Beirut weather 17.43 ° C
تاريخ النشر March 6, 2021
A A A
استيقظوا… الناس سيأكلونكم!
الكاتب: راجح خوري - النهار

ليس هناك لا مسؤولية ولا حسّ ولا أخلاق ولا حياء ولا خجل، هناك فقط مجموعة من قراصنة السياسة ومن عصابات النهب التي تشتبك منذ زمن غير بعيد على ما تبقى من جبنة لبنان المعفنة، وكل هذا يتم تحت عنوان بات تافهاً ومهيناً وطنياً وانسانياً، وهو الخلاف الابدي على تشكيل الحكومة، ولكأن هذه الحكومة ستتمكن من ان تغيّر المسار الذي نتقدم عبره وئيداً الى جهنم، التي رأها الرئيس ميشال عون ونبّهنا اليها، ولكأن من مسؤولية الشعب اكتشاف الطريق الى الجنة بدلاً من النار، لا من مسؤولية الذين يمسكون بدفة باخرة التايتانيك الآخذة في الغرق!
لا استطيع التصديق كيف نام المسؤولون من رأس الهرم الى اسفله اول من امس بعدما شاهدوا فصول الفضيحة المخجلة التي عرضتها الشاشات، عندما حصل ذلك الإشتباك المعيب في “سبينس” على علبة حليب مدعومة، ولا ادري بماذا يحس أولئك الوزراء من غير شر الذين سبق ان دقوا طبول “السلة الغذائية” معتبرين انهم توصلوا الى انجاز سيطعم الناس خبزاً.
ولكنني بتّ أقرب الى التصديق، اننا نعيش في غابة من الضواري والوحوش الكاسرة، بعدما اصبح على المواطن الفقير ان يشتري بمبلغ 150 الف ليرة لكي يُسمح له، مثلا، بشراء كيس عدس مدعوم ما يعني انه يوفّر مثلاً خمسين ليرة فقط لا غير، لهذا ليس من المبالغة في شيء القول، اننا واصلون الى حال من العوز والفقر والجوع، لا يمكن ان يعالجها دائماً ذل المواطنين واهانتهم ودفعهم الى الغرق في براميل النفايات بحثاً عن لقمة، وليس من مسؤول فيه حسّ وحياء ودم وخوف من الآتي الأعظم!
لهذا اقول الآتي الأعظم، والآتي هو الذي كان قد رفعه بؤس المواطنين شعاراً مرعباً، لم يقرأه مسؤول ولم يرتعد امامه سياسي وجلاً وخوفاً : “إذا جعنا سنأكلكم”، وها هم الناس، أيها المتقاتلون على الحكومة والفاقدون حسّ المسؤولية ومعناها، بدأوا “يأكلون” بعضهم بعضاً، في حين ترتفع مؤشرات الفوضى وترددات انفجار الجوع والعوز اللذين سيشعلان البلاد، واذا كانت النار تندلع اليوم في الطرقات فقد تندلع غداً في المنازل وحتى في القصور المحمية جيداً!
استفيقوا أيها النائمون فوق حلبة الصراع السياسي، استفيقوا أيها المخدّرون أيها الغائبون عن الوعي، استفيقوا وتذكروا جيداً ان القتال والملاكمة بين المواطنين داخل السوبرماركت على علبة حليب مدعوم، هو دليل على ان المواطن لن يجرؤ غداً على ان يحمل في الطريق ربطة خبز اسعفه الحظ وحصل عليها، لأن جائعاً من المارة سينقضّ عليه ويسلبه إياها عندما يتوقف الدعم، وقد اقترب موعد عجز ودائع الناس في المصارف عن تلبية سياسة الدعم التافهة!
ولماذا سياسة الدعم تافهة، لأنه كان المطلوب سَوق كل السياسيين المشتبه في أنهم نهبوا 400 مليار دولار من البلد، وربطهم عراة تحت الشتاء الى أعمدة الكهرباء في ساحة البرج الى ان يعيدوا الى البلد ما سرقوه!
وهكذا فقط تستقيم حقوق كل اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين.