Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر February 25, 2017
A A A
اعترافات انتحاري: غايتي الصعود الى الفردوس وليس الجنة!
الكاتب: النهار

اعترافات انتحاري الـ”كوستا”: غايتي الصعود الى الفردوس وليس الجنة!
*

تفاصيل القرار الاتهامي في ملفّ انتحاري الـ”كوستا” الذي أصدره قاضي التحقيق الاول في بيروت رياض أبو غيدا الذي أحاله على المحاكمة أمام المحكمة العسكرية الدائمة، مسطّراً مذكرة تحرٍ دائم توصلاً الى معرفة كامل هوية الملقب “ليلو”، وهوية الشخص سائق سيارة الـ”تويوتا” رباعية الدفع، لون جردوني، وأيضا الاستقصاء عن هذه السيارة.

وقائع القرار

– لماذا مقهى “كوستا”؟
لأن روّاده من مناصري حزب الله و”النصارى”.

– ما هي الغاية الدينية التي كانت الدافع لك لتنفيذ العملية الانتحارية؟
للصعود ليس الى الجنة، انما الى الفردوس.

– ما الفارق بين الجنة والفردوس؟
الفردوس أعلى مراتب الجنة.

– تقول أنك بايعت أبو بكر البغدادي خلال تجنيدك. ما العبارات التي استعملتها؟
“اني ابايع امير المؤمنين ابو بكر البغدادي على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وعلى إثرة علي، وان لا انازع الأمر اهله، الا عندما أرى كفرا بواحاً عندي فيه من الله برهان”. وسجلت هذه المبايعة “أوديو” بصوتي وأرسلتها بواسطة التلغرام، وللمزيد من الثقة عدتُ وسجّلتها فيديواً في غرفتي، وأرسلتها الى أميري، ليطمئن اطمئناناً كاملا بصدق نيتي، ولقب هذا الأمير “ليلو”.

تلك هي بعض أجوبة الانتحاري عمر العاصي، رداً على اسئلة قاضي التحقيق العسكري الاول. هذا الانتحاري الذي قبضت عليه مخابرات الجيش بعملية احترافية مُحكَمة، ومسندة الى استقصاءات ومعلومات مخابراتية دقيقة، ضمن النشاط الذي تقوم به لملاحقة التنظيمات الإرهابية بعمليات استباقية. وهذه العملية النوعية أنقذت أرواح العشرات من المواطنين، وجنبّت لبنان كارثة رهيبة وفظيعة.

كيف قُبض على الانتحاري داخل المقهى؟
بناء على معلومات أنّ تنظيم داعش الارهابي سيُنفذ عملية انتحارية بأحد مقاهي بيروت في منطقة الحمراء، من بينها مقهى “كوستا”، كثفت مديرية المخابرات عمليات المراقبة والرصد لكل المقاهي والمحال في المنطقة. وخلال ذلك، اشتبهت عناصر المخابرات في تحركات أحد الاشخاص قرب مقهى “كوستا”، ثم دخوله إليه والجلوس على إحدى الطاولات، وهو ينظر إلى الزبائن الموجودين في شكل غير طبيعي، ثم يقوم بمناداة إحدى العاملات في المقهى ويتحادث معها، وهو يحتسي القهوة والشوكولا، ويستمرّ في النظر حوله، ما حدا بعناصر المخابرات الموجودة بالقيام بعملية القبض عليه بطريقة خاطفة وسريعة ودقيقة، شلًت حركته بتوجيه ضربة على رأسه وتثبيت يديه. وبعد تفتيشه، وُجِد حزام ناسف مربوط الى جسده فجرى تفكيكه من الخبير العسكري وتعطيل مفعوله. ثم نقل الانتحاري الى مستشفى الجامعة الاميركية حيث جرى علاجه، ونقل من بعدها إلى المستشفى العسكري لاستكمال العلاج، وبقي فيها 48 ساعة للمراقبة، ونُظمت تقارير طبية تُفيد أنه بنتيجة التصوير الشعاعي والفحوص السريرية، تبيّن أنّ المدّعى عليه لا يعاني أي كسور أو نزيف، وليس في حاجة إلى معالجة طبية.

