إن صح ذلك، فإن الخطوة الأولى لا تبدأ إلا بتشكيل الحكومة، لكنه لا يحمل معه أي رؤية لحل الأزمة الحكومية المستعصية. لو كان يريد تشكيل الحكومة فعلاً لكان داوم في بعبدا إلى حين الاتفاق.
رئيس الجمهورية في المقابل ينتظر. يرفض التراجع عن لاءاته. ولذلك تحوّل اللقاء بينهما إلى حدث عابر، أو هدنة. لكن ما ان يخرج الحريري من بعبدا حتى يُستأنف التراشق الإعلامي، ورمي المسؤوليات. بدا لافتاً في اللقاء الأخير أن البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية حرص على التأكيد أن اللقاء حصل بناءً على طلب من الحريري، وعلى التأكيد أنه لم يحمل معه شيئاً جديداً. ببساطة ولّى زمن البروتوكول. حتى الإشارة إلى «استمرار التواصل» لبث الأمل، كما كان يحصل دائماً، لم يعد مهماً.
«المستقبل»: فالج لا تعالج
الردود على باسيل لم تتأخر، لكن أبرزها أتى من صاحب العلاقة، الذي كان طلب منه الإجابة على مبادرته. فاعتبر «تيار المستقبل»، في بيان، أن «مطالعة الوزير السابق جبران باسيل تضمنت كل ما ينطبق عليه جملة وتفصيلاً، فرمى ما عنده وفيه من أسباب الفشل والعرقلة وتعليق العمل بالدستور والكلام عن الغدر والطعن بالظهر وقلة الوفاء على الرئيس سعد الحريري، لتحميله مسؤولية الخلل الذي يعانيه العهد وفريقه السياسي». وجاء في البيان: «الشخص ما زال يقيم في لالا لاند، ويفرض على رئاسة الجمهورية الإقامة الجبرية في الإنكار للمتغيرات التي نشأت بعد 17 تشرين، ويعتبر استقالة الرئيس سعد الحريري وتجاوبه مع الحراك الشعبي ضرباً من ضروب الغدر السياسي».
أضاف: «من المؤسف أن يشهد اللبنانيون من خلال الطحن الكلامي لباسيل، انتقال قرار رئاسة الجمهورية من قصر بعبدا الى سنتر ميرنا الشالوحي، وأن يستمعوا لرئيس الحزب الحاكم كما لو كان الناطق الحصري باسم العهد القوي. لكن المختصر المفيد لكل ما قيل من عجن: مع جبران فالج لا تعالج. بكل الاحوال، ما يعني الرئيس الحريري هو ما يصدر عن رئيس الجمهورية بالمباشر وليس بالواسطة، وما قيل يبقى أضغاث أحلام، مع الاشارة الى أن أحداً لم يعرض على الوزير جبران باسيل الاشتراك بالحكومة، ومحاولته إيهام اللبنانيين بوجود ضغوط عليه للمشاركة، مجرد رواية تثير الضحك».
وختم البيان بالإشارة إلى أن «المحاولة الجارية لتأجيج العصبيات الطائفية لن تنجح يا جبران، مهما سعيت الى دق الأسافين بين المسلمين والمسيحيين».