Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر February 8, 2018
A A A
ريما فرنجيه: إستراتيجية تتحدّى البطالة!
IMG_6879 IMG_6903
<
>

يعاني الشباب وخصوصا في الشرق الأوسط نوعاً من الإحباط والضياع، في ظل أوضاع اقتصادية وظروف مهنية صعبة. في لبنان، تحديات كثيرة تواجه الشباب في سوق العمل بعدما تخطّت نسبة البطالة الـ %35، وفق منظّمة العمل الدولية. في سوق العمل، عقبات جديدة ومهارات حديثة مطلوبة.عصر جديد يطل علينا مع مزايا كثيرة لناحية الاتصالات خصوصاً وهو ما ينتج تحديات أكثر.

“ابحثوا عن جذوركم، وفي الوقت نفسه، افتحوا عيونكم على كل جديد”، يقول البابا فرنسيس لشباب شعوب الأمازون الأصليّة. من قول البابا نستمدّ رسالتنا، التي نستمرّ بحملها في جمعيّة “الميدان”، منذ 12 سنة، خلالها عملنا على مشاريع هدفها الأساسي التنمية المستدامة في منطقتنا. مشاريع تطال كل الميادين: العمل الاجتماعي والإنساني، البيئة، السياحة الريفية والمناطقية، الفن، الرياضة، الصحة والزراعة. ولكن الأهم بالنسبة الينا، التمسك بالأرض عبر تطوير الأرياف التي تشكل %70 من مساحة لبنان، وتوفير فرص عمل في هذه المناطق، وبخاصة للشباب.

التحدّي الأكبر، وعلى مدى سنوات عملنا في “الميدان”، هو في الحفاظ على مواردنا البشرية عبر دعمها وتأهيلها لمهن المستقبل وتحديات العصر المتجددة.

أعيش مع فيرا، ابنتي، التي تبلغ من العمر 10 سنوات، تجربة المدرسة التي تخلق لنا تحدياً للخروج عن إطار المنهج التعليمي، والذي بات في حاجة إلى تطوير يستند الى الدمج بين الكتاب المدرسي والتجارب الحياتية، التي يجب أن يعيشها الطالب لتشكّل أساس معرفته وثقافته.

تخفيف الفروض واستبدالها بحصص رياضية وفنية والعمل التطوّعي الإلزامي، مهارات تشكّل للطالب مساحة للتفكير والحلم بهدف بناء شخصيته وتكوّن له فسحة لتفريغ طاقته وتوسيع أفقه ليستعد لأي تحديات مقبلة.

جيلنا عاش الحرب وحُرم هذه الهوايات، ولو امتلك هذه المكتسبات لكانت ستساعده في تخطي الصعاب. لذا، علينا كأهل ومربّين أن نستخلص من تجربتنا فنحصّن أبناءنا بكل المهارات والفنون ليتميّزوا ويكونوا جاهزين دائماً لتحقيق أحلامهم.

من هنا، وتعاوناً مع وزارة التربية المؤمنة بضرورة تطوير القطاع التربوي، وضعنا استراتيجية وطنية توجيهية لتوظيف الطاقات الشبابية والحدّ من البطالة. واليوم، نطلق مبادرة جديدة هي “Educate to Employ E2E”، “التعليم للتوظيف”، في مدارس الشمال على أمل أن تصل إلى كل المدارس في لبنان.

هدف المبادرة الأساسي هو تحضير الأجيال المقبلة لمتطلبات العمل والحياة بالاستناد إلى إعادة الاعتبار للتعليم المهني، وخصوصا مع التطور التكنولوجي الهائل. تعتمد هذه المبادرة على التوجيه الأكاديمي والمهني وتستهدف الطلاب الثانويين في المدارس الرسمية والخاصة. ولأن التواصل بات أولى المهارات المطلوبة في عصرنا، تتبع المبادرة أحدث برامج المحاكاة الإلكترونية مع كل طالب. يتمّ من خلالها تحديد الاختصاص الأكاديمي الملائم لشخصيته، استعداده النفسي وموهبته.

تتميّز الاستراتيجية التوجيهية بسهولة التطبيق والانتشار، وهي الأولى من نوعها انطلاقاً من أنها نظام متكامل يجمع المؤسسات العامة والخاصة. ونسعى، من خلالها، إلى تقليص الهوّة بين المهارات والمكتسبات العلمية والثقافية من جهة وبين متطلبات سوق العمل الجديد من جهة أخرى، من منطلق لامركزي يعزّز تواجد الشباب في مناطقهم، التي تحتاج إليهم. الاستراتيجية ترتكز على أسس مترابطة يعمل عليها اختصاصيّون محليّون وشركاء عالميّون. وإذا كانت البداية من الشمال إلا أن الهدف هو أن تطال هذه أكبر نسبة من الشباب اللبناني.

مشروع جديد نبني عليه آمالنا ونضع فيه جهودنا بهدف دعم أبنائنا وتمكينهم من بناء مستقبلهم ومستقبل وطننا. كل شبر في لبنان يحتاج إلى كل فرد منا، هذا ما تثبته الأزمات المتفاقمة في لبنان. فلنعد إلى جذورنا ولنفتح أعيننا على كل جديد!
*

   عن جريدة النهار – ريما فرنجيه – مؤسِّسة جمعية الميدان