علاقته بالمجموعات العسكرية للأسير
لجهة علاقته بالمجموعات العسكرية للشيخ أحمد الأسير، أدلى المدعى عليه انه كان يتردّد منذ العام 2009 الى مسجد بلال بن رباح، والتزم منذ ذلك التاريخ دينياً، وتابع دروساً ومحاضرات للشيخ الأسير، ثم التحق بالمجموعة العسكرية التي يترأسها شاهين سليمان ومعتصم قدورة، وأصيب في معارك عبرا. وخلال العام 2014، التحق بخلايا أمنية تابعة لشاهين سليمان بهدف ضرب سرايا المقاومة وحزب الله والجيش، والامكنة التي يرتادونها ومنها مقهى “هوب هوب”. ولدى انكشاف أمر هذه الخلايا، احرق خطوطه الهاتفية وباع بندقيته من الفلسطيني محمود عبد العزيز.

لجهة انتمائه الى داعش
اعترف المدّعى عليه عمر العاصي بأنه كان يتابع إصدارات داعش ويدخل الى صفحاتهم، محاولاً التواصل مع أمرائهم للالتحاق بهم لاقتناعه بوجوب الجهاد. وفي أوائل العام 2016، أنشأ حساباً عبر “تويتر” اسماه “أبو محمد اللبناني”، وكتب التغريدة الآتية: “نحن نموت في لبنان ذلاً وقهراً، ولم اعد احتمل لأنّ الدولة اللبنانية هي للشيعة والنصارى”، طالباً المساعدة للسفر الى سوريا أو العراق. وجواباً على هذه التغريدة، وصلته رسالة من شخص لقًب نفسه باسم “ليلو”، وطلب من المدّعى عليه إغلاق حسابه عبر “”تويتر” وإنشاء آخر عبر “تلغرام”. وهو ما حصل فعلاً. واطلق على حسابه الجديد اسم “ويسو”.

من هو “ليلو”؟
هو أحد مسؤولي داعش الذي تواصل مع العاصي، ويسأله عن أدق تفاصيل حياته ومكان اقامته والدوافع التي جعلته يطلب الالتحاق بداعش. وعلى حدّ وصف المدّعى عليه، فإن أسئلة “ليلو” تتلخص عن “حياتي كلها”، مضيفاً: “اعتقادي انه رجل أمني ورغم ذلك كان يتابعني دينيا في ما اذا كنت اقوم بفرائض الصلاة والصيام والبرّ بالوالدين. وأفهمني أنّ التقيّد بذلك، فإنك إذا مُتّ تكون طاهراً”.

كيف جنّد “ليلو” المدّعى عليه؟
بداية اقنعه بأنه لا يستطيع مساعدته للانتقال الى سوريا لصعوبة ذلك وخوفاً من اعتقاله. وعرض عليه بدلاً من ذلك القيام بعملية انتحارية في لبنان، فطلب المدعى عليه مهلة للتفكير. ففكًر ووافق مبرراً موافقته بالقول: “سأفوز بالآخرة واحظى بالعزة”، على تعبيره. “إذن عليك يا عمر متابعة حياتك العادية في شكل طبيعي والاستعداد النفسي، ووجوب تقيدك بالسر والكتمان لحين اختيار التاريخ والوقت والمكان”. وبقي التواصل بين الاثنين قائما ومستمراً، ويدور حول الوضع في لبنان وسوريا. وطوال هذا الوقت، “أصبحت أشعر بأني جندي عند “ليلو”، وعلى كامل الاستعداد لتنفيذ ما يطلبه مني.

تفاصيل تحضيرات العملية الانتحارية.
اعترف المدّعى عليه الانتحاري عمر العاصي انه خلال كانون الثاني الماضي، وتحديدا يوم 21 منه، اتصل “ليلو” به بواسطة “تلغرام”، وراح يطمئن إليه في شكل غير عادي. ثم سأله: “هل انت مستعد؟”. اجاب: “نعم”. “إذن قُم بالصلاة ركعتين، والدعاء والبس ثيابك وتوجه الى ملعب “بومب شيك” مقابل جامع الحريري في صيدا، فتجد هناك سيارة رانج روفر تويوتا لون جردوني، وتقول لسائقها كلمة السر وهي “شركة بيبلوس”. وفي حال هزّ السائق رأسه بالإيجاب تُكمل كلمة السر “يللي صبر بيوصل”. وأضاف المدعى عليه: “توجهت الى المكان ، ووجدت السيارة في انتظاري وقلت للسائق عبارة “السلام عليكم”، واردفتها بكلمة السر. فدعاني للصعود الى السيارة. وقال لي عبارة “توكل على رب العالمين”. فصعدت وانطلق بالسيارة مسافة قصيرة ثم توقف ومدّ يده الى المقعد الخلفي وسلًمني حزاما ناسفا طالبا مني ارتداءه. عندها وضعته على خصري تحت سترتي، وساعدني بمدّ السلك على يدي. ووضعت الصاعق في قبضة يدي، وأخبرني أنّه بمجرد سحب الحلقة يتم التفجير خلال خمس ثوان. وافهمني أنّ الهدف هو مطعم “كوستا” في الحمراء. فسألته لماذا “كوستا”؟ أليس الافضل مقراً لحزب الله؟ اجاب: “هذا هو الهدف، وان رواد هذا المقهى اغلبيتهم من مناصري الحزب ومن النصارى”.

الطريق الى الكوستا
غادر السائق الذي سلًمه الحزام الناسف. ووقف المدعى عليه في المحلة حيث صعد في سيارة اجرة نزل منها في محلة خلدة. ثم استقل سيارة اجرة ثانية الى محلة الكولا في بيروت، ومنها سيارة تاكسي الى شارع الحمراء حيث مكان وجود هدف التفجير مقهى “كوستا”. ومن الواضح أنّ هذا الانتقال المتقطع الذي تبعه المدعى عليه من صيدا الى خلدة والكولا والحمراء كان للتمويه والاحتراز.

فشل العملية الانتحارية
اعترافات المدّعى عليه في هذه المرحلة: “وصلت الى مقهى “كوستا” بعدما تمشيت أمامه قليلا. ثم دخلت وطلبت القهوة والشوكولا وتحدثت مع إحدى العاملات قائلاً لها: “كيفك. كيف صحتك”؟ ورحت انظر الى الزبائن واسأل نفسي هل هم فعلا شيعة ومسيحيون؟ وخلال ذلك سمعت اشخاصاً على طاولة قربي، لهجتهم سورية، فحسبت انهم مسلمون سنّة، فقلت في نفسي: “اشرب القهوة يا عمر وانسحب وفجّر نفسك في مطعم آخر”. وفي هذه اللحظات، تعرّضت لضربة قوية على رأسي وسقطت أرضا وكُبلت يداي ثم أُغمي علًي ولم أفق الا في المستشفى على صوت الاطباء حولي”. وسأله قاضي التحقيق: ألم تُحاول تفجير نفسك عند اعتقالك؟ اجاب: “ان الضربة على رأسي افقدتني التوازن للحظات، وبعدها وجدت نفسي مكبّل اليدين ولا استطيع الحركة.

الوصية
– وهل لا تزال لديك النية في تنفيذ عمل ارهابي؟
“اجل وسأحظى بالجنة لقاء ذلك”.

– ومن كان يعلم بالعملية غيرك؟
“لا احد”.

عُرضت عليه صورة الحزام الناسف، وسئل ان كان هو نفسه الذي كان سيفجره؟.
“اجل هو نفسه”.

هل انت من كتب الوصية، او ساعدك احد في كتابتها وبانتقاء كلماتها؟
“وصيتي كتبتها بخطّ يدي، وسجلتها تسجيلا صوتيا، ولم يَعرف بها احد”.

وتبيّن نتيجة الكشف على الكمبيوتر والـ”سي دي” والاجهزة الالكترونية العائدة للمدّعى عليه عمر العاصي فيديو مبايعة المدعى عليه لداعش، وصيته المتضمنة شتم الشيعة والنصارى، صورة الحزام الناسف، فيديوات وتسجيلات صوتية لقيادات داعشية والاسير وأناشيد جهادية